منع من النشر في الدستور هل رأيتم ما يحدث في التعليم العالي؟!
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 :
علاوة على مقالات كتبتها هنا وفي غير المكان عن تجاوزات يندى لها الجبين، تحدث في التعليم العالي وبموجب قرارات مجلسه، وقرارات يتخذها رؤساء جامعات، نقف والحيرة تتملكنا مما يجري في التعليم العالي، وكيف تتلاشى الأفكار والمحاولات لتحسين أداء هذه الوزارة وتلك المؤسسات، وهي التي سرعان ما تتلاشى وتنقلب رأسا على عقب بلا مبررات..
قبل أسابيع تم تداول أخبار وتوجهات لدى التعليم العالي بجعل التقييم لأداء الجامعات سنويا، وليس مرة كل 4 سنوات، لكنها مبادرات ستختفي كما تعودنا، وتصبح من المحرمات التي لا يأتي أحد على ذكرها، وهذه ملاحظتي للصديق الاستاذ الدكتور عادل الطويسي وزير التعليم العالي الجديد، الذي لا أشك في استقلاله عن تلك الأجندات التي تتصارع حول إدارة التعليم العالي.
تابعت قبل أيام مقالات وأخبار يمكن تصنيفها بأنها أخبار "مناسبات"، نرى مثلها مع كل تغيير يطال الجالس على مقعد الوزير، حيث يتطوع أشخاص بكتابة آراء جديرة بالاهتمام، أملا في أن يأخذ بها صاحب القرار ويقوم بخطوات واضحة لتحسين أداء المجالس والمؤسسات المعنية بالتعليم العالي في الأردن.. يتحدث فيها مختصون وخبراء حول تراجع الجامعات الأردنية في التصنيفات العالمية، حيث لا مكان لها في التصنيفات العالمية المذكورة، بينما تقفز جامعات أخرى درجات متجاوزة الجامعات الأردنية، في قفزات محيرة أيضا، فالمنطق يحتم على المتأمل أن يتوقع تقدما للجامعات الأردنية، بحكم أقدميتها وبحكم نضوج تجاربها، وكثرة خريجيها ..الخ العوامل المؤثرة في التقدم والتطوير والتغيير ومواكبة الجديد.
التقيت قبل أيام بأحد أعضاء مجلس التعليم العالي، وسألته حول شكوى قدمها أحدهم، تساءل فيها عن سبب وطريقة ترقية أحد رؤساء الجامعات، على الرغم من أن لجنة الترقية أوصت بعدم ترقيته وأشارت بأن الأبحاث التي قدمها مشاركة مع آخرين، هي أبحاث منشورة قبل ذلك، وتم رفضها وأوصت اللجنة بعدم ترقيته، ليصبح بعد سنوات قليلة رئيسا لجامعة، ثم تنهال عليه الإشادة والتبجيل رغم تواضع خبراته، وعدم جدارته او لياقته لمثل هذه المهمة.. أجابني الأستاذ الدكتور المحترم بأنه لم يطلع على مثل هذه الشكوى، فأجبته بأنها أصلا موجهة لمجلسكم وأشار لي مرسلها بنسخة منها ومن التقرير الذي صدر عن لجنة الترقية وتوصياتها!.
لا أستطيع أن أفهم كيف يقبل أي صاحب قرار في التعليم العالي أو غيره، أن يشيح النظر عن هذا التراجع الذي نشهده في التعليم العالي، بعد أن كنا وحتى وقت قريب من أهم الدول في المنطقة في هذا المجال ! وحين تحاول أن تتعمق في محاولة الفهم والتقصي للحقيقة تصطدم بالشخصنة والجهوية والمحسوبيات، التي "خربت الدنيا"، واساءت إلى الأردن وسمعته في التعليم العالي، وكنت قد أوردت مثالا في مقالة حول توقف بعض الدول العربية عن إيفاد طلبتها إلى الجامعات الأردنية، رغم تاريخ يجمعنا معها بالتبادل الثقافي اللافت مقارنة مع دول أخرى، ومن خلال هذا المثال يمكننا أن نتأكد بأن سمعة الجامعات الأردنية ومكانتها أصبحت خارج حدود اهتمام الاستراتيجيين، مما يجعل الحديث عن البحث العلمي ترفا أكثر منه حديث استراتيجيات وتغيير وتطوير، وهو العامل الأهم في تصنيف الجامعات حول العالم، فلا مجال لحديث مثله إن علمنا أن بعض القيادات الأكاديمية تتمتع بأسوأ تحصيل وتاريخ على هذا الصعيد، كما تحدثنا التصنيفات الدولية والوثائق والحقائق..
بقي القول لصديقي عضو مجلس التعليم العالي بأن تقارير ومساءلات وخطابات رسمية صادرة عن ديوان المحاسبة، تتقصى شبهات صرف أموال لمثل هؤلاء، وهم لا يستحقونها وتطالبهم التقارير بإعادتها، وبيان موجبات صرف أموال لآخرين من غير أسباب وجيهة قانونا..في الواقع؛ لم أعد أستغرب أن يتحدث بعضهم عن الفساد وهو أكبر المتورطين فيه، ولا عن القانون والوطنيات وهو أكثرهم جهلا فيها.. كل هذه أخبار قديمة ولا تعني شيئا لدى مسؤولين لا نعرف كيف يأتون ويذهبون، ولا نرى أثرا لهم سوى مزيد من تراجع وإخفاق في التعليم العالي ومؤسساته.
أحد هؤلاء يحدثني عن القانون في جامعته، وهو يعلم أن مدير شؤون موظفيه الذي يطبق القانون ويعطي ملاحظات وشروحات عليه، يحمل بكالوريوس بالمراسلة من جامعة سودانية، ويتناقض تعيينه مع قانون جامعته الذي أصبح فيها مسؤولا "من قلة المسؤولين"، ومع هذا فهو يحتل هذا الموقع ويفتي للقوم بالقوانين وفنون الإدارة والحقوق والواجبات..
"خلوها في تبنها إلى أن يهب هواها" وذلك إن كنتم تفهمون ما هو تبنها أو تدركون شدة هبوب هواها.
ibqaisi@gmail.com
* مُنع من النشر في صحيفة الدستور