2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

صدى اتفاق النووي وهل إيران صديق أم عدو؟

محمد سلمان القضاة
جو 24 :

هل تشكل إيران بالفعل خطرا داهما على دول المنطقة؟ أم هل تسعى الولايات المتحدة الأميركية فعلا إلى لجم إيران وإجبارها على إيقاف طموحاتها النووية؟ وهل بدأت إسرائيل تستشعرخطر الوحش النووي الإيراني المفترض والذي تراه إسرائيل بأنه يهدد بمحوها عن الخارطة؟ وهل تسعى تل أبيب حقيقة لشن هجمات جوية متواصلة ومفاجئة ضد مختلف المنشآت النووية الإيرانية دفعة واحدة؟

وهل ستشارك دول عربية في حرب ضد إيران في ما لو اندلعت؟ وماذا عن الدور التركي من المعادلة الحربية المفترضة؟ وكيف يمكن للطائرات الإسرائيلة الوصول إلى أهدافها الإيرانية في ظل المسافة الجوية بين أقصى شرق إسرائيل وأقصى غرب إيران، فما بالكم بأقصى شرق الأخيرة؟ وهل فعلا هناك غواصات إسرائيلية ترابط أو تقوم بأعمال الدورية "التحتمائية" قرب السواحل الإيرانية وتحديدا في مياه الخليج العربي؟

ومن أين تمر يا ترى؟ أَمِن تحت أقدامنا؟ وماذا عن السيناريوهات والمسارات المفترضة التي يمكن أن تتبعها المقاتلات الإسرائيلية في خطة تل أبيب لشن هجمات عسكرية جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية؟

وماذا تقول بعض دول الجوار أو ما بعد الجوار الإيراني يا ترى؟ وهل يمكن لإسرائيل اتخاذ خطوة عسكرية ضد إيران دون أخذ الضوء الأخضر الأميركي؟ وهل فعلا تجازف إدارة أوباما بحرب جديدة مفاجئة بعد أن أغلق الرئيس الأميركي أوباما-أو يكاد- ملف الحربين على العراق وأفغانستان، وبعد أن تردد في توجيه ضربة لنظام الطاغية السوري، برغم انتهاك الأخير لكل القيم الإنسانية واستخدامه الأسلحة الكيميائية ضد أطفال سوريا رغم كل التهديدات الأميركية ووسط صمت عالم رهيب؟

وماذا عن اتفاق النووي الإيراني بين إيران ومجموعة "5+1" كل من (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا إضافة إلى ألمانيا)؟.

لكن في المقابل،هل نصدق ما يذهب إليه البعض في كون العلاقات الإيرانية الأميركية أو حتى الإيرانية الأميركية الإسرائيلية موجودة "من تحت الطاولة أو في ما وراء الكواليس" وأنها على خير ما يرام بدعوى قيام إيران بدعم ومساعدة الولايات المتحدة لاحتلال العراق ومن قبلها أفغانستان؟ وهل يا ترى حال العرب أو بعض الدول العربية كمن هو واقع بين فكي كماشة إيرانية إسرائيلية؟ أم أن بني جلدتنا هم ما بين السندان الأميركي والمطرقة الإسرائيلية؟ أم أن العرب وإسرائيل يمكنهم أن يتذكروا الآن أنهم أبناء إبراهيم، عليه السلام؟ وخاصة في ظل بدء ذوبان الجليد في العلاقات الأميركية الإيرانية بعد أكثر من ثلاثين عاما من الجمود والعداء المستحكم.

وهل فرضت إيران وجودها فعلا في نادي الأسلحة النووية، شاء من شاء وأبى من أبى بالرغم من إعلانها في أكثر من مناسبة عن كون برنامجها النووي هو للأغراض السلمية؟ وهل يمكن لتركيا الوقوف ضد إيران، في حال قررت الأخيرة الزحف وبسط نفوذها على المنطقة برمتها؟

وهل تشتعل حرب إسلامية إسلامية طاحنة بين شيعة وسنة من خلال فتن إسرائيلية أميركية بريطانية على وجه الخصوص؟ أين الدول العربية من كل هذا؟ وهل لا تزال دول المنطقة تراهن في شعبيتها على مدى متاجرتها بالقضية الفلسطينية؟

أسئلة كهذه وأكثر تدور في أدمغة الجميع سوى من لم يعد يهمهم احتراق الشعب السوري أو تصويب قناصة الطاغية الأسد ومرتزقته وشبيحته رصاص بنادقهم صوب بطون الحوامل من الحرائر السوريات، ومن لهم يعد يعنيهم إن تزلزلت إيران أو زلزلت هي المنطقة وكل الدنيا!

وللإجابة على هكذا أسئلة وغيرها فقد قلنا قبل سنوات إن إيران لا تشكل خطرا على الدول العربية أوعلى دول الجوار، ودليل ذلك أنها موجودة في الجوار منذ الزمان الغابر، وأما الولايات المتحدة فتحاول مد يدها الدبلوماسية إلى إيران، ولكن ذراعها العسكري الإسرائيلي يأبى ذلك، حيث ترفض تل أبيب أي غزل بين واشنطن وطهران، وذلك ليس بدافع الغيرة ولكن بدافع الخوف من المستقبل أو حتى من المجهول.

ويبدو أن أوباما لا يمانع في امتلاك إيران لأسلحة نووية شريطة تفاهمها مع العم سام أو الولايات المتحدة "على الحِلوة والمُرَّة"، أو بشأن المصالح الإستراتيجية المشتركة في المنطقة وفي أفغانستان وبلاد القوقاز ومناطق أخرى. كل ذلك شريطة عدم مساس إيران بأمن إسرائيل في المقام الأول. لكن المعادلات الآن اختلفت واختلطت بعد اتفاق النووي بجنيف.

ومع تحفظنا على كل ما قلنا فيما مضى، فإننا اليوم نقولها جهارا نهارا إن إيران ليست فقط تستعدي شعوب المنطقة برمتها، بل إنها تتفنن في تقتيل وتذبيح أبناء وبنات وأطفال الشعب العربي السوري السنة بشتى أصناف الأسلحة الفتاكة. فإيران والحال هذه عدو، بل عدو شرس خداع ماكر وممعن بسفك الدم السوري، وإيران لن تفلت من خطيئة هذ الدم المسفوح في سوريا إن عاجلا أو آجلا، فهي إذا كانت تلطم وتجلد ظهرها نَدَمَا على عدم نصرتها لجدنا الحسين عليه السلام، فالتاريخ ربما سيجعلها تلطم وتجلد ظهرها أيضا على إيغالها بدم أطفال السنة في سوريا.

ولقد بدأت إسرائيل تستشعر الخطر الإيراني الداهم أكثر ما يكون وأكثر من أي وقت مضى، وخاصة بعد أن فقد "أبناء جدنا إبراهيم" نفوذهم داخل الولايات المتحدة في عهد إدارة أوباما، وهي الإدارة التي فقدت بدورها البوصلة، فأدارت ظهرها لحلفائها، عربهم وعجمهم على حد سواء.

هذا الأوباما هو الرئيس الذي يصفه مراقبون ومحللون بالرئيس الأميركي الأضعف، والذي يرون أنه "استسلم متذللا أو ذليلا" أمام سحر الابتسامة الإيرانية في جنيف، ومن بين أولئك المراقبين والمحللين من هو من بني جلدة العم سام نفسه، كالسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، فبولتون يصف أوباما بأنه أسهم في تراجع دور الولايات المتحدة على المستوى الدولي، وبأنه أظهر الضعف والذل لإيران في جنيف من أجل أن تخرج إدارته بصفقة بائسة مهينة ذات وجهين، الجيد منهما لإيران والسيئ للولايات المتحدة وحلفائها.

وهنا نقول، وكأن سحر ابتسامة الرئيس الإيراني حسن روحاني أتت أًكُلها على المسرح الدولي، فأسهمت في تخدير أو شل دماغ العم سام وأصدقاء وحلفاء العم سام القدامى والجدد على حد سواء، وذلك على عكس قرقعات السيوف التي استلها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

وبرغم عدم انطلاء سحر الابتسامات والخِداع الإيراني على إسرائيل والسعودية على وجه الخصوص، فإن سحر اللوبي الإسرائيلي نفسه انقلب على الساحر، فهذا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صار يهذي ويضرب "أخماسا في أسداس" وذلك في أعقاب الاتفاق بين واشنطن وطهران بجنيف، خاصة وهو يرى أن إيران تسعى للحصول على أسلحة نووية، بينما يصر هو على حرمانها من هذا الحق.

نعم،إسرائيل تسعى ربما مضطرة لشن هجمات جوية وحتى بحرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، ونعم قد تشارك دول عربية في حرب ضد إيران في ما لو اندلعت، فالعرب الأحرار والعالم الإسلامي لن يتركوا السعودية والحجاز ومهبط الوحي فريسة للأطماع الإيرانية أبدا.

وأما كيفية وصول إسرائيل إلى أهدافها الإيرانية، فقد سبق لصحيفة صنداي تايمز البريطانية الكشف في أواخر مايو/أيار 2010 عن أن تل أبيب قررت نشر ثلاث غواصات إسرائيلية ألمانية الصنع مزودة بصواريخ نووية في مياه الخليج بالقرب من السواحل الإيرانية، موضحة أن هدف نشر تلك الغواصات يتمثل في محاولة ردع الإيرانيين وجمع معلومات استخبارية ونقل عملاء تابعين لجهاز المخابرات الإسرائيلية (موساد) عند الضرورة.

وأما بشأن المسارات الجوية المحتملة للطيران الإسرائيلي لضرب إيران، فقد زعمت صحيفة ذي تايمز البريطانية في 12 يونيو/حزيران 2010 أن المملكة العربية السعودية وافقت على السماح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي لضرب المواقع النووية الإيرانية، لكن السعودية نفت هذا الخبر في اليوم التالي جملة وتفصيلا.

ذاك كان في عام 2010م، لكن ذات الصحيفة البريطاينة قالت قبل أيام -ونحن في عام 2013م- إن ثمة اتصالات سرية تجري بين الموساد الإسرائيلي والسعودية، وذلك بهدف سماح السعودية للمقاتلات الإسرائلية بالمجال الجوي، وذلك في حال قررت تل أبيب قصف المنشآت النووية الإيرانية، لكن السعودية نفت هذه الأنباء أيضا مجددا جملة وتفصيلا.

ولكن ماذا عن تركيا، فهل تسمح أنقرة لتل أبيب بضرب نووي طهران عبر المجال الجوي التركي، ذلك ربما أمر مستبعد، ولكن قد لا يكون مستحيلا، وخاصة إذا توقفت السعودية عن دعم انقلاب العسكر في مصر، وعاد مرسي إلى سدة الحكم وشعر أردوغان بروح الانتصار لضحايا مجزرة رابعة والنهضة المصريتين. فعند إذ، قد تفعلها تركيا من أجل عيون السعوديين وليس عيون الإسرائيليين. نقول ربما!

وكنا قبل سنوات قلنا إن إسرائيل لن تجازف بتوجيه ضربة جوية ضد نووي إيران ما لم تحصل على ضوء أخضر أميركي، ولكن حال إسرائيل اليوم اختلف، فهي بدأت تستشعر خطر الوحش النووي الإيراني الحقيقي، وخاصة بعد الخديعة التي لقيتها إسرائيل من حليفتها الأميركية الكبرى في عهد الرئيس أوباما، ولا ننسى الخلاف المحتدم والمتنامي منذ سنوات بين نتنياهو وأوباما، ومن هنا فإن حال إسرائيل باتت يُرثى لها، ومن هنا ربما أيضا يرى بولتون أن توجيه إسرائيل ضربة جوية صاعقة للمنشآت النووية الإيرانية بات أمرا ضروريا، وذلك مخافة أن تسعى إيران بأسلحتها النووية المنتظرة إلى محو إسرائيل من على الخارطة.

وأما الولايات المتحدة فهي تحاول الدفاع عن اتفاقها مع إيران، وهي بنفس الوقت تحاول طمأنة حلفائها، ومن بينهم إسرائيل والسعودية، إزاء خطر النووي الإيراني، ولكن إذا ما قررت إسرائيل الهجوم على نووي إيران فإن الولايات المتحدة لن تتركها تقاتل لوحدها، ولن يقول الأميركيون لنتنياهو أو أي قائد إسرائيلي آخر على شاكلته "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون"، حيث يمكنها القيام بعمليات إسناد من خلال قواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة والمياه الإقليمة.

وباختصار، فإن المراقبين والمحللين الدوليين يرون في اتفاق النووي الإيراني صفعة لإسرائيل ولكل حلفائها على حد سواء، وذلك بالرغم من الترحيب الظاهري للبعض بهذا الاتفاق الذي ما فتئ يثير الجدل والقلق على المستوى العالمي، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. ذلك بالرغم من أن بعض المحللين لا يرون جدوى تُذكر من وراء أي هجمات إسرائيلة ضد نووي إيران، وذلك لأن إسرائيل لا يمكنها محو المعرفة والخبرة الإيرانية بالتقنيات النووية، والتي قطعت فيها إيران شوطا كبيرا.

وأما الولايات المتحدة فلن تسمح أبدا بانهيار "دولة إسرائيل". ولكن الغريب في المعادلة أن إسرائيل لن تقوم باستخدام سلاحها النووي، حتى في أحلك الساعات، ذلك لأن استخدامها يعني انتهاء إسرائيل نفسها من الوجود، فسلاحها النووي أشبه ما يكون بمن يطلق قنبلة غاز سام أو حتى مسيل للدموع وسط أجواء مغلقة، هو محصور بداخلها!

وبالنسبة لاحتمال وجود علاقات أميركية إيرانية من "تحت الطاولة" فتلك صارت الآن حقيقة دامغة، وذلك بحسب تصريحات محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي للشؤون القانونية والبرلمانية في وقت مضى، وعقب اتفاق النووي بجنيف، والذي شكل صدعا في علاقات الولايات المتحدة بحلفائها في المنطقة، وشكل أيضا صداعا لأصدقاء أميركا في المنطقة.

وأما حال الدول العربية والعالم الإسلامي على وجه العموم، فهي كحال التائه في الصحراء ليلا، بانتظار ظهور ضياء القمر أو حتى ظهور المهدي المنتظر!

فهم، أي بنو جلدتنا العرب والمسلمون، هم الذين راهنوا على صداقتهم للولايات المتحدة، وهم الذين أمهلوا الوحش النووي الإيراني حتى ينهض على قدميه أو التنين الإيراني حتى يطير بجناحيه، فينفث لهيبه في المنطقة برمتها. وخاصة في ظل تحالفه مع الدب الروسي بشكل واضح ومع التنين الصيني، بشكل أو بآخر.

وكنا في عام 2010 اعتذرنا للقراء الكرام عن الإجابة على سؤال متعلق باحتمالات اندلاع حرب أو فتنة شيعية سنية، لكن الأوضاع الراهنة -وأبرزها ما يجري في سوريا والعراق وكذلك في لبنان ومناطق أخرى- ربما فيها بعض ملامح من الإجابة الشافية، ذلك بالرغم من إمكانية التقارب بين المذهبين السني والشيعي، ولكن إيران تأبى هذا التقارب وتأبى حُسن الجوار، فهي ما فتئت تذبح بني أطفالنا وبني جلدتنا في سوريا من أجل الاحتفاظ بنظام الطاغية السوري، وهو الطاغية الذي قال له الشعب السوري الحر الأبي ألف ألف لاءٍ كبيرة! ومن هنا فإن إيران هي الخاسرة في كل الأحوال، ذلك ما لم تبادر إلى التخلي عن نظام الطاغية الأسد، وإلى مد يدها في بادرة حسن نية وحسن جوار مع كل دول المنطقة والجوار.

بقي القول، هل يترك العرب والعالم الإسلامي أشقاءهم وبني جلدتهم في السعودية -خادمة وحامية الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة- وحيدين أمام خطر المد الإيراني الشيعي، ممثلا بالهلال السياسي الشيعي الذي سبق أن حذر منه العاهل الأردني عبد الله الثاني، والذي يكاد يطبق على السعودية بحرميها وعلى المنطقة برمتها؟!

لكن السعودية أيضا متهمة بدعم العسكر الانقلابيين في مصر، وهي بذلك ربما تكون خسرت سندا سنيا قويا، ممثلا بمصر "أم الدنيا"، فخطيئة "مذبحة أو مجزرة القرن" في ميداني رابعة والنهضة في مصر لا تَقِل أو تختلف كثيرا عن الخطايا التي ترتكبها إيران في سوريا، مع فارق التشبيه، كما أن السعودية ربما خسرت الدعم التركي ضد أي خطر إيراني محتمل، وذلك بالرغم من تلاقي أنقرة والرياض على طريق تخليص الشعب السوري الشقيق من مأساته الدامية.

وأما الترحيب من لدن البعض بالاتفاق النووي الإيراني، فهو ترحيب ظاهري، فالنار تستعر في قلوب حلفاء أميركا الذين تركهم القبطان أوباما دون أن يقول لأي منهم "اركب معنا"، فهل يمثل أوباما قرصان العصر يا ترى، أم أن وراء الأجمة ما وراءها؟

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير