مصطلح غير مصري
د.حياة الحويك عطية
جو 24 : منذ بداية التسعينيات , بدا ان الاعلام المصري تراجع امام الاعلام الخليجي الذي تقدم بزعامة الجزيرة ومن ورائها العربية الى واجهة الاعلام العربي واحيانا الدولي .
علميا كان منظرو الميديا يرون في ذلك دلالتين علميتين : الاولى ما اعطي عنوان الصراع بين نظرية السيادة ونظرية العولمة , والترجمة الاعلامية لكل منهما, حيث تقوم نظرية العولمة في احدى اهم ركائزها على ما يسمى ب¯ " مجتمع الاتصالات" اي فتح الفضاء العام امام وسائل الاتصال الجماهيري دون اي عوائق - حتى ولا مواثيق شرف , وانتساب المؤسسات الاعلامية الى شبكات الدائرة الثالثة في العولمة حيث ان الدائرة الاولى هي الشركات المتعددة الجنسيات العولمية ,الثانية فروعها الاقليمية والثالثة فروعها المحلية . ومن هنا تتحول اية حركة اعلامية الى نظام باطن ( كما عقود الباطن ) . مما جعل الحرية المؤقتة التي ابهرتنا كمتلقين لم يتعودوا الا على الخطاب ذي الاقفال الصدئة , تتحول الى وسيلة لاكتساب الجمهور والمصداقية , ومن ثم لم تلبث ان تخلت عن كل شعارات الموضوعية والمصداقية عندما اصبحت المصالح العولمية الامريكية - الصهيونية على المحك.
بالمقابل كانت نظرية السيادة , التي تتبناها مصر, تقول بإن تحرير الاعلام وليبراليته لا يعني باي حال خروجه عن مقتضيات السيادة الوطنية. دون ان يعني احترام مقتضيات السيادة تقييد الحريات او القبول بخطاب السلطة المفبرك. تمييز يبدو واضحا اذا ما تمكنا من التمييز بين السلطة والدولة بمفهوميهما القانونيين والواقعيين.
نتيجة لذلك كان هناك اعلام مصري محلي, يشكل استمرارا لتاريخه الطويل والعريق , مما يعطيه طابعه وتقاليده ورسوخ امكانياته البشرية ومحليته الثابتة, القادرة على الانطلاق الى العالم. اعلام " موطّن" مكانيا بحسب التعبير العلمي , بمعنى انه يصدر عن ارض بلاده , ووطني بمعنى ان جهاز فاعليه من مواطنيه .
بالمقابل , برز اعلام خليجي, يمثل عكس ذلك في كل شيء . نصفه اعيد توطينه خارج عاصمته. اعطي صفة الخصخصة في حين انه لا يزال ملكا للانظمة الحاكمة باسماء احد افرادها او قريب له. والخاصية الاهم ان جهاز فاعليه ليسوا من مواطنيه , مما ينجم عنه خصوصيات كثيرة من اهمها ان ارتباطهم بالمؤسسة , او بالاحرى بمن يمولها لان ما جاء بهم ليس شيئا الا سخاء الراتب. ولذلك فهو الامر الوحيد الذي يحملون له الولاء.
مهنيا , نتكلم , لا سياسيا . ننظر الى الاعلام المصري اليوم , منذ الحراك العربي , فنرى جدلا فكريا وسياسيا عاما , حقيقيا , ونرى مدرسة حقيقية في المهنية , سواء من حيث ادب المذيع وتهذيبه الاصيل ازاء كل ضيوفه , وحتى بين الضيوف انفسهم على اختلاف آرائهم, او من حيث تمكن المذيعين ( نساء ورجالا ) وحسن اعدادهم للمادة التي يقدمونها , او من حيث النفس الوطني الذي يحكم النقاش والذي تبدو فيه مصلحة مصر سلطانة متوجة لا يفكر احد في الاقتراب من هودجها: " الحرب الاهلية هذا مصطلح غير مصري !! الحوار والنقاش والجدل , حضراتكم احرار فيها كلها" يقول مذيع دريم . ثمة تبلور لنقاش عام سيقود الى تشكل فضاء عام , وسيصل بمصر - ان لم تبرز إعاقات تآمرية او ظلامية - الى ان تعود , كما كانت في مطلع عصر النهضة العربية , ساحة الجدل الفكري الحر في الفضاء العربي.
مقابل ذلك نجد اعلام الجزيرة والعربية ( حيث تحافظ الامارات على حد افضل من المهنية ) يرمى بادعاء الموضوعية والمهنية الى خلف ظهره , ويغدق علينا مذيعات تكاد تقفز الواحدة منهن علينا من الشاشة , في اداء قتالي يزاوج السذاجة بالحقد الذي لا نفهم مبررا له من مثل الاصطفافات غير الواعية . والنتيجة , اعلام, فقد مهنيته ومصداقته والتحق بركب اعلام دعاية الدولة ودعاية الحرب بكل ما فيهما من تلفيق وتزييف وابتعاد عن العقل. والمصيبة ان الدولة صاحبة الاستراتيجية هنا ليست بلد الوسيلة الاعلامية انما هي في نهاية الامر من نعرف.
العرب اليوم
علميا كان منظرو الميديا يرون في ذلك دلالتين علميتين : الاولى ما اعطي عنوان الصراع بين نظرية السيادة ونظرية العولمة , والترجمة الاعلامية لكل منهما, حيث تقوم نظرية العولمة في احدى اهم ركائزها على ما يسمى ب¯ " مجتمع الاتصالات" اي فتح الفضاء العام امام وسائل الاتصال الجماهيري دون اي عوائق - حتى ولا مواثيق شرف , وانتساب المؤسسات الاعلامية الى شبكات الدائرة الثالثة في العولمة حيث ان الدائرة الاولى هي الشركات المتعددة الجنسيات العولمية ,الثانية فروعها الاقليمية والثالثة فروعها المحلية . ومن هنا تتحول اية حركة اعلامية الى نظام باطن ( كما عقود الباطن ) . مما جعل الحرية المؤقتة التي ابهرتنا كمتلقين لم يتعودوا الا على الخطاب ذي الاقفال الصدئة , تتحول الى وسيلة لاكتساب الجمهور والمصداقية , ومن ثم لم تلبث ان تخلت عن كل شعارات الموضوعية والمصداقية عندما اصبحت المصالح العولمية الامريكية - الصهيونية على المحك.
بالمقابل كانت نظرية السيادة , التي تتبناها مصر, تقول بإن تحرير الاعلام وليبراليته لا يعني باي حال خروجه عن مقتضيات السيادة الوطنية. دون ان يعني احترام مقتضيات السيادة تقييد الحريات او القبول بخطاب السلطة المفبرك. تمييز يبدو واضحا اذا ما تمكنا من التمييز بين السلطة والدولة بمفهوميهما القانونيين والواقعيين.
نتيجة لذلك كان هناك اعلام مصري محلي, يشكل استمرارا لتاريخه الطويل والعريق , مما يعطيه طابعه وتقاليده ورسوخ امكانياته البشرية ومحليته الثابتة, القادرة على الانطلاق الى العالم. اعلام " موطّن" مكانيا بحسب التعبير العلمي , بمعنى انه يصدر عن ارض بلاده , ووطني بمعنى ان جهاز فاعليه من مواطنيه .
بالمقابل , برز اعلام خليجي, يمثل عكس ذلك في كل شيء . نصفه اعيد توطينه خارج عاصمته. اعطي صفة الخصخصة في حين انه لا يزال ملكا للانظمة الحاكمة باسماء احد افرادها او قريب له. والخاصية الاهم ان جهاز فاعليه ليسوا من مواطنيه , مما ينجم عنه خصوصيات كثيرة من اهمها ان ارتباطهم بالمؤسسة , او بالاحرى بمن يمولها لان ما جاء بهم ليس شيئا الا سخاء الراتب. ولذلك فهو الامر الوحيد الذي يحملون له الولاء.
مهنيا , نتكلم , لا سياسيا . ننظر الى الاعلام المصري اليوم , منذ الحراك العربي , فنرى جدلا فكريا وسياسيا عاما , حقيقيا , ونرى مدرسة حقيقية في المهنية , سواء من حيث ادب المذيع وتهذيبه الاصيل ازاء كل ضيوفه , وحتى بين الضيوف انفسهم على اختلاف آرائهم, او من حيث تمكن المذيعين ( نساء ورجالا ) وحسن اعدادهم للمادة التي يقدمونها , او من حيث النفس الوطني الذي يحكم النقاش والذي تبدو فيه مصلحة مصر سلطانة متوجة لا يفكر احد في الاقتراب من هودجها: " الحرب الاهلية هذا مصطلح غير مصري !! الحوار والنقاش والجدل , حضراتكم احرار فيها كلها" يقول مذيع دريم . ثمة تبلور لنقاش عام سيقود الى تشكل فضاء عام , وسيصل بمصر - ان لم تبرز إعاقات تآمرية او ظلامية - الى ان تعود , كما كانت في مطلع عصر النهضة العربية , ساحة الجدل الفكري الحر في الفضاء العربي.
مقابل ذلك نجد اعلام الجزيرة والعربية ( حيث تحافظ الامارات على حد افضل من المهنية ) يرمى بادعاء الموضوعية والمهنية الى خلف ظهره , ويغدق علينا مذيعات تكاد تقفز الواحدة منهن علينا من الشاشة , في اداء قتالي يزاوج السذاجة بالحقد الذي لا نفهم مبررا له من مثل الاصطفافات غير الواعية . والنتيجة , اعلام, فقد مهنيته ومصداقته والتحق بركب اعلام دعاية الدولة ودعاية الحرب بكل ما فيهما من تلفيق وتزييف وابتعاد عن العقل. والمصيبة ان الدولة صاحبة الاستراتيجية هنا ليست بلد الوسيلة الاعلامية انما هي في نهاية الامر من نعرف.
العرب اليوم