jo24_banner
jo24_banner

الحراك الشعبي الأردني فرصة للنظام

مثنى غرايبة
جو 24 :

منذ بدأ الحراك الشعبي الأردني في كانون الثاني من 2011 وقبل ذلك منذ بدأت الإحتجاجات الشعبية العمالية بالظهور بداً بعمّال المياومة والموانيء وليست إنتهاءً بإعتصامات المعلمين وإضراباتهم تصرّف النظام بدهشة مستمرّة مع ما يحصل، وفي كل مرة يحصل فعل إحتجاجي مهما إختلف شكله تتصرف أجهزة الحكم وكأنها لم تقتنع أن هناك كتلة إجتماعية في الأردن تعاني من ظلم إجتماعي إقتصادي وسياسي، وأن هناك ضرورة فعلية لإجراءات جادة لتغيير النهج الذي أدى لهذا الظلم وضرورة إعادة النظر بكل ما يمكن أن يبقي على هذا الظلم أو يكرّسه، ويظل التعامل مع الحراك بالمنطق الذي تعودت السلطة التعامل به مع المجتمع أما بالإسترضاء أو التخويف دون إيمان حقيقي بضرورة تغيّير الطريقة التي تحكم بها البلاد.

من ناحية أخرى ما زال الحراك أيضاً يتصرف بدهشة في كل حالة يتم بها قمع أي تحرّك، أو الإعتداء على بعض النشطاء بالتهديد بمختلف الطرق، وما زال النشطاء يستغربون الفعل بشكل غريب، دون أن يقتنعوا أنه من طبيعة أي سلطة لم تنتخب ولها العديد من المكاسب التي يمكن أن تخسرها في حال تغيّر الطريقة التي تنتج فيها السلطة التنفيذية أن تكون شرسة جداً في مواجهة أي محاولة لتغيير الطريقة التي تحكم بها البلاد، وربما تكون هذه الدهشة من قبل النشطاء هي ببساطة تعبير إيجابي جداً على صدقهم بعدم الرغبة في أي ولادة قيصرية للتغييرالديموقراطي في الأردن وإيمانهم أن الإصلاح وإن أختلف مفهومه عند كلّ فئة منهم ما زال ممكناً.

في عالم الإتصالات هناك مصطلح مهم يسمى بِ Bill Shock هذا المصطلح يعبر عن الصدمة التي تحصل للمشتركين الذين يحولون إشتراكهم من خط مسبق الدفع إلى خط لاحق الدفع حيث تصل المشترك الفاتورة بمبلغ هو أضعاف ما كان يتوقعه، وهناك عدة أسباب لحصول هذه الصدمة أحدها هو الإحساس بالراحة بأن ليس هنالك حد للرصيد لينفذ فيواصل المستخدم التكلم لفترات أطول، وأحيانا ما تحصل هذه الصدمة نتيجة ترك الهاتف متاحاً لأفراد المنزل أو العمل حسب نوع الإشتراك للعب به دون رقابة حقيقة، وخصوصاً مع تنوع الخدمات المقدمة حالياً فيمكن أن يسيء الموظفون أو الأطفال إستخدام خدمة الأنترنت ويواصلون تنزيل الأفلام حتى يصل الحد الأقصى المتاح ضمن الأشتراك مما يمنع الإستفادة من الخط دون دفع فاتورة باهظة الثمن أو ربما في الحالات التي يتعذر فيها دفع الفاتورة يكون الحل هو قطع الخط إذا لم يجد المشترك من يمّوله لدفع الفواتير. للتخفيف من هذه الظاهرة تم إختراع تطبيقات متعددة في أنظمة المحاسبة تقوم بالمجمل بتنبيه المشترك بأنه وصل لحدود معينة من الإنفاق عليه أن ينتبه عندها، وكلما وصل حدّا أكبر من الإنفاق تبعث له برسالة تخبره عن الحد الذي وصله ليقوم بإجراء حساباته إن كان قادراً على الإستمرار بهذا الكم من الإنفاق غير المسؤول. برأيي أن الحراك الشعبي كان بمثابة تنبيهات متعددة للنظام السياسي، ليبدأ بمراقبة من يستخدم الرصيد الذي كان في لحظة معينة كافياً للإستمرار لفترات أطول، ولكن سوء إستخدام الموظفين للرصيد (في هذه الحالة السلطة التنفيذية وأجهزتها إن كان لها الولاية العامة كما تدّعي) أدى إلى تسارع نفاذ الرصيد وتسارع إرسال التنبيهات عبر التحركات المختلفة طوال العام.

بالخلاصة ما زال الحراك يحاول بجهود غير منظمة بالحد الكافي حتى الآن إعطاء الحكم ما يكفي من التنبيهات للقيام بالفعل اللازم لتلافي وقوع أزمة حقيقية تعصف بالأمن الإجتماعي والإقتصادي للبلد وإن كان الحراك الشعبي يحمل صفات المجتمع بإيجابياتها وسلبياتها التي نتجت عن عقود من سياسات تعليمية مشوّهة وإقتصاد مبني على تشجيع حالة الإعتماد على الأعطيات بدلاً من خلق فرص الإنتاج، ومن عقود من الأحكام العرفية التي حرّمت فيها السياسة ثم تلاها عقدان من ديموقراطية الصوت الواحد التي كان كامل أعضاء مجالس النوّاب فيها لا يمثلون 20% من الأصوات، فما زال الحراك بصورته العامة يحمل نفساً ثورياً ضد واقع مرير وليس من مصلحة أحد دفع الحراك نتيجة سوء الإدارة أو إنعدام الإرادة السياسية للإصلاح ليتحوّل إلى جانب ثأري من مواطنين إكتشفوا فجأة أنهم يعيشون كذبة كبرى على حسابهم وعلى حساب الأردن كوطن.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير