jo24_banner
jo24_banner

هل قانون الضريبة المقترح تصاعدي فعلاً؟

مثنى غرايبة
جو 24 :

تفاءل الكثير من الأردنيون بنية الحكومة تقديم مقترح قانون جديد لضريبة الدخل يعتمد الضريبة التصاعدية على الدخل كما نص على ذلك الدستور، هذا المطلب الذي ظل الحراك ينادي به طوال أكثر من سنتين كجزء من العلاج المقترح لحل عجز الموازنة الناتج عن سنوات من الفساد وسوء الإدارة.
والنظرة الأولية على القانون توحي بأنه تطور مهم بالتشريع الضريبي حيث أصبحت هناك 6 شرائح تزداد بها النسبة التي تدفع مع إزدياد الدخل كما في كل الدول المتقدمة، ولكن هناك موضوع مهم يجب الإنتباه إليه في النظر للضريبة، إذ أننا لا يجب أن ننظر للضريبة من باب ضريبة الدخل فحسب وتصاعديتها، وإنما من باب حساب العبء الضريبي ككل الناتج عن ضريبة الدخل والمبيعات والضرائب الأخرى، وإن أخذنا هذا الموضوع في الحسبان سنكتشف أن النظرة الأولية ليست دقيقةً تماماً.
حسب الموازنة العامة لسنة 2012 المعلنة على موقع وزارة المالية نرى أن الإيراد الناتج عن ضريبة الدخل والأرباح هو ما يقارب 734 مليون دينار من كامل الإيرادات الضريبية والتي تساوي 3.54 مليار دينار أي ما لا يتجاوز 21% من كامل الدخل الضريبي. وكما ورد في تقارير دائرة الإحصاءات العامة لعام 2011 فإن الدخل الشهري ل 89% من الأردنيين هو أقل من 500 دينار، مما يعني أن هؤلاء ال 89% لا يدفعون ضريبة على الدخل ولكنهم يدفعون بشكل ثابت ما يقارب ال 16% من دخلهم ضريبة على المبيعات.
خلال ال 12 عشر سنة الماضية كان حجم الإنفاق العام 55 مليار دينار منه فقط 6.4 مليار دينار منح والباقي متوزع بين إيردات ضريبية تشكل ما يقارب ال 71% من الدخل الكلي والباقي من الإيرادات غير الضريبية المختلفة، مما يعني أن الأردنيين مولوا أغلب الإنفاق الحكومي من ضرائهم دون أن يكون لهم الحق في القرار كيف تنفق هذه الأموال أو حتى الرقابة على إنفاقها.
في القانون المقترح تم خفض الحد الأدنى الخاضع للضريبة ليكون 9 آلاف دينار للفرد و18 ألف دينار للأسرة بينما كانت مسبقا 12 ألف و24 ألف دينار على التوالي، هذا الخفض سيؤثر بشكل كبير على الطبقة الوسطى أكثر من أي شيء آخر بينما لن يكون لها أثر كبير على الدخل الضريبي الكلّي لصغر هذه الشريحة. هذا الخفض حصل حسب توصيات صندوق النقد الدولي ضمن الخطة المقترحة لخفض العجز خلال خمس سنوات.
الجزء الإيجابي في القانوني وهو رفع رسوم التعدين والضريبة لتصل في حدّها الأعلى ل 40% بينما كانت لسنوات عديدة في حدود ال 13% على الفوسفات، أي أن الشركة التي تربح بالملايين وتم خصخصتها في صفقة منظورة أمام المحاكم الآن كقضية فساد كانت تدفع ضريبة أقل من أي عامل أردني يتقاضي الحد للأجور. وتم رفع الضريبة أيضاً على البنوك وشركات الإتصالات وغيرها مما سيورد مبالغ أكبر لخزينة الدولة على المدى القريب وإن كان هناك نظريات إقتصادية تؤكد أنه في قطاعات معيّنة مثل الإتصالات التي تحتاج لإستثمارات سنوية كبيرة لإستدامة الشبكة وتوسعتها وتحسين خدماتها يفضل أن لا تكون الضرائب مبالغ بها لأنها ستؤدي إلى خفض الإنفاق الرأسمالي للشركات وهذا الإنفاق الذي يساهم في تحريك الدورة الإقتصادية وتحسين الخدمات وتطويرها، وخصوصاً أن الإحصاءات العالمية تقول أن زيادة ألف خط إنترنت سريع تؤدي لخلق 80 فرصة عمل جديدة وهذا بالتأكيد سيكون له أثر إيجابي على الناتج المحلّي الإجمالي والضرائب المستوفاة أيضاً.
مما سبق نعود لما كنا نطالب به منذ بداية الحراك وهو قانون الضريبة التصاعدي الذي يوفر دخلاً مناسباً للدولة لتقدم للمواطنين الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ونقل، فإن إعادة النظر بقانون ضريبة الدخل وحده دون إعادة النظر بضريبة المبيعات وإلغاءها أو تخفيضها على السلع الأساسية وربما رفعها على السلع الكمالية وضبط التهرب الضريبي الكبير سيبقى العبء الضريبي الكلّي على المواطنين غير عادل.
في المجمل وإن كان هناك خطوة إيجابية في مظهرها العام في التشريع الضريبي في الأردن ولكن الصورة الكليّة تؤكد على حقيقة واحدة وهي أن الحكومات لا زالت تنظر إلى جيوب المواطنين ودخلهم المحدود كمصدر أساسي لسداد الديون التي تسبب فيها الفساد وسوء الإدارة، وهذا مما سيؤدي للمزيد من الفقر والقهر للأردنيين ولن يؤدي للإستقرار السياسي الذي هو أيضاً من أهم العوامل التي تشجع على الإستثمار والنمو الإقتصادي، لذلك لا بد من إجراءات سريعة تستعيد الأموال المسروقة وتخفض النفقات الحكومة لتعيد الثقة للمواطنين بدولتهم وإلا سنبقى في نفس الحلقة المفرغة.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير