أسوأ قراءة لقانون الانتخاب
فهد الخيطان
جو 24 : القراءة النيابية الأولى لمشروع قانون الانتخاب أخذت منحى مؤسفا وخطيرا. فقد غابت أولوية الإصلاح السياسي لصالح منطق المحاصصة الإقليمية والجهوية والطائفية أيضا.
عمليا، لم يناقش النواب مشروع القانون المعروض عليهم، وإنما نظام تقسيم الدوائر الذي لم تنجزه الحكومة بعد، ولن يعرض على مجلس النواب، لأن مجلس الوزراء هو من يقر الأنظمة.
لا نريد أن نظلم الجميع، فقد تقدم نواب بمداخلات رزينة وعميقة، الهدف منها إثراء قانون الانتخاب وتعزيز إيجابياته بما يخدم تطوير الحياة البرلمانية والحزبية. لكن أصوات الداعين إلى المحاصصة طغت على المناقشات. أحد النواب انسحب لأن القانون استثنى شريحة واسعة من حق التمثيل، وهدد نائب ثان بدعوة أبناء المخيمات إلى مقاطعة الانتخابات، وطالب نائب ثالث بزيادة تمثيل البادية الجنوبية، ودعا نائب رابع إلى منح المسيحيين في عمان مقعدين إضافيين؛ وهكذا سارت المناقشات إلى حد وصف نواب المقاعد التعويضية بالحالات الإنسانية!
يعرف معظم النواب أن مشكلة قانون الانتخاب الأزلية ليست في توزيعة المقاعد على المناطق السكانية، بل في نوعية النواب المحكومة بالنظام الانتخابي. ولو وضعنا جانبا المعادلة الديموغرافية التي تتحكم بنظام توزيع المقاعد، فهل تتحسن تركيبة مجلس النواب بمجرد إعادة تدوير حصص الدوائر؟ لا شيء سيتغير إلا الوجوه، أما الأداء فسيبقى على حاله ما دام النظام الانتخابي يحابي القوى التقليدية على حساب القوى الإصلاحية التي لا يقتصر وجودها على مناطق الثقل السكاني فقط، بل توجد على امتداد مساحة الوطن، ولعل الحراك الشعبي في المحافظات خير ممثل لها.
ما يخشاه المراقبون أن تسيطر القراءة الأولى لقانون الانتخاب على القراءات التالية تحت القبة، ويصبح موضوع المحاصصة العنوان الرئيس لعملية الإصلاح السياسي، أو الوجه الآخر لها.
إن خطورة المحاصصة كمدخل للنقاش هي في سرعة انتقالها من تحت القبة إلى الشارع والأوساط السياسية والإعلامية، لتكتسب بذلك طابعا عاما، ويصبح الاصطفاف خلف الهويات الإقليمية والجهوية والطائفية أمرا مشروعا ومستساغا، في مجتمع يواجه أصلا إشكالية عميقة في الهوية.
لا يمكن بالطبع تجاهل حق الكتل الاجتماعية والأقليات في التمثيل، والدولة التي تقفز عن هذه الحقوق لن تفلح في بناء الديمقراطية. لكن الفرق شاسع بين ديمقراطية تقوم على المحاصصة، وأخرى تبنى على التعددية السياسية؛ الأولى تؤسس للعداء والخوف والاقتتال، والثانية تفتح الطريق لدولة المواطنة وسيادة القانون على الجميع.
ينبغي على النواب التفكير مليا في المخاطر المترتبة على تبني المحاصصة كمدخل لمناقشات قانون الانتخاب، والعودة إلى الأهداف التي وضعت من أجلها حزمة تشريعات الإصلاح السياسي، وحاجة البلاد الماسة إلى مقاربة سياسية وإصلاحية جذرية تجنبنا متاهات التغيير.
المناخ العام في الأردن متوتر ومشحون بما يفيض عن قدرتنا على تحمل مخاطر الاصطفاف الإقليمي.
الغد
عمليا، لم يناقش النواب مشروع القانون المعروض عليهم، وإنما نظام تقسيم الدوائر الذي لم تنجزه الحكومة بعد، ولن يعرض على مجلس النواب، لأن مجلس الوزراء هو من يقر الأنظمة.
لا نريد أن نظلم الجميع، فقد تقدم نواب بمداخلات رزينة وعميقة، الهدف منها إثراء قانون الانتخاب وتعزيز إيجابياته بما يخدم تطوير الحياة البرلمانية والحزبية. لكن أصوات الداعين إلى المحاصصة طغت على المناقشات. أحد النواب انسحب لأن القانون استثنى شريحة واسعة من حق التمثيل، وهدد نائب ثان بدعوة أبناء المخيمات إلى مقاطعة الانتخابات، وطالب نائب ثالث بزيادة تمثيل البادية الجنوبية، ودعا نائب رابع إلى منح المسيحيين في عمان مقعدين إضافيين؛ وهكذا سارت المناقشات إلى حد وصف نواب المقاعد التعويضية بالحالات الإنسانية!
يعرف معظم النواب أن مشكلة قانون الانتخاب الأزلية ليست في توزيعة المقاعد على المناطق السكانية، بل في نوعية النواب المحكومة بالنظام الانتخابي. ولو وضعنا جانبا المعادلة الديموغرافية التي تتحكم بنظام توزيع المقاعد، فهل تتحسن تركيبة مجلس النواب بمجرد إعادة تدوير حصص الدوائر؟ لا شيء سيتغير إلا الوجوه، أما الأداء فسيبقى على حاله ما دام النظام الانتخابي يحابي القوى التقليدية على حساب القوى الإصلاحية التي لا يقتصر وجودها على مناطق الثقل السكاني فقط، بل توجد على امتداد مساحة الوطن، ولعل الحراك الشعبي في المحافظات خير ممثل لها.
ما يخشاه المراقبون أن تسيطر القراءة الأولى لقانون الانتخاب على القراءات التالية تحت القبة، ويصبح موضوع المحاصصة العنوان الرئيس لعملية الإصلاح السياسي، أو الوجه الآخر لها.
إن خطورة المحاصصة كمدخل للنقاش هي في سرعة انتقالها من تحت القبة إلى الشارع والأوساط السياسية والإعلامية، لتكتسب بذلك طابعا عاما، ويصبح الاصطفاف خلف الهويات الإقليمية والجهوية والطائفية أمرا مشروعا ومستساغا، في مجتمع يواجه أصلا إشكالية عميقة في الهوية.
لا يمكن بالطبع تجاهل حق الكتل الاجتماعية والأقليات في التمثيل، والدولة التي تقفز عن هذه الحقوق لن تفلح في بناء الديمقراطية. لكن الفرق شاسع بين ديمقراطية تقوم على المحاصصة، وأخرى تبنى على التعددية السياسية؛ الأولى تؤسس للعداء والخوف والاقتتال، والثانية تفتح الطريق لدولة المواطنة وسيادة القانون على الجميع.
ينبغي على النواب التفكير مليا في المخاطر المترتبة على تبني المحاصصة كمدخل لمناقشات قانون الانتخاب، والعودة إلى الأهداف التي وضعت من أجلها حزمة تشريعات الإصلاح السياسي، وحاجة البلاد الماسة إلى مقاربة سياسية وإصلاحية جذرية تجنبنا متاهات التغيير.
المناخ العام في الأردن متوتر ومشحون بما يفيض عن قدرتنا على تحمل مخاطر الاصطفاف الإقليمي.
الغد