الملك بصفته مواطنا أردنيا
فهد الخيطان
جو 24 : كنا نعرف من قبل أن الملك عبدالله الثاني خدم في القوات المسلحة الأردنية، وتدرج في الرتب العسكرية مثل أقرانه من الضباط، وتنقل بين وحداتها في الزرقاء والقطرانة والمفرق. لكن، لم يخطر ببالنا أنه مواطن مثل سائر الناس، بل أمير هاشمي يسير على خطى والده الذي حرص على التنشئة العسكرية لكل أبنائه. وعندما أصبح الأمير ملكا، لم نتوقف عند سؤال المواطنة؛ وهل يعقل أن تسأل من أسس أجداده الدولة الأردنية إن كان مواطنا أردنيا أم لا؟!
لكن على أهمية ذلك، ظل سؤال العلاقة بين الهاشميين والأردنيين مطروحا. العقد الذي أُبرم قبل تسعين عاما كان قائما بين طرفين: الهاشميون والأردنيون. ونظرا للارتباط الوثيق والوجودي بين الدولة والهاشميين، لم يتوقف أحد عند السؤال: هل الملك مواطن أردني؟
بنى النظام الأردني شرعيته على قاعدتين أساسيتين: النسب لبيت الرسول الكريم، ومبادئ الثورة العربية التي فجرها الشريف الحسين بن علي. ولم يكن الأردن في مشروع الثورة سوى البداية لبناء دولة العرب الكبرى التي وأدها الاستعمار باتفاقية "سايكس-بيكو".
شرعية الدولة القائمة على ركني النسب والعروبة، وفي إطار دستوري، لم تترك مجالا لطرح سؤال الهوية على الهاشميين؛ فقد أمنت لهم البقاء والاستمرار طيلة العقود التسعة الماضية.
هل يمكن أن يكون الملك هاشميا ومواطنا أردنيا في نفس الوقت؟
لم يقترب أحد من أفراد الأسرة الهاشمية إلى هذا السؤال من قبل. ولأول مرة يقدم ملك هاشمي نفسه بوصفه مواطنا أردنيا. بوضوح بالغ التأثير، قالها الملك عبدالله الثاني أول من أمس خلال لقائه الفاعليات الوطنية الأردنية: "أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة..". توازي هذه الجملة في أهميتها التعديلات التي أُدخلت على الدستور؛ فهي ألغت المسافة بين مكونات الدولة الأساسية: الأردنيين والهاشميين. صار الملك هاشميا وأردنيا أيضا.
لهذا القول دلالات عميقة بالنسبة للأردنيين: هو الملك، لكنه واحد منهم، يطمح ويحلم ويتحمل المسؤولية.
وفي ذلك تطوير جوهري على العقد الاجتماعي بين الشعب الأردني والملك المؤسس، استدعته تحولات موضوعية وتاريخية لم يعد بالإمكان تجاهلها، وأعني موجة التغيير التي اجتاحت العالم العربي مؤخرا، وأرست أسسا جديدة لشرعية الأنظمة السياسية ولعلاقة الحاكم بالمحكوم، لا يمكن لأي نظام أن يستمر بدونها، وفي مقدمتها المواطنة القائمة على قاعدة الحقوق والواجبات.
مثل هذا التطور في العلاقة بين الملك المواطن والشعب، يتطلب مراجعات جذرية تصوب الاختلالات التي أصابت الصلات التاريخية بين الأردنيين والهاشميين؛ فالملك لم يعد ملكا فحسب، بل ابن الشعب الذي يرعاه."الغد"
لكن على أهمية ذلك، ظل سؤال العلاقة بين الهاشميين والأردنيين مطروحا. العقد الذي أُبرم قبل تسعين عاما كان قائما بين طرفين: الهاشميون والأردنيون. ونظرا للارتباط الوثيق والوجودي بين الدولة والهاشميين، لم يتوقف أحد عند السؤال: هل الملك مواطن أردني؟
بنى النظام الأردني شرعيته على قاعدتين أساسيتين: النسب لبيت الرسول الكريم، ومبادئ الثورة العربية التي فجرها الشريف الحسين بن علي. ولم يكن الأردن في مشروع الثورة سوى البداية لبناء دولة العرب الكبرى التي وأدها الاستعمار باتفاقية "سايكس-بيكو".
شرعية الدولة القائمة على ركني النسب والعروبة، وفي إطار دستوري، لم تترك مجالا لطرح سؤال الهوية على الهاشميين؛ فقد أمنت لهم البقاء والاستمرار طيلة العقود التسعة الماضية.
هل يمكن أن يكون الملك هاشميا ومواطنا أردنيا في نفس الوقت؟
لم يقترب أحد من أفراد الأسرة الهاشمية إلى هذا السؤال من قبل. ولأول مرة يقدم ملك هاشمي نفسه بوصفه مواطنا أردنيا. بوضوح بالغ التأثير، قالها الملك عبدالله الثاني أول من أمس خلال لقائه الفاعليات الوطنية الأردنية: "أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة..". توازي هذه الجملة في أهميتها التعديلات التي أُدخلت على الدستور؛ فهي ألغت المسافة بين مكونات الدولة الأساسية: الأردنيين والهاشميين. صار الملك هاشميا وأردنيا أيضا.
لهذا القول دلالات عميقة بالنسبة للأردنيين: هو الملك، لكنه واحد منهم، يطمح ويحلم ويتحمل المسؤولية.
وفي ذلك تطوير جوهري على العقد الاجتماعي بين الشعب الأردني والملك المؤسس، استدعته تحولات موضوعية وتاريخية لم يعد بالإمكان تجاهلها، وأعني موجة التغيير التي اجتاحت العالم العربي مؤخرا، وأرست أسسا جديدة لشرعية الأنظمة السياسية ولعلاقة الحاكم بالمحكوم، لا يمكن لأي نظام أن يستمر بدونها، وفي مقدمتها المواطنة القائمة على قاعدة الحقوق والواجبات.
مثل هذا التطور في العلاقة بين الملك المواطن والشعب، يتطلب مراجعات جذرية تصوب الاختلالات التي أصابت الصلات التاريخية بين الأردنيين والهاشميين؛ فالملك لم يعد ملكا فحسب، بل ابن الشعب الذي يرعاه."الغد"