هدر مالي وتخبيص..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 :
لا أتحدث عن الخبر بل بيان الشكر الذي أصدره الزميل والنائب السابق الصديق حمد الحجايا، والذي يقدم الشكر فيه لجلالة الملك حول المكرمة الملكية الغالية التي حازها من الديوان الملكي وبلغت 100 ألف دينار، لكنني بالضرورة أتحدث عن آخرين ينالون آيات من الشكر والتبجيل لا يستحقونها، بل يجب أن يتعرضوا للمساءلة وللمحاكمة علاوة على إخراجهم من مواقعهم التي يشغلونها، ويقدمون أداء غارقا بالمفارقات التي لا يستوي الناس في طريقتهم لفهمها..منهم مستشارون ومجهولون في كل مواقع صنع القرار، قصروا وما زالوا حين دبجوا تقارير ظالمة موجهة لصناع القرار، لم يتحدثوا فيها بأمانة ومسؤولية عن المشكلة التي تواجه أقدم صحيفة أردنية، وتواجه حوالي 200 زميل وعائلة مثل الزميل الحجايا وعائلته.. هذا مثال نعيشه هنا، فخبصوا؛ خبصوا ما شئتم.
سأتحدث عن خبر كلف الدولة مئات آلاف الدنانير وربما مئات الملايين، لو احتسبنا معه خسائر المواطنين العاديين المباشرة، وهو خبر الأرصاد الجوية غير الدقيق حول آخر العواصف والمنخفضات، الذي تناقله اللامهنيون واللاعلميون في وسائل إعلام يراد لها أن تحل مكان الاعلام المهني الذي تمثله الدستور وغيرها..
فكم كانت كلفة الخبرغير الدقيق حول المنخفض وتفاصيله؟!
دعونا من فقدان الثقة بهذه المؤسسات، فهي ليست من الكلف المحتسبة رغم أهميتها، حيث لا أحد في هذه المؤسسات يحتاج الى ثقة الناس ورأيهم، فأغلبهم لا يستحقون الوظائف في تلك المؤسسات، ولا يأبهون بكل الكلام عن تقصيرهم، وبالتالي لا يأبهون أن غضب الناس أو كانوا راضين عن أدائهم.
لكن كم خسر المواطنون «الغلابى» حين «طرموهم» بأخبار العاصفة الكبيرة العميقة، مما دفعهم للتزود بكل شيء، وسبب لهم ارباكا، ستكون نتائجه في المستقبل عدم ثقة بأخبار هؤلاء، ولا بتقارير الجو الصادرة عن الأرصاد وغيرها..وهذه أيضا كلف لا تقع في حسبان أحد، خصوصا في زمن التخبيص الحكومي.
الأمر المهم هو المتعلق بالاستعدادات الحكومية، وحجم الانفاق الذي تكبدته استعدادا لمواجهة العاصفة المزعومة في عمان، ويرتبط بهذا عدم الاستعداد في المناطق الأخرى الأمر الذي كان له تأثيرات سلبية على الناس خصوصا في الجنوب الأردني، فالخبر ركز على عمان وحذر من ثلج داهم استعدت له المؤسسات، فتبين أن لا ثلج ولا ذئب يراود الغنم ولا حتى قطّ.. إشارة الى التحذير الكاذب المعروف «الذيب فال الغنم»، وبعد النفير العام المتكرر تبين أن لا ذئاب وأن المقولة والنداء محض افتراء، والعواقب هنا ستكون مؤسفة لا محالة، حين لن يصغي أحدا بعد اليوم لنداءات الرعاة التحذيرية من قدوم قطعان ذئاب تستهدف القطعان السائمة في المراعي، لتغدو بلا أمن ولا أمان !.
من حق أمانة عمان وأمينها أن يقوموا بكافة الاستعدادات لحماية عمان وبنيتها التحتية، وجميعنا يذكر منخفض 5 تشرين الثاني الماضي، وكم تعرضت الأمانة للنقد بسبب تقصيرها، وأنا شخصيا حذرت أمين عمان خلال مقابلة اذاعية اجريتها معه في برنامج الاعلام والشأن العام على اثير الاذاعة الرسمية، بأن المنخفض القادم «سيجرفك» إن لم تكن مستعدا، فقال لي مداعبا ستحضر معي لمواجهته وسوف نحمل «القشاطات» للتخلص من المياه..
الأمانة؛ صدقت الخبر بدورها والملدوغ يخشى جرة الحبل، فقامت بالاستعداد، وإليكم فكرة بسيطة عن هذه الاستعدادات:
الإثنين الماضي؛ زرت منطقة الجبيهة التابعة لأمانة عمان، ورأيت أسطولا من كاسحات الثلج والجرافات «الكريدرات»، وسيارات دفع رباعي مجهزة بكاسحات، وأخرى مجهزة بأدوات تلزم للتخلص من المياه والثلوج، وبعد السؤال تبين أن كل هذا الأسطول تقريبا ليس من آليات الأمانة، بل هو مستأجر لمدة 3 أيام على اقل تقدير، ولم يجب المهندس ناصر البطاينة عن مقدار أجرة كل آلية لليوم الواحد، لكنه قال أن هناك جرافة «كريدر» واحد تابع لمنطقة الجبيهة والعشرين الأخرى مستأجرة !.
وهذه هو مثالنا حول المبالغ التي أنفقتها أمانة عمان لتأمين المدينة من الفيضانات والمشاكل الأخرى التي تقع من عاصفة هوجاء عميقة مزعومة .
فهل أدركتم حجم مصيبتنا؟! حتى وإن أدركتموها فلن تتداركوها، لأن الذين يصنعوها لا مساءلة ولا حساب يطالهم على تقصيرهم، فهم؛أدخلوا البلاد في حالة من الطوارىء القسرية المكلفة ماديا ومعنويا، وتواروا خلف الأبواب يراقبون خيبتنا وبؤسنا.. وما زالوا يجلسون هناك ونحن نرابط هنا ونحمل البلاد على أكتافنا جراء أخطائهم وعدم أهليتهم لدخول تلك الغرف المغلقة.
هل هذه مؤسسات دولة بنظرهم؟ وهل يضيق الأردن ويخلو من عقول وضمائر مؤهلة تقوم بهذه المهام ؟
خبصوا ..خبصوا ماشئتم.
ibqaisi@gmail.co