القيصر الروسي يسعى لاستعادة أمجاده التاريخية
محمد سلمان القضاة
جو 24 : لا نريد نَدْبَ حظنا ولا جَلد ذاتِنا، فنحن متفقون أننا أمة العرب والإسلام أمة صاحبة أمجاد تاريخية، وربما تفتخر بها الإنسانية، ذلك بحسب ما هو مدوّن في أمهات الكتب ومحفور في ذاكرة الأمم ومكنوزٌ في متاحفها وفي بطونها.
ولكن الحال قد تغيرت بعد أن جزّأنا المُجزأ وقسّمنا المُقسّم، حتى صرنا غنيمة سهلة، فتكالبت علينا الأمم. والغريب أننا نلعن الأمم التي تستعمر بلادنا وتقصفنا وتسفح دماء أطفالنا اليوم، لِنصطفَّ على أبواب سفاراتها في البوم التالي، توسّلا لتأشيرة قد تقود إلى جواز سفر أجنبي!
معذرة على هذا التقديم الذي لا بد منه، ولكن مقالتنا تتحدث عن الأهداف التي يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تحقيقها في بلادنا وعلى حساب أمجاد أمتنا ومفاخرها التي تغنينا بها في مقدمتنا المتواضعة.
الدب الروسي يجيئ إلينا بثوب القيصر لاهثا لملء الفراغ الذي بدأ يتركه العم سام، ممثلا بالرئيس الأميركي باراك أوباما وفي إستراتيجيته العقيمة بالشرق الأوسط، والتي أدت إلى تراجع الدور الريادي لأميركا في العالم. نجم الأميركيين على المسرح العالمي بدأ بالأفول وشمس العم سام تميل للغروب، بينما قمر الروس بدأ يرسل بومضات ضيائه إلى كل أجواء الميادين ولياليها.
القيصر الروسي يسعى جاهدا لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية، وذلك من خلال بسط نفوذه على منطقة الشرق الأوسط برمتها، وبما تمثله من موقع جغرافي وسياسي واقتصادي في قلب العالم، فهو دخل إلى بلاد العرب والمسلمين وقد أحضر معه الكثير من أسلحته المتطورة، الخفيفة منها والثقيلة، وبدأ ينشئ مزيدا من القواعد العسكرية.
كما أن الدب الروسي يحلم بالسيطرة على مواطن الغاز المكتشفة حديثا على السواحل السورية العربية، وَيْحَكَ أيها الدب الروسي، ألا يكفيك ما لديك من غاز، وألا يكفيك تحكّمك بشتاء أوروبا كلها عن طريق إمدادها بالغاز الروسي! وآهٍ ثم آهٍ يا أمة العرب، فكم هو حظّك عاثر في غاز العرب، وكم هو متعسر في بترول العرب!
فروسيا خرجت من الشرق الأوسط رغما عنها في 1973 في أعقاب انتصار العرب على إسرائيل في حرب تشرين أو أكتوبر أو رمضان، ولكن موسكو تعود اليوم لتعقد اتفاقا لإنشاء محطة نووية في شمالي مصر من خلال قرض لخمسة وثلاثين عاما، وذلك بالتزامن مع بيع موسكو صفقة أسلحة لنظام السيسي بملياري دولار، كما تعقد روسيا اتفاقا نوويا آخر مع نظام الطاغية السوري لتشييد منشأتين نوويتين في بلاد الشام. وكل هذا يُعني أن روسيا قادمة إلى بلادنا لكي تبقى فيها إلى أمد بعيد.
وأما حكاية أن بوتين قادم لدعم نظام الطاغية الأسد، فهذه ما يسمونها بالإنجليزية "باي برودَكْتْ" By-Product، أي كشرائنا اللحم، فيقوم الجزار بإضافة قليل من الشحم تلقائيا، وبلا مقابل. فبوتين لا يهمه بقي الأسد أو غار، أو إلى وكره الخَرِب قد ولّى وطار. فالرئيس الروسي قادم لأهداف أكثر سُموا وأكثر نبالة وأبعد أُفُقاً، قادم لتحقيق أحلامه باستعادة أمجاد أجداده القياصرة، ألا تلاحظون كيف يتنمّق القيصر في لباسه، وكيف يتبختر في مِشيته!
ثم إذا كان القيصر الروسي قادم إلى الشرق الأوسط لمجرد "إذلال" الأميركيين، فلقد تحقق له ذلك، ولقد أكمل إنجاز المهمة، لكنه قادم هنا ليقيم بين ظهرانينا أجيالا وأجيال.
ثم ألا تلاحظون كيف تقاطر بعض قادة المنطقة إلى زيارة القيصر في قصره بالكرملين في موسكو، بدءا بالسيسي ومرورا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيرهما، وأما المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، فالدب الروسي هو من زحف إليه في عرينه، ذلك أنه السند الوحيد الذي يحمل خريطة كنز الشرق الأوسط التي يمكن أن تقود الدب إلى مآربه، فإيران هي من قادت أميركا إلى بغداد في العراق وإلى كابل في أفغانستان من قبل. وأما قادة المنطقة الآخرون فتقاطروا إلى موسكو كي يسمعوا من الدب الروسي شيئا عن مصير مستقبل بلدانهم في مستقبل الأيام في المنطقة.
بقي القول إن بوتين صرّح في أكثر من مناسبة أن انهيار الاتحاد السوفياتي السابق كان أمرا "مُخزيا ومُهينا"، ولذا فهو قادم إلى الشرق الأوسط بعد أن فتح له أوباما الباب على مصراعيه، جاء مُنقذا روسيا من يأسها وبؤسها وعزلتها وانخفاض سعر عملتها، ومن هنا نرى مدى غضب الدب الروسي على السلطان التركي لأنه أسقط طائرته الحربية وجرح كبريائه في مثل هذه النشوة في هذه اللحظات القيصرية التاريخية.
بقي القول إن القيصر عائدٌ لاستعادة أمجاد أجداده التاريخية، فأين قادة أمتنا من أمجاد أجدادنا في بلادنا يا ترى؟!
ولكن الحال قد تغيرت بعد أن جزّأنا المُجزأ وقسّمنا المُقسّم، حتى صرنا غنيمة سهلة، فتكالبت علينا الأمم. والغريب أننا نلعن الأمم التي تستعمر بلادنا وتقصفنا وتسفح دماء أطفالنا اليوم، لِنصطفَّ على أبواب سفاراتها في البوم التالي، توسّلا لتأشيرة قد تقود إلى جواز سفر أجنبي!
معذرة على هذا التقديم الذي لا بد منه، ولكن مقالتنا تتحدث عن الأهداف التي يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تحقيقها في بلادنا وعلى حساب أمجاد أمتنا ومفاخرها التي تغنينا بها في مقدمتنا المتواضعة.
الدب الروسي يجيئ إلينا بثوب القيصر لاهثا لملء الفراغ الذي بدأ يتركه العم سام، ممثلا بالرئيس الأميركي باراك أوباما وفي إستراتيجيته العقيمة بالشرق الأوسط، والتي أدت إلى تراجع الدور الريادي لأميركا في العالم. نجم الأميركيين على المسرح العالمي بدأ بالأفول وشمس العم سام تميل للغروب، بينما قمر الروس بدأ يرسل بومضات ضيائه إلى كل أجواء الميادين ولياليها.
القيصر الروسي يسعى جاهدا لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية، وذلك من خلال بسط نفوذه على منطقة الشرق الأوسط برمتها، وبما تمثله من موقع جغرافي وسياسي واقتصادي في قلب العالم، فهو دخل إلى بلاد العرب والمسلمين وقد أحضر معه الكثير من أسلحته المتطورة، الخفيفة منها والثقيلة، وبدأ ينشئ مزيدا من القواعد العسكرية.
كما أن الدب الروسي يحلم بالسيطرة على مواطن الغاز المكتشفة حديثا على السواحل السورية العربية، وَيْحَكَ أيها الدب الروسي، ألا يكفيك ما لديك من غاز، وألا يكفيك تحكّمك بشتاء أوروبا كلها عن طريق إمدادها بالغاز الروسي! وآهٍ ثم آهٍ يا أمة العرب، فكم هو حظّك عاثر في غاز العرب، وكم هو متعسر في بترول العرب!
فروسيا خرجت من الشرق الأوسط رغما عنها في 1973 في أعقاب انتصار العرب على إسرائيل في حرب تشرين أو أكتوبر أو رمضان، ولكن موسكو تعود اليوم لتعقد اتفاقا لإنشاء محطة نووية في شمالي مصر من خلال قرض لخمسة وثلاثين عاما، وذلك بالتزامن مع بيع موسكو صفقة أسلحة لنظام السيسي بملياري دولار، كما تعقد روسيا اتفاقا نوويا آخر مع نظام الطاغية السوري لتشييد منشأتين نوويتين في بلاد الشام. وكل هذا يُعني أن روسيا قادمة إلى بلادنا لكي تبقى فيها إلى أمد بعيد.
وأما حكاية أن بوتين قادم لدعم نظام الطاغية الأسد، فهذه ما يسمونها بالإنجليزية "باي برودَكْتْ" By-Product، أي كشرائنا اللحم، فيقوم الجزار بإضافة قليل من الشحم تلقائيا، وبلا مقابل. فبوتين لا يهمه بقي الأسد أو غار، أو إلى وكره الخَرِب قد ولّى وطار. فالرئيس الروسي قادم لأهداف أكثر سُموا وأكثر نبالة وأبعد أُفُقاً، قادم لتحقيق أحلامه باستعادة أمجاد أجداده القياصرة، ألا تلاحظون كيف يتنمّق القيصر في لباسه، وكيف يتبختر في مِشيته!
ثم إذا كان القيصر الروسي قادم إلى الشرق الأوسط لمجرد "إذلال" الأميركيين، فلقد تحقق له ذلك، ولقد أكمل إنجاز المهمة، لكنه قادم هنا ليقيم بين ظهرانينا أجيالا وأجيال.
ثم ألا تلاحظون كيف تقاطر بعض قادة المنطقة إلى زيارة القيصر في قصره بالكرملين في موسكو، بدءا بالسيسي ومرورا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيرهما، وأما المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، فالدب الروسي هو من زحف إليه في عرينه، ذلك أنه السند الوحيد الذي يحمل خريطة كنز الشرق الأوسط التي يمكن أن تقود الدب إلى مآربه، فإيران هي من قادت أميركا إلى بغداد في العراق وإلى كابل في أفغانستان من قبل. وأما قادة المنطقة الآخرون فتقاطروا إلى موسكو كي يسمعوا من الدب الروسي شيئا عن مصير مستقبل بلدانهم في مستقبل الأيام في المنطقة.
بقي القول إن بوتين صرّح في أكثر من مناسبة أن انهيار الاتحاد السوفياتي السابق كان أمرا "مُخزيا ومُهينا"، ولذا فهو قادم إلى الشرق الأوسط بعد أن فتح له أوباما الباب على مصراعيه، جاء مُنقذا روسيا من يأسها وبؤسها وعزلتها وانخفاض سعر عملتها، ومن هنا نرى مدى غضب الدب الروسي على السلطان التركي لأنه أسقط طائرته الحربية وجرح كبريائه في مثل هذه النشوة في هذه اللحظات القيصرية التاريخية.
بقي القول إن القيصر عائدٌ لاستعادة أمجاد أجداده التاريخية، فأين قادة أمتنا من أمجاد أجدادنا في بلادنا يا ترى؟!