بيروقراطية عمان الكبرى ..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : ال لي مدير:يا رجل اكتب عن البيروقراطية في مؤسستنا .
فقلت له : حسبنا وحسب الدولة أن فيها مسؤولا مثلك يطلب من الصحافة أن تنتقد الإدارة البيروقراطية في مؤسسته، هذا هو الجديد المطلوب الكتابة عنه..
لكن؛ هل يفكر عقل البلتاجي بذات الطريقة، أكاد أجزم بأنه سيتقمصها لو وجهت إليه هذا التساؤل، وربما يقدم معلومات بدوره عن البيروقراطية المتأصلة في إجراءات الأمانة، والتي لا ينفع معها لا الاستعراض الكلامي ولا حتى الإجراءات الإدارية الخجولة، التي تتوخى "بروباغندا" إعلامية..
صديق؛ خلوق، وهو مهندس وعميد متقاعد، أجزم بأنه لم يتحدث بكلمة واحدة على امتداد عمره إلا وكانت موثوقة صادقة.. اقتضى عمله أن يقوم بمراجعة منطقة من مناطق أمانة عمان، لتصديق أو توقيع قرار صادر عن محكمة، وبعد اصطبار ماراثوني على أبواب ومكاتب في المنطقة التابعة للأمانة، ثم في مكاتب و"دواوين" الصادر والوارد في أقسام وطوابق مبنى الأمانة الرئيسي، ثم العودة الى منطقة "زهران" والانتظار، خرج المهندس بما هو أسوأ من مجرد انطباع عن البيروقراطية المقيتة، التي تسيطر على إجراءات قد يقوم بها موظف واحد عبر شاشة كمبيوتر وفي زمن لا يتجاوز 5 دقائق..!
انسوا عقل البلتاجي واستعراضاته وخلينا نحكي بالعقل ..
الله العليم؛ في عام 2005 كان عدد موظفي الأمانة أقل من 10 آلاف "خوف الله"،ورغم التنظير حول الهيكلة والتحرر من البيروقراطية خلال العقد الماضي، ارتفع عدد الموظفين اليوم الى أكثر من 22 ألف، وجرت إصلاحات إدارية عادلة، حيث تم إلزام الموظفين بالدوام الكامل والبصمة ..الخ، فأصبحت الغرف في المبنى الرئيسي وبعض المناطق التابعة للأمانة تشبه علب السردين، كناية عن اكتظاظ الموظفين والمكاتب والكراسي والمراجعين، والمهم هنا العدالة، حيث يقول الشعار:"يجب على الجميع أن يعمل، وما في حدا أحسن من حدا.."
فالجميع يعمل إذا:
معك كتاب ما، تريد توقيعه من منطقة من مناطق الأمانة، فيتم الإجراء الأول: روح على المديرية في المبنى الرئيس في راس العين، "بتروح" هناك، فيقولون لك إبدأ من ديوان القسم، وذلك بعد أن يقوم كل الموظفين بالاطلاع على الكتاب بنظرة المتمعن الخبير "الجميع يعمل كما قلنا"، وتذهب لديوان القسم، فتمر الورقة على كل الموظفين فيه، ثم يقال لك إذهب أولا الى الديوان الرئيس..هيو تحت عند الرسبشن، فتمر الورقة بين معظم الأيادي العاملة هناك، ثم يقال لك روح صور الكتاب 10 طعش نسخة، فتقف على الدور وتحوز على النسخ كلها، وتعود للرسبشن ثم الديوان الرئيسي، وتمر النسخ ال10طعش على الموظفين الألف طعش، وكلهم يعملون ويقارنون الصور بالأصل، وتأخذ رقم "وارد"، ثم تعود لديوان القسم، تطلع فوق يعني، وتفاجأ بأن لا أحد موجودا، تسأل عن الشعب الذي كان محتشدا هنا قبل قليل، فيقال لك "وكت صلاة"، وبعد انتظار يأتون ويباشرون النظر للورق، ثم يهتدون الى معرفة السر الكامن، فيقال لك هاي عند الموظفة الفلانية، تتنفس الصعداء، وتذهب الى مكتبها ولا تجدها، "أخذت مغادرة قبل شوي..بس لو انك استعجلت شوي الله يسامحك"..
تغضب، ترفع عقيرتك بالغناء للإدارات الرشيقة، وتراقص الحكومات الذكية على أنغام اللامركزية، وتفاجأ بأن الموظفة تجلس على مكتبها ! فهي لم تغادر، لكنها كانت تعتني بأمر ما "معلش يعني"، فتقول لك استعجل روح على رئيس القسم قبل ما يروح ع الاجتماع، فااا "بتروح" وتكتشف أن رئيس القسم لم يحضر اليوم الى المكتب! والله اجتماعات برا الأمانة من الصبح، الله يعينه ..
ولا تنتهي الدوامة في المبنى الرئيسي، حتى تعود بذات التفاصيل في المنطقة التابعة للأمانة التي زرتها في الصباح الباكر، وتعود لتلقى المسؤول غادر لحضور جنازة ..لكن كما ترى الجميع يعملون، ويراقبون بعضهم :أنا قمت بدوري هلا دورك، انت أصلا ما مسكت ولا كتاب لحد الآن، العدالة تتطلب يا عمي أن يعمل الجميع و"ما حدا على راسه ريشه"
الجميع يجب أن يمسك الورقة نفسها ويتم استنساخ نسخ عنها لتكفي الجميع..فالجميع يعمل، أما وقت وعمل وعقل المواطن، فيجب أن يلحق بالمدير، ويقوم بالواجب بدوره ويخرج للمشاركة في الجنازة.. إذهب وقل للناس:الله يرحم غاليكو..ليجيبك نفر من أهل الميت:
شكّر الله سعيكم..
فقلت له : حسبنا وحسب الدولة أن فيها مسؤولا مثلك يطلب من الصحافة أن تنتقد الإدارة البيروقراطية في مؤسسته، هذا هو الجديد المطلوب الكتابة عنه..
لكن؛ هل يفكر عقل البلتاجي بذات الطريقة، أكاد أجزم بأنه سيتقمصها لو وجهت إليه هذا التساؤل، وربما يقدم معلومات بدوره عن البيروقراطية المتأصلة في إجراءات الأمانة، والتي لا ينفع معها لا الاستعراض الكلامي ولا حتى الإجراءات الإدارية الخجولة، التي تتوخى "بروباغندا" إعلامية..
صديق؛ خلوق، وهو مهندس وعميد متقاعد، أجزم بأنه لم يتحدث بكلمة واحدة على امتداد عمره إلا وكانت موثوقة صادقة.. اقتضى عمله أن يقوم بمراجعة منطقة من مناطق أمانة عمان، لتصديق أو توقيع قرار صادر عن محكمة، وبعد اصطبار ماراثوني على أبواب ومكاتب في المنطقة التابعة للأمانة، ثم في مكاتب و"دواوين" الصادر والوارد في أقسام وطوابق مبنى الأمانة الرئيسي، ثم العودة الى منطقة "زهران" والانتظار، خرج المهندس بما هو أسوأ من مجرد انطباع عن البيروقراطية المقيتة، التي تسيطر على إجراءات قد يقوم بها موظف واحد عبر شاشة كمبيوتر وفي زمن لا يتجاوز 5 دقائق..!
انسوا عقل البلتاجي واستعراضاته وخلينا نحكي بالعقل ..
الله العليم؛ في عام 2005 كان عدد موظفي الأمانة أقل من 10 آلاف "خوف الله"،ورغم التنظير حول الهيكلة والتحرر من البيروقراطية خلال العقد الماضي، ارتفع عدد الموظفين اليوم الى أكثر من 22 ألف، وجرت إصلاحات إدارية عادلة، حيث تم إلزام الموظفين بالدوام الكامل والبصمة ..الخ، فأصبحت الغرف في المبنى الرئيسي وبعض المناطق التابعة للأمانة تشبه علب السردين، كناية عن اكتظاظ الموظفين والمكاتب والكراسي والمراجعين، والمهم هنا العدالة، حيث يقول الشعار:"يجب على الجميع أن يعمل، وما في حدا أحسن من حدا.."
فالجميع يعمل إذا:
معك كتاب ما، تريد توقيعه من منطقة من مناطق الأمانة، فيتم الإجراء الأول: روح على المديرية في المبنى الرئيس في راس العين، "بتروح" هناك، فيقولون لك إبدأ من ديوان القسم، وذلك بعد أن يقوم كل الموظفين بالاطلاع على الكتاب بنظرة المتمعن الخبير "الجميع يعمل كما قلنا"، وتذهب لديوان القسم، فتمر الورقة على كل الموظفين فيه، ثم يقال لك إذهب أولا الى الديوان الرئيس..هيو تحت عند الرسبشن، فتمر الورقة بين معظم الأيادي العاملة هناك، ثم يقال لك روح صور الكتاب 10 طعش نسخة، فتقف على الدور وتحوز على النسخ كلها، وتعود للرسبشن ثم الديوان الرئيسي، وتمر النسخ ال10طعش على الموظفين الألف طعش، وكلهم يعملون ويقارنون الصور بالأصل، وتأخذ رقم "وارد"، ثم تعود لديوان القسم، تطلع فوق يعني، وتفاجأ بأن لا أحد موجودا، تسأل عن الشعب الذي كان محتشدا هنا قبل قليل، فيقال لك "وكت صلاة"، وبعد انتظار يأتون ويباشرون النظر للورق، ثم يهتدون الى معرفة السر الكامن، فيقال لك هاي عند الموظفة الفلانية، تتنفس الصعداء، وتذهب الى مكتبها ولا تجدها، "أخذت مغادرة قبل شوي..بس لو انك استعجلت شوي الله يسامحك"..
تغضب، ترفع عقيرتك بالغناء للإدارات الرشيقة، وتراقص الحكومات الذكية على أنغام اللامركزية، وتفاجأ بأن الموظفة تجلس على مكتبها ! فهي لم تغادر، لكنها كانت تعتني بأمر ما "معلش يعني"، فتقول لك استعجل روح على رئيس القسم قبل ما يروح ع الاجتماع، فااا "بتروح" وتكتشف أن رئيس القسم لم يحضر اليوم الى المكتب! والله اجتماعات برا الأمانة من الصبح، الله يعينه ..
ولا تنتهي الدوامة في المبنى الرئيسي، حتى تعود بذات التفاصيل في المنطقة التابعة للأمانة التي زرتها في الصباح الباكر، وتعود لتلقى المسؤول غادر لحضور جنازة ..لكن كما ترى الجميع يعملون، ويراقبون بعضهم :أنا قمت بدوري هلا دورك، انت أصلا ما مسكت ولا كتاب لحد الآن، العدالة تتطلب يا عمي أن يعمل الجميع و"ما حدا على راسه ريشه"
الجميع يجب أن يمسك الورقة نفسها ويتم استنساخ نسخ عنها لتكفي الجميع..فالجميع يعمل، أما وقت وعمل وعقل المواطن، فيجب أن يلحق بالمدير، ويقوم بالواجب بدوره ويخرج للمشاركة في الجنازة.. إذهب وقل للناس:الله يرحم غاليكو..ليجيبك نفر من أهل الميت:
شكّر الله سعيكم..