الهيئة المستقلة على المحك.. الطبقة الوسطى والشباب في الدائرة السلبية
فهد الخيطان
جو 24 : مع بداية أسبوع حاسم ينتظر أن يشهد قرارات حل مجلس النواب وتحديد موعد الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة، أعلن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية أمس نتائج استطلاع حول العملية الانتخابية، رصد فيه توجهات الرأي العام حول المشاركة في مراحل العملية الانتخابية تسجيلا واقتراعا، ومستوى الثقة بقدرة الهيئة المستقلة على إدارة انتخابات حرة ونزيهة.
لم تشذ نتائج الاستطلاع عن نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات المقبلة عما توصلت إليه استطلاعات مشابهة لمؤسسات أخرى، فقد أفاد 56.6 بالمائة نيتهم المشاركة في الانتخابات، في حين أكد 37.5 بالمائة أنهم لن يشاركوا. وتتقارب هذه النسب إلى حد كبير من نسب المشاركة المعتادة في انتخابات سابقة.
واللافت في موقف "المقاطعين" هو أن الأسباب التي تدفعهم لعدم المشاركة تعود في نسبتها الأكبر إلى عدم الثقة بنزاهة الانتخابات، والانطباعات السلبية عن أداء المجالس النيابية، إضافة لنوعية المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات، أما الاعتراض على قانون الانتخاب فيحل في المرتبة الأخيرة وبنسبة بسيطة.
وذلك يعني أن الأولوية هي لقيم النزاهة والكفاءة والأداء. وبعد استعادة هذه القيم سيدرك الرأي العام أن ذلك، على أهميته، ليس كافيا للوصول إلى حياة نيابية متطورة، وعندها ستدرك الأغلبية أن العلة هي في نظام الصوت الواحد.
وتظهر نتائج الاستطلاع أن نسبة التسجيل للانتخابات ستكون بحدود 67 بالمائة ممن يحق لهم الانتخاب، إلا أن أرقام الهيئة المستقلة تشير إلى أن النسبة لن تتجاوز 60 بالمائة.
لكن النتائج التفصيلية والمتعلقة بالفئات العمرية والطبقية للمسجلين، تكشف عن حقائق مخيبة؛ فقد أظهر الاستطلاع أن الفئة العمرية 55 عاما فأكثر هي الفئة الأعلى توقعا للمشاركة في الانتخابات، فيما جاءت الفئة العمرية "الشباب" 18 إلى 34 سنة في المرتبة الأدنى من ناحية احتمالية المشاركة وبنسبة 54 بالمائة.
كما أظهرت النتائج أنه "كلما ازداد دخل الأسرة انخفضت احتمالية المشاركة في الانتخابات المقبلة"، وينسحب الأمر ذاته على الفئات الأكثر إقبالا على التسجيل.
أما الاستخلاص المخيب، فهو أن الشباب الذين كانوا وما يزالون القوة الرئيسية في الحراك الشعبي الأردني لن يشاركوا في عملية التحول السياسي الجارية في البلاد، ويتخذون موقفا سلبيا من الانتخابات. وتعكس هذه النتيجة إلى حد كبير فشل مؤسسات الدولة في بناء جسور الثقة مع فئات الشباب، والأثر السلبي للمقاربة الأمنية على مزاج هذه الفئة وتوجهاتها حيال الدولة.
كما أن اتجاه ذوي الدخل المرتفع لعدم المشاركة في العملية الانتخابية، يؤشر بوضوح على أن الطبقة الوسطى، التي تعد العمود الفقري لعملية الإصلاح السياسي ومصنع النخب، ما تزال في حالة تردد وغير واثقة بعد من نوايا الدولة الإصلاحية. وقد يكون الاتجاه السلبي عند أفراد الطبقة الوسطى والشباب أحد أسباب انخفاض نسب التسجيل في المدن الكبرى مثل عمان والزرقاء، نظرا لتركز الفئتين في تلك المدن.
بالنسبة للكثيرين، هذه ليست نتيجة مفاجئة بالنظر إلى النهج الذي اتبعته الدولة على المستويين السياسي والاقتصادي في العقد الأخير، والذي أدى إلى تهشيم المكانة الاقتصادية لهذه الطبقة، والحط من دورها السياسي. وكما هو معروف؛ فإن أغلب الفاعلين في النشاط السياسي والنقابي يتركزون في أوساط الطبقة الوسطى، ويسيطر عليهم مزاج معارض، ولذلك من غير المستغرب أن يتخذ المنتسبون إلى هذه الطبقة موقفا سلبيا من عملية انتخابية تنقسم النخب حول جدواها.
وفيما يتعلق بالهيئة المستقلة للانتخابات، تؤكد نتائج الاستطلاع أن وجود الهيئة بحد ذاته ساهم في خلق مناخ إيجابي حيال العملية الانتخابية برمتها. لكن الناخبين الذين اكتووا بنار التزوير، غير مستعدين بعد لتسليف الثقة كاملة للهيئة المستقلة، ويفضلون جدولتها على مراحل العملية الانتخابية، وبحذر شديد أيضا.
أكثر من نصف المستجيبين أفادوا أن الهيئة سوف تتمكن من ممارسة عملها بدون تدخل أي جهة، بينما يخالفهم 19 بالمائة الرأي. لكن عندما يتعلق الأمر بمرحلة لم نصلها بعد وهي إجراء الانتخابات، ينقسم الرأي العام مناصفة بين من يعتقد أنها قادرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وبين من يعتقد عكس ذلك. وفي أوساط الفئة الثانية هناك 14 بالمائة غير متأكدين إذا ما كانت الهيئة قادرة أم لا. ومن المرجح أن هؤلاء ينتظرون التجربة العملية ليحسموا ترددهم.
بالنتيجة النهائية يمكن القول إن مصداقية الهيئة المستقلة على المحك، المهم أنها وفي الأشهر القليلة من عمرها بنت قاعدة جيدة من الثقة يمكن الاعتماد عليها للإقلاع، لكن ذلك يعتمد على مدى تعاون أجهزة الدولة معها واحترام معايير "الملاحة" الانتخابية، وإلا فإن الهيئة وبدلا من الإقلاع في السماء، ستصطدم بالمدرجات."الغد"
لم تشذ نتائج الاستطلاع عن نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات المقبلة عما توصلت إليه استطلاعات مشابهة لمؤسسات أخرى، فقد أفاد 56.6 بالمائة نيتهم المشاركة في الانتخابات، في حين أكد 37.5 بالمائة أنهم لن يشاركوا. وتتقارب هذه النسب إلى حد كبير من نسب المشاركة المعتادة في انتخابات سابقة.
واللافت في موقف "المقاطعين" هو أن الأسباب التي تدفعهم لعدم المشاركة تعود في نسبتها الأكبر إلى عدم الثقة بنزاهة الانتخابات، والانطباعات السلبية عن أداء المجالس النيابية، إضافة لنوعية المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات، أما الاعتراض على قانون الانتخاب فيحل في المرتبة الأخيرة وبنسبة بسيطة.
وذلك يعني أن الأولوية هي لقيم النزاهة والكفاءة والأداء. وبعد استعادة هذه القيم سيدرك الرأي العام أن ذلك، على أهميته، ليس كافيا للوصول إلى حياة نيابية متطورة، وعندها ستدرك الأغلبية أن العلة هي في نظام الصوت الواحد.
وتظهر نتائج الاستطلاع أن نسبة التسجيل للانتخابات ستكون بحدود 67 بالمائة ممن يحق لهم الانتخاب، إلا أن أرقام الهيئة المستقلة تشير إلى أن النسبة لن تتجاوز 60 بالمائة.
لكن النتائج التفصيلية والمتعلقة بالفئات العمرية والطبقية للمسجلين، تكشف عن حقائق مخيبة؛ فقد أظهر الاستطلاع أن الفئة العمرية 55 عاما فأكثر هي الفئة الأعلى توقعا للمشاركة في الانتخابات، فيما جاءت الفئة العمرية "الشباب" 18 إلى 34 سنة في المرتبة الأدنى من ناحية احتمالية المشاركة وبنسبة 54 بالمائة.
كما أظهرت النتائج أنه "كلما ازداد دخل الأسرة انخفضت احتمالية المشاركة في الانتخابات المقبلة"، وينسحب الأمر ذاته على الفئات الأكثر إقبالا على التسجيل.
أما الاستخلاص المخيب، فهو أن الشباب الذين كانوا وما يزالون القوة الرئيسية في الحراك الشعبي الأردني لن يشاركوا في عملية التحول السياسي الجارية في البلاد، ويتخذون موقفا سلبيا من الانتخابات. وتعكس هذه النتيجة إلى حد كبير فشل مؤسسات الدولة في بناء جسور الثقة مع فئات الشباب، والأثر السلبي للمقاربة الأمنية على مزاج هذه الفئة وتوجهاتها حيال الدولة.
كما أن اتجاه ذوي الدخل المرتفع لعدم المشاركة في العملية الانتخابية، يؤشر بوضوح على أن الطبقة الوسطى، التي تعد العمود الفقري لعملية الإصلاح السياسي ومصنع النخب، ما تزال في حالة تردد وغير واثقة بعد من نوايا الدولة الإصلاحية. وقد يكون الاتجاه السلبي عند أفراد الطبقة الوسطى والشباب أحد أسباب انخفاض نسب التسجيل في المدن الكبرى مثل عمان والزرقاء، نظرا لتركز الفئتين في تلك المدن.
بالنسبة للكثيرين، هذه ليست نتيجة مفاجئة بالنظر إلى النهج الذي اتبعته الدولة على المستويين السياسي والاقتصادي في العقد الأخير، والذي أدى إلى تهشيم المكانة الاقتصادية لهذه الطبقة، والحط من دورها السياسي. وكما هو معروف؛ فإن أغلب الفاعلين في النشاط السياسي والنقابي يتركزون في أوساط الطبقة الوسطى، ويسيطر عليهم مزاج معارض، ولذلك من غير المستغرب أن يتخذ المنتسبون إلى هذه الطبقة موقفا سلبيا من عملية انتخابية تنقسم النخب حول جدواها.
وفيما يتعلق بالهيئة المستقلة للانتخابات، تؤكد نتائج الاستطلاع أن وجود الهيئة بحد ذاته ساهم في خلق مناخ إيجابي حيال العملية الانتخابية برمتها. لكن الناخبين الذين اكتووا بنار التزوير، غير مستعدين بعد لتسليف الثقة كاملة للهيئة المستقلة، ويفضلون جدولتها على مراحل العملية الانتخابية، وبحذر شديد أيضا.
أكثر من نصف المستجيبين أفادوا أن الهيئة سوف تتمكن من ممارسة عملها بدون تدخل أي جهة، بينما يخالفهم 19 بالمائة الرأي. لكن عندما يتعلق الأمر بمرحلة لم نصلها بعد وهي إجراء الانتخابات، ينقسم الرأي العام مناصفة بين من يعتقد أنها قادرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وبين من يعتقد عكس ذلك. وفي أوساط الفئة الثانية هناك 14 بالمائة غير متأكدين إذا ما كانت الهيئة قادرة أم لا. ومن المرجح أن هؤلاء ينتظرون التجربة العملية ليحسموا ترددهم.
بالنتيجة النهائية يمكن القول إن مصداقية الهيئة المستقلة على المحك، المهم أنها وفي الأشهر القليلة من عمرها بنت قاعدة جيدة من الثقة يمكن الاعتماد عليها للإقلاع، لكن ذلك يعتمد على مدى تعاون أجهزة الدولة معها واحترام معايير "الملاحة" الانتخابية، وإلا فإن الهيئة وبدلا من الإقلاع في السماء، ستصطدم بالمدرجات."الغد"