المفاجأة
د.حياة الحويك عطية
جو 24 : لم يكن فوز مرشح الحزب الاشتراكي في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية مفاجأة, غير ان المفاجأة تمثلت في النسبة التي حصلت عليها مرشحة اقصى اليمين مارين لوبان, حيث قاربت الـ 18%, متقدمة بذلك نحو العشرين بالمئة المطلوبة لخوض الجولة الثانية.
لم ينفع ساركوزي اللعب على الاوتار التقليدية لاقصى اليمين, الهجرة وشيطنة الخطر الاسلامي, وذلك ببساطة لان مارين لوبان تخلت عنهما وبنت خطابها السياسي منذ 2010 على القضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية, فاستطاعت بذلك ان تلامس هموم الناس في فترة ازمة اقتصادية, من المألوف ان يحمل الناخب مسؤوليتها لمن هم في الحكم.
من جهة ثانية, فقدت قصة البعبع الاسلامي مصداقيتها, بعد ان اصبح الرئيس الفرنسي حليف الاسلاميين المتشددين في ليبيا ثم في سورية . يقود في الاولى حربا عسكرية مدمرة تنتهي بايصال هؤلاء الى السلطة, فيكون اول من يزورهم وترفع صوره هناك الى جانب صور قادتهم . ثم يستنفر كل قواه الديبلوماسية والعسكرية - الامنية لدعمهم في سورية. مواقف لم يكن ليكفيه افتعال قصة الشاب الجزائري محمد مراح, وقتله, عشية الانتخابات, لرسم صورة بديلة عنها. فالمسرحية التي نفعت مرشح عام 2007 عبر احداث الضواحي, لم تعد لتنفعه في عرضها الثاني عام 2012 بذلك برهنت الانتخابات على درس في العمل السياسي الديمقراطي, وهي ان المصداقية تظل معيارا اساسيا لمدى فترة صلاحية الشعبية المكتسبة . فمارين لوبان او فرانسوا هولاند او غيرهما, هم مرشحون صادقون في انتمائهم الى خط سياسي, ايا يكن, وبه يحاولون تنمية مستوى شعبيتهم . اما لعبة ساركوزي فقد تركزت منذ بدء صعوده السياسي على خطف اصوات غيره, لانه لم يكن يوما مطمئنا الى شعبيته داخل حزبه, فعمل على الانحياز الى الخطاب التقليدي لاقصى اليمين للاستقواء باصواته, واذ نجح معه الرهان عام 2007 فان اللعبة قد استنفدت عام 2012 . وعاد كل الى صاحبه.
اما الدرس الثاني, فهو اهمية تجديد الخطاب السياسي لاي حزب او تيار, اذ يرجع المحللون الفضل الاكبر في تقدم لوبان الابنة على ما كان لوبان الاب,الا ان السيدة ذات الاربعين عاما (وقد تولت القيادة في الثلاثينيات من عمرها) قد عرفت ان عليها تحديث خطاب حزبها, رغم ان ذلك لم يعجب اباها في البداية.
غير ان النقطة الاخيرة التي تقتضي متابعة اكثر من قبلنا, هي ان المحللين الفرنسيين يقولون ان السيدة التي تطرح نفسها الان كزعيمة للمعارضة في عهد فرانسوا هولاند, قد تبنت, من بين ما تبنته من خطوات تجديدية, العمل على نزع الصورة اللاسامية عن حزبها. فما المقصود بنزع الصورة اللاسامية? خاصة ان الذي يعرف السياسة الفرنسية يعرف ان الجبهة الوطنية لم تكن يوما لا سامية, وانما كانت تعترض على هيمنة اللوبي اليهودي وعلى مواقف الصهيونية الغربية من بعض القضايا العربية. وحتى هذا لم يكن موضع اجماع, بل انه ادى في مرحلة ما الى انشقاق داخلي معروف.
فهل ان مارين لوبان قد اجرت مصالحة مع هذا الافتراق? ام ان من يهمهم حصول ذلك بدؤوا يروجون له طالما ان السيدة بدات تتقدم نحو التاثير في القرار السياسي?
العرب اليوم
لم ينفع ساركوزي اللعب على الاوتار التقليدية لاقصى اليمين, الهجرة وشيطنة الخطر الاسلامي, وذلك ببساطة لان مارين لوبان تخلت عنهما وبنت خطابها السياسي منذ 2010 على القضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية, فاستطاعت بذلك ان تلامس هموم الناس في فترة ازمة اقتصادية, من المألوف ان يحمل الناخب مسؤوليتها لمن هم في الحكم.
من جهة ثانية, فقدت قصة البعبع الاسلامي مصداقيتها, بعد ان اصبح الرئيس الفرنسي حليف الاسلاميين المتشددين في ليبيا ثم في سورية . يقود في الاولى حربا عسكرية مدمرة تنتهي بايصال هؤلاء الى السلطة, فيكون اول من يزورهم وترفع صوره هناك الى جانب صور قادتهم . ثم يستنفر كل قواه الديبلوماسية والعسكرية - الامنية لدعمهم في سورية. مواقف لم يكن ليكفيه افتعال قصة الشاب الجزائري محمد مراح, وقتله, عشية الانتخابات, لرسم صورة بديلة عنها. فالمسرحية التي نفعت مرشح عام 2007 عبر احداث الضواحي, لم تعد لتنفعه في عرضها الثاني عام 2012 بذلك برهنت الانتخابات على درس في العمل السياسي الديمقراطي, وهي ان المصداقية تظل معيارا اساسيا لمدى فترة صلاحية الشعبية المكتسبة . فمارين لوبان او فرانسوا هولاند او غيرهما, هم مرشحون صادقون في انتمائهم الى خط سياسي, ايا يكن, وبه يحاولون تنمية مستوى شعبيتهم . اما لعبة ساركوزي فقد تركزت منذ بدء صعوده السياسي على خطف اصوات غيره, لانه لم يكن يوما مطمئنا الى شعبيته داخل حزبه, فعمل على الانحياز الى الخطاب التقليدي لاقصى اليمين للاستقواء باصواته, واذ نجح معه الرهان عام 2007 فان اللعبة قد استنفدت عام 2012 . وعاد كل الى صاحبه.
اما الدرس الثاني, فهو اهمية تجديد الخطاب السياسي لاي حزب او تيار, اذ يرجع المحللون الفضل الاكبر في تقدم لوبان الابنة على ما كان لوبان الاب,الا ان السيدة ذات الاربعين عاما (وقد تولت القيادة في الثلاثينيات من عمرها) قد عرفت ان عليها تحديث خطاب حزبها, رغم ان ذلك لم يعجب اباها في البداية.
غير ان النقطة الاخيرة التي تقتضي متابعة اكثر من قبلنا, هي ان المحللين الفرنسيين يقولون ان السيدة التي تطرح نفسها الان كزعيمة للمعارضة في عهد فرانسوا هولاند, قد تبنت, من بين ما تبنته من خطوات تجديدية, العمل على نزع الصورة اللاسامية عن حزبها. فما المقصود بنزع الصورة اللاسامية? خاصة ان الذي يعرف السياسة الفرنسية يعرف ان الجبهة الوطنية لم تكن يوما لا سامية, وانما كانت تعترض على هيمنة اللوبي اليهودي وعلى مواقف الصهيونية الغربية من بعض القضايا العربية. وحتى هذا لم يكن موضع اجماع, بل انه ادى في مرحلة ما الى انشقاق داخلي معروف.
فهل ان مارين لوبان قد اجرت مصالحة مع هذا الافتراق? ام ان من يهمهم حصول ذلك بدؤوا يروجون له طالما ان السيدة بدات تتقدم نحو التاثير في القرار السياسي?
العرب اليوم