2024-09-03 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

العملية الانتخابية تواجه خطر الإفلاس أيضا!

فهد الخيطان
جو 24 :

تواجه الانتخابات النيابية المقررة في الثالث والعشرين من كانون الثاني (يناير) المقبل، المخاطر من كل الاتجاهات؛ الغاضبون من رفع الأسعار يهددون بالمقاطعة، والعاطلون عن العمل في أكثر من محافظة يهددون بحرق بطاقاتهم الانتخابية. وفي المرصاد، تقف قوى المقاطعة لإفشال العملية الانتخابية قبل أن تبدأ، فيما تراهن أطراف حزبية على انفجار اجتماعي ينسف الانتخابات ومعها قانون "الصوت الواحد". ومن خلصت نواياه، يخشى من تفجر الصراع على الجبهة الشمالية، بما يحول دون إجراء الانتخابات.

المخاطر على العملية الانتخابية لا تتوقف عند هذا الحد؛ المؤيدون للمشاركة يفتر حماسهم بعد أن وقفوا على حجم الصعوبات التي تعترض طريق تشكيل القوائم الوطنية، ما دفع ببعض السياسيين إلى الاستنكاف عن الترشح للانتخابات، والوقوف في صف المتفرجين على "العرس الديمقراطي". العملية الانتخابية تعاني أصلا من خلل مصنعي في القانون، وحالة عدم استقرار في المناخ السياسي الذي ولدت فيه، ولا تتحمل المزيد من الضغوط. لقد اجتازت المرحلة الأولى؛ مرحلة التسجيل، بعد أن استعانت بكل وسائل المساعدة المتاحة.

وفي مواجهة الشكوك بنزاهتها، استنادا إلى تجارب عملية سابقة، كان على الجهات الرسمية أن توظف طاقاتها في دعم جهود الهيئة المستقلة للانتخاب، لاستعادة الثقة المفقودة، ورفع سوية العملية الانتخابية، وتحفيز النخب السياسية على المشاركة، للوصول إلى مجلس نواب يملك القدرة على تحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة.

لا بوادر على ذلك بكل أسف. الإصرار على رفع الأسعار قبل الانتخابات يضاعف مشاعر الاحتقان الاجتماعي، ويطرح علامات استفهام مشروعة حول جدوى المشاركة ما دامت الحكومة "الانتقالية" مصرة على حسم الخيارات الاقتصادية والاجتماعية دون انتظار رأي ممثلي الشعب.

الانتخابات ليست سلعة يروج لها بإطلاق البالونات في سماء عمان، ولا بحملات تقليدية تستجدي المشاركة، أو بصرف وعود براقة عن جنة ديمقراطية موعودة في اليوم التالي للانتخابات. الانتخابات عملية سياسية بامتياز، تنخرط فيها كافة القوى والاحزاب بإرادتها الحرة، وتتصارع للفوز بثقة المواطنين، ليتسنى للأغلبية البرلمانية بعد ذلك قيادة البلاد وفق برنامجها.

ماذا تركنا للأغلبية النيابية لتفعله في المجال الاقتصادي بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للسنوات المقبلة؟!

المراحل التالية من العملية الانتخابية هي الأكثر أهمية وحساسية. صحيح أن الدولة نجحت في توزيع أكثر من مليوني بطاقة انتخابية، لكن يبقى الأصعب هو إقناع نصف هؤلاء ويزيد بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، والمساعدة في توفير خيارات انتخابية مقنعة تحفز الناخبين على الابتعاد عن الولاءات التقليدية عند اختيار مرشحيهم.

لا يأخذ كثيرون كلام الحكومة عن دعم ذوي الدخل المحدود على محمل الجد. إلغاء الدعم سيضاعف من معاناة شرائح واسعة في المجتمع، والبدل النقدي لن يساهم سوى في جزء يسير من كلفة الارتفاع المتوقع في أسعار السلع والخدمات. ولن يكون بمقدور بعض الفئات الاجتماعية المسحوقة مقاومة إغراءات تجار الانتخابات لبيع أصواتهم مقابل مبالغ مالية تزيد في بعض الدوائر التي تشهد تنافسا حادا عن قيمة الدعم المالي المقدم من الحكومة.

في ظل هذه المعطيات، فإن العملية الانتخابية تواجه خطر الإفلاس السياسي قبل أن تبلغ محطتها الأخيرة. ويُخشى أن تدخل غرفة الانعاش قبل أن يغادرها الاقتصاد الأردني الموجوع من العجز والمديونية وفاتورة الطاقة. في هذه الحال، فإن الانتخابات المبكرة التي أردناها مخرجا من الأزمة، تصبح أزمة بحد ذاتها.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير