jo24_banner
jo24_banner

قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق يا مجلس نقابة المهندسين

مثنى غرايبة
جو 24 :

منذ وعيت على الدنيا والنقابات بالنسبة للأردنيين هي حصن الدفاع عن الديموقراطية والحريات والقضايا العادلة، وخصوصاً أيام الأحكام العرفية فقد كانت النقابات تشكل متنفسا للقوى السياسية المحظورة (القوى اليسارية والقومية) والقوى المصرّح بوجودها وقتها (الإخوان المسلمين) للعمل السياسي. وكنّا نعتبر النقابات المهنية حتى وقت قريب ربما المكان الوحيد الذي تجري فيه إنتخابات ديموقراطية شفافة تعبر عن إرادة الناس. ولا يمكن أن أنسى دور النقابات المهنية في تشكيل الوعي السياسي لي وللكثير من الأردنيين وخصوصاً أيام الإنتفاضة الأولى والثانية وحرب الخليج وغيرها وخصوصاً نقابة المهندسين النقابة الأكبر عدداً وقدرةً مادية على المساهمة في تنظيم الحملات.

للأسف منذ بدأ الحراك بدأ دور النقابات يتراجع بظهور قيادات شابة في الحراك مستعدة لكسر المألوف والتقليدي وغير مهتمة بالمساومات السياسية وكان ذلك مفهوماً ضمن سياق الحراك، أما أن تنتقل النقابات من دورها الذي خلقت لأجله وهو حماية مصالح منتسبيها والدفاع عنهم والوقوف بوجه الظلم في أي مكان، للقيام بالظلم نفسه فهذا ما لا يمكن أن يكون مقبولا، ولا داعي هنا للتكلم عن الفساد المصاحب للظلم في ملفات ينظر بها القضاء حتى تحسم القضية ً في المحكمة.

منذ شهور وقضية المنهاة خدماتهم تعسفياً من نقابة المهندسين وهي تراوح مكانها دون تقدم، وبالعكس بدلاً من أن ينزل النقيب ويجلس مع المعتصمين في خيمة إعتصامهم التي نصبوها باب بيتهم الكبير ألا وهو مجمع النقابات، تجاهل وجودهم تماماً، وكم كنّا كحراكيين نغضب عندما نعتصم باب وزارة أو مؤسسة رسمية ولا يخرج أي من المسؤولين فيها ليحاول أن يفهم لماذا نعتصم أو يقنعنا بوجهة نظره المختلفة، فكيف إن كان الإعتصام هو في نقابتنا التي من المفروض أن تحمينا من الفصل إن حصل في أماكن أخرى؟ لم يكن ذلك كافياً فقد تم تشكيل وفد من النقباء السابقين المشهود لهم بنضالهم ووقوفهم في وجه الظلم وقابلوا النقيب، دون أية فائدة تذكر، بالعكس كان ذلك أكثر إحباطاً ومدعاة للغضب.

لم تكن هذه القضية لتأخذ طابعها السياسي، لولا أن التيار المسيطر على نقابة المهندسين والذي إتخذ قرار الفصل، هو ذات التيار الذي كان ممكن أن نضرب نحن وأبناؤه سوّيا في الشارع، كان ممكن أن يتعرض أحد الإخوان لحجر بدلاً عني وأتعرض لعصاً بدلاً عنه، لو أننا لم نستنشق الغاز المسيل للدموع معاً، لم تكن هذه القضية لتكون بهذه الأهمية لو لم يكن هذا التيّار المسيطر على النقابة هو التيّار الذي يطالب بقانون إنتخابي عادل في الأردن مبني على النسبية ويرفض هذا القانون في النقابات لأنه يعلم أن هذا القانون يفقده سيطرته عليها وهو نفس سبب رفض النظام لتعديل قانون الإنتخاب. نقابة المهندسين فيها أكثر من 80 ألف عضو، لا ينتخب منهم سوى 10% لأن الباقي يحسون بالغربة وبعدم القدرة على التأثير تماماً كما يحس الأردنيون بالنسبة للبرلمان ، فكيف لي أن أصدق هذا التيّار وهو يطالب بالديموقراطية في مكان ويرفضها حين تقترب من مصالحه ويفصل مقرر اللجنة التي تدعو للتمثيل النسبي في النقابة من عمله؟

كيف لنا أن نصدق تيّاراً ينهي خدمات 13 موظفاً ومن ثم يساومهم كأفراد على مكافآتهم وضمانهم الإجتماعي ليفكك قضيتهم كأي نظام يريد مساومة الحراك وإستعياب جزء منه بدلاً من تحقيق مطالبه المشروعة. كيف لنا أن نصدق تيّاراً يستخدم التكفير للخلاص من مسؤوليته الأخلاقية في قطع أرزاق الناس، ويأتي أحد قياداته ويدّعي أن المعتصمين في خيمة المفصولين كانوا يشتمون الرسول عليه السلام وهذا ما لم يحصل بالتأكيد، ولكنه إستسهل تكفير مجموعة مظلومة تطالب بحقّها على الإعلام حتى لا يعطيهم حقهم.

لعلّنا نذكر جميعاً ردة الفعل العارمة حتى من قبل نفس التيّار المسيطر على قرار إحالة بعض قيادات حراك المعلمين على التقاعد المبكر والإستيداع وكيف اعتبر الجميع ذلك ظلماً لا بد من الرجوع عنه، وتم بالفعل العودة عنه، فهل يمكن للنقيب ومجلس النقابة أن يتراجعوا عن ظلمهم أم أنهم سيثبتون للأردنيين أنهم مجرد وجه آخر للظلم بفرق وحيد أنهم بيدهم سلاح الدين يشهرونه في وجه من يخالفهم.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير