الدكتور الحوراني يترجل
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : كانت وفاته خبرا تناقلته وسائل الإعلام صبيحة الإثنين الماضي، واليوم وعلى الرغم من أنني كنت أنوي الكتابة عن «ماراثون الخطابة النيابي حول الموازنة» فتراجعت، وقررت الكتابة عن هذا الفارس الذي ترجل بعد مسيرة حافلة بالعطاء والخير..
لا أريد أن يتعاظم الشك والتساؤل لدى إلهام بنت اسبير (شقة التوم مع ألفت)، التي اتصلت من كندا بشقيقتها أماني المقيمة في أمريكا متسائلة :
..(يا ترى شو رح يكتب عني ابراهيم لما أموت)، والتي أضحكتني كثيرا حين سألتني السؤال نفسه، فاعتبرت بأنها تصنفني «كاتب مرثيات» .. أنا لست هذا الكاتب، لكنني أكتب عن الجمال المقيم في نفوس من رحلوا، فكان لهم الأثر الطيب في نفوس من عرفوهم، فرحم الله العزيزين، وأتمنى طول العمر ودوام الصحة والعافية لاسبير وجانيت ولإلهام وألفت وأماني وأدمى وأليس وأشرف ونضال ، و «بعيد الشر عنك يا الهام ، وما عليكي؛ فلديكي ما أكتب عنه، بس أجليها ما استطعت».
كتبت سابقا عن الدكتور أحمد الحوراني، وهو الرائد في التعليم الجامعي الخاص بالأردن، الذي أسس جامعة عمان الأهلية قبل أكثر من 25 عاما، ومن بين الصفات الطيبة التي يتناقلها الناس وصفا للدكتور الحوراني، تلك المتعلقة بالتزامه بمساعدة فقراء الطلاب لإكمال تعليمهم الجامعي، حيث التزم الدكتور الحوراني بمساعدة الطالب الفقير قدر استطاعته، لأنه شخصيا عانى من الفقر كثيرا في رحلته مع الدراسة الجامعية، وبسبب هذه المعاناة أخذ على نفسه عهدا بأنه لو وفقه الله في عمله، سينشىء جامعة ويقدم المساعدة لكل طالب فقير لا يستطيع إكمال دراسته الجامعية..
وفعل الرجل، وفقه الله فنجح في اعماله، فصدق الوعد وأسس جامعة عمان الأهلية، وأوردت في مقالتي السابقة موقفا بارزا لنجله الدكتور ماهر، شاهدته شخصيا، وهو موقف كاف كي أكتب عنه، وأترحم على والده الدكتور احمد الحوراني، الذي زرع في أبنائه هذه الصفات الطيبة، التي تزداد جمالا حين تصدر عن أشخاص يملكون رؤية إنسانية خلاقة ومستنيرة ..
لا أحد يعلم عمق أثر تقديم مساعدة لفقير في هذا الزمن الرديء..
سأحدثكم بشيء عن أم مصعب، وهي لاجئة فلسطينية، تعيش في مخيم غزة في جرش، كتبت نقلا عنها قبل أعوام، وقبل أيام هاتفتني، تريد أن أكتب «إعلان» حسب قولها، فتذكرتها على الفور حين قالت «إعلان»،فهي ترى أن كل ما في الجرائد والصحافة يسمى «إعلان»:
بدي منك تساعدني بنشر الاعلان في جريدة الدستور، وتحكيلهم (أم مصعب حكتلي)..!
شو حكتلي أم مصعب ؟
تقول: بدي أشكر واحد محسن، هو رجل أعمال ما بعرف اسمه كله، بس اسم عيلته «اسميك»، تبرع للجمعية بمبلغ مليونين دينار لمساعدة الفقراء كلهم، الفلسطينيين والعراقيين والسوريين ..وكل الناس، على حد قولها، وأنا اعطوني 100 دينار والله، وما طلبوني رقم وطني ولا اشي..يعني لازم أشكره .
هل يمكنكم أن تتلمسوا عمق أثر الإحسان الى الناس خصوصا الفقراء منهم؟
هذا بالضبط ما أعتقده جازما حول شخصية الدكتور الحوراني رحمه الله، وهو الرجل الذي لم أتشرف بلقائه أبدا، فقد كافح الرجل وكدح وسعى في الأرض، فنجح في عمله، ووفى بعهد لا نعلم عنه كثيرا من القصص، لكننا نستطيع أن نتقصى أثرها من خلال أبنائه، الذين يحذون حذو والدهم في العمل والنجاح وفعل الخير..
انتهت رحلة الدكتور أحمد الحوراني، بعد مسيرة حافلة، وأمضى شهوره الأخيرة في هذه الدنيا يصارع المرض، ثم توفاه الله الى رحمته، تاركا خلفه سيرة طيبة، وأثرا جميلا في نفوس الناس، لمست شيئا من عمقه حين زرت بيت العزاء، واستمعت بلا تخطيط مسبق الى حديث الناس المعزين، تناولوا فيه سجايا رجل عاش حياته الحافلة بالكفاح والعطاء والنجاح والخير، فكان رائد في التعليم العالي الخاص في الأردن..
رحم الله الدكتور أحمد الحوراني وكل الجميلين الذين يغادرون الدنيا، ولهم في ذاكرة من عرفهم مساحة مشعة بالإنسانية والنور والطيب.
ibqaisi@gmail.com
الدستو
لا أريد أن يتعاظم الشك والتساؤل لدى إلهام بنت اسبير (شقة التوم مع ألفت)، التي اتصلت من كندا بشقيقتها أماني المقيمة في أمريكا متسائلة :
..(يا ترى شو رح يكتب عني ابراهيم لما أموت)، والتي أضحكتني كثيرا حين سألتني السؤال نفسه، فاعتبرت بأنها تصنفني «كاتب مرثيات» .. أنا لست هذا الكاتب، لكنني أكتب عن الجمال المقيم في نفوس من رحلوا، فكان لهم الأثر الطيب في نفوس من عرفوهم، فرحم الله العزيزين، وأتمنى طول العمر ودوام الصحة والعافية لاسبير وجانيت ولإلهام وألفت وأماني وأدمى وأليس وأشرف ونضال ، و «بعيد الشر عنك يا الهام ، وما عليكي؛ فلديكي ما أكتب عنه، بس أجليها ما استطعت».
كتبت سابقا عن الدكتور أحمد الحوراني، وهو الرائد في التعليم الجامعي الخاص بالأردن، الذي أسس جامعة عمان الأهلية قبل أكثر من 25 عاما، ومن بين الصفات الطيبة التي يتناقلها الناس وصفا للدكتور الحوراني، تلك المتعلقة بالتزامه بمساعدة فقراء الطلاب لإكمال تعليمهم الجامعي، حيث التزم الدكتور الحوراني بمساعدة الطالب الفقير قدر استطاعته، لأنه شخصيا عانى من الفقر كثيرا في رحلته مع الدراسة الجامعية، وبسبب هذه المعاناة أخذ على نفسه عهدا بأنه لو وفقه الله في عمله، سينشىء جامعة ويقدم المساعدة لكل طالب فقير لا يستطيع إكمال دراسته الجامعية..
وفعل الرجل، وفقه الله فنجح في اعماله، فصدق الوعد وأسس جامعة عمان الأهلية، وأوردت في مقالتي السابقة موقفا بارزا لنجله الدكتور ماهر، شاهدته شخصيا، وهو موقف كاف كي أكتب عنه، وأترحم على والده الدكتور احمد الحوراني، الذي زرع في أبنائه هذه الصفات الطيبة، التي تزداد جمالا حين تصدر عن أشخاص يملكون رؤية إنسانية خلاقة ومستنيرة ..
لا أحد يعلم عمق أثر تقديم مساعدة لفقير في هذا الزمن الرديء..
سأحدثكم بشيء عن أم مصعب، وهي لاجئة فلسطينية، تعيش في مخيم غزة في جرش، كتبت نقلا عنها قبل أعوام، وقبل أيام هاتفتني، تريد أن أكتب «إعلان» حسب قولها، فتذكرتها على الفور حين قالت «إعلان»،فهي ترى أن كل ما في الجرائد والصحافة يسمى «إعلان»:
بدي منك تساعدني بنشر الاعلان في جريدة الدستور، وتحكيلهم (أم مصعب حكتلي)..!
شو حكتلي أم مصعب ؟
تقول: بدي أشكر واحد محسن، هو رجل أعمال ما بعرف اسمه كله، بس اسم عيلته «اسميك»، تبرع للجمعية بمبلغ مليونين دينار لمساعدة الفقراء كلهم، الفلسطينيين والعراقيين والسوريين ..وكل الناس، على حد قولها، وأنا اعطوني 100 دينار والله، وما طلبوني رقم وطني ولا اشي..يعني لازم أشكره .
هل يمكنكم أن تتلمسوا عمق أثر الإحسان الى الناس خصوصا الفقراء منهم؟
هذا بالضبط ما أعتقده جازما حول شخصية الدكتور الحوراني رحمه الله، وهو الرجل الذي لم أتشرف بلقائه أبدا، فقد كافح الرجل وكدح وسعى في الأرض، فنجح في عمله، ووفى بعهد لا نعلم عنه كثيرا من القصص، لكننا نستطيع أن نتقصى أثرها من خلال أبنائه، الذين يحذون حذو والدهم في العمل والنجاح وفعل الخير..
انتهت رحلة الدكتور أحمد الحوراني، بعد مسيرة حافلة، وأمضى شهوره الأخيرة في هذه الدنيا يصارع المرض، ثم توفاه الله الى رحمته، تاركا خلفه سيرة طيبة، وأثرا جميلا في نفوس الناس، لمست شيئا من عمقه حين زرت بيت العزاء، واستمعت بلا تخطيط مسبق الى حديث الناس المعزين، تناولوا فيه سجايا رجل عاش حياته الحافلة بالكفاح والعطاء والنجاح والخير، فكان رائد في التعليم العالي الخاص في الأردن..
رحم الله الدكتور أحمد الحوراني وكل الجميلين الذين يغادرون الدنيا، ولهم في ذاكرة من عرفهم مساحة مشعة بالإنسانية والنور والطيب.
ibqaisi@gmail.com
الدستو