السقوط في الوحل
معاذ عاطف التل
جو 24 : لا ينكر احد التاريخ النضالي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/ القيادة العامة التي يرأسها احمد جبريل منذ ستينيات القرن الفائت، ولا احد ينكر تلك العمليات النوعية التي قامت بها الجبهة ضد «اسرائيل»، واجبرتها في احدى المرات على مبادلة اكثر من الف اسير فلسطيني وعربي، ومعهم بعض المناضلين الامميين الذين شاركوا الى جانب العرب في قتالهم الصهاينة واشهرهم الياباني كوزو اكوموتو، وذلك مقابل ثلاثة اسرى صهاينة، كان ان شهدوا بعد خروجهم بحسن المعاملة التي تلقوها إبان أسرهم، وهو موقف لا شك يحسب للجبهة لا عليها.
ولا احد ينكر جهاد حزب الله كجزء من مقاومة الشعب اللبناني للاحتلال الصهيوني التي ابتدأها الحزب الشيوعي والحزب القومي السوري في اوائل الثمنينيات.
للشهادة قيمة عظيمة عند العرب والمسلميين، ولا يملك احدنا الا ان يترحم على كل الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة ارض فلسطين، وكل ارض عربية واسلامية أياً كان انتماؤهم التنظيمي، لكن من حقنا ايضاً ان نطرح التساؤل الآتي: هل قدم هؤلاء ارواحهم على طريق تحرير الارض والانسان كما كانت قناة القدس التابعة للجبهة الشعبية تقول ام لغرض آخر؟ لا شك في أن كل من حارب ضد الصهاينة كان يسعى لتحرير الوطن السليب، ومنع «اسرائيل» ومن وراءها من استكمال المشروع الاستعماري الهادف الى اعادة العرب قبائل متناثرة متناحرة فيما بينها.
قد يتلقى أي تنظيم مقاوم الدعم من جهة او دولة ما، هذا الامر لا غضاضة فيه، حتى وان كانت اهداف الطرفان لا تتفقان تماما في الغرض من المقاومة، ولكن اهم نقطة في الموضوع ان التنظيم يجب ان يحافظ على استقلالية قراره، وان لا يتحول الى مجرد اداة بيد الجهة الداعمة له لتحقيق مآربها الخاصة.
لم أحاور أياً من مؤيدي النظام السوري الا وأقر أن دعم هذا النظام للمقاومة ليس مبدئيا، وغرضه الاتجار بها، وحتى هذا الاتجار فإن الغرض منه ليس جلب مصالح للشعب السوري، بل هو لمجرد جلب شرعية لهذا النظام، هذا الامر هو الذي دفع بنظام الاسد الى قمع وسجن اي مناضل فلسطيني او عربي لا يسير معه بالكيفية التي يرسمها هو التي يريد بها من المقاومة ان تكون ورقة في يده يتكسب بها! ومن هؤلاء المناضل الفلسطيني عبدالمجيد الزغموت الذي امضى اكثر من ثلاثين سنة في سجون الاسد وتوفي فيها، ومنهم من فرضت عليه الاقامة الجبرية كأبو خالد العملة المتوفى حديثا، وسبب اعتقال الرجل برغم تاريخه النضالي رفضه الانصياع لبعض رغبات المخابرات السورية في لبنان، التي لا علاقة لها بقتال «اسرائيل»، ومن هؤلاء من اعتقل مؤخرا كأبو اسلام الشلبي وعبد الجبار الشلبي وهما من قيادات حماس في سوريا.
إن الاهم في الموضوع أنه لا يجوز أن ابقى مع احد على قاعدة «انصر اخاك ظالما ومظلوما»! وقد بين نبي الهدى ضرورة نصرة المظلوم، وبين ان نصرة الظالم تكون بردعه عن ظلمه، ولهذا لا يمكن اعتبار موقف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الا موقفا مشرفا حين قرر نفض اليد من النظام الذي يقتل ويدمر ويحرق سوريا فوق رؤوس اهلها الاطياب الخيرين!
أما كلام البعض عن أن مشعل عض اليد التي امتدت له، فهو كلام اقل ما يقال عنه إنه سخيف وسطحي؛ لأن مشعل عانى الأمرين بعد رفض الانصياع لرغبات الاسد من صعوبة ايجاد مكان بديل، لكنه الموقف المبدئي الذي يجب الاشادة به، وقد عّبر خالد مشعل بطريقة بليغة عن سبب رفض حماس الانحياز الى جانب النظام السوري بقوله إن من وقف معنا في الحق لا نقف معه في الباطل، مع التأكيد أن خالد مشعل لو أخطأ وآزر الاسد لما توانينا عن نقده.
وعلى طريقة احمد جبريل الذي اختار الاصطفاف الى جانب المجرم بشار، سار حسن نصر الله وهو الذي زعم يوما ان سلاحه لن يكون الا لمقاومة «اسرائيل»، فتبين انه موجود لأغراض أخرى ايضاً! فاستخدم مرة في المعادلة الداخلية ابان احتلال بيروت، واذا كان البعض يرى عذرا له وقتها، فإن الامر الذي لا يمكن اعتباره الا جريمة نكراء هو ارسال مقاتليه ليساهموا الى جانب عصابات الاسد بقتل الشعب السوري، ونحن نعلم مدى حساسية هذا الامر ومساهمته في ايقاد نار الفتنة الطائفية التي يريد لها البعض ان تشتعل.
منذ ايام الثورة السورية الاولى كان نصر الله يغيب لفترة ثم يخرج علينا ليعبر عن موقف يحبط كل اولئك المعجبين به ايام الجهاد! فتراه يكثر المديح لعصابة الاسد؛ بحجة أنها داعم رئيسي لمقاومته، وهذا الموقف الذي نعلم أنه ضرب شعبية هذا الحزب في العالمين العربي والاسلامي في الصميم، جعل الرجل يبدو في كثير من الاحيان متوترا مرتبكا مهددا متوعدا، ولكن الاخطر ايضا هو الانطباع الذي تشكل عن التفكير المفرط في الانانية لديه ولمن يمثل، فهو غير عابئ بعذابات وآلام ملايين السوريين من قتلى ومشردين وجرحى ومغتصبات! فالمهم ان تتحقق مصالحه الذاتية ببقاء نظام يوفر له الدعم! بغض النظر عن أي شيء آخر، يدعي الحزب طبعاً انه حزب المستضعفين في الارض! وهل الشعب السوري تحت حكم الاسد غير ذلك! علماً أن بعض علماء الشيعة الافاضل ايدوا الثورة السورية من هذا المنطلق، ومنهم المرجع الديني العروبي العراقي السيد الصرخي الحسني والسيدان هاني فحص ومحمد الامين من لبنان.
نقول لأحمد جبريل ولحسن نصر الله، الشهداء لم يضحوا من اجل ان يكونوا ورقة بأيدي آل الاسد ونظامهم يبررون بها طغيانهم وظلمهم ، لم يضحوا من اجل ان يمرروا مشروع هيمنة ايران على العالم العربي، ايران دولة اصيلة في المنطقة، ولكن على قاعدة المصالح المشتركة والتحالف لا التبعية! لقد اثبت نصر الله ان حزبه مجرد اداة ايرانية في المنطقة لا يجرؤ على مخالفتها بحرف، واثبت احمد جبريل أن حركته اصبحت مجرد اداة أسدية، لكن تواردت الانباء مؤخرا ان جزءاً من الجبهة الشعبية/ القيادة العامة قد انشق عن جبريل، لينضم الى جانب اخوانه السوريين في نضالهم ضد الباطل، فهل يفعل جزء من حزب الله هذا الامر ليعيد الثقة به؟
ولا احد ينكر جهاد حزب الله كجزء من مقاومة الشعب اللبناني للاحتلال الصهيوني التي ابتدأها الحزب الشيوعي والحزب القومي السوري في اوائل الثمنينيات.
للشهادة قيمة عظيمة عند العرب والمسلميين، ولا يملك احدنا الا ان يترحم على كل الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة ارض فلسطين، وكل ارض عربية واسلامية أياً كان انتماؤهم التنظيمي، لكن من حقنا ايضاً ان نطرح التساؤل الآتي: هل قدم هؤلاء ارواحهم على طريق تحرير الارض والانسان كما كانت قناة القدس التابعة للجبهة الشعبية تقول ام لغرض آخر؟ لا شك في أن كل من حارب ضد الصهاينة كان يسعى لتحرير الوطن السليب، ومنع «اسرائيل» ومن وراءها من استكمال المشروع الاستعماري الهادف الى اعادة العرب قبائل متناثرة متناحرة فيما بينها.
قد يتلقى أي تنظيم مقاوم الدعم من جهة او دولة ما، هذا الامر لا غضاضة فيه، حتى وان كانت اهداف الطرفان لا تتفقان تماما في الغرض من المقاومة، ولكن اهم نقطة في الموضوع ان التنظيم يجب ان يحافظ على استقلالية قراره، وان لا يتحول الى مجرد اداة بيد الجهة الداعمة له لتحقيق مآربها الخاصة.
لم أحاور أياً من مؤيدي النظام السوري الا وأقر أن دعم هذا النظام للمقاومة ليس مبدئيا، وغرضه الاتجار بها، وحتى هذا الاتجار فإن الغرض منه ليس جلب مصالح للشعب السوري، بل هو لمجرد جلب شرعية لهذا النظام، هذا الامر هو الذي دفع بنظام الاسد الى قمع وسجن اي مناضل فلسطيني او عربي لا يسير معه بالكيفية التي يرسمها هو التي يريد بها من المقاومة ان تكون ورقة في يده يتكسب بها! ومن هؤلاء المناضل الفلسطيني عبدالمجيد الزغموت الذي امضى اكثر من ثلاثين سنة في سجون الاسد وتوفي فيها، ومنهم من فرضت عليه الاقامة الجبرية كأبو خالد العملة المتوفى حديثا، وسبب اعتقال الرجل برغم تاريخه النضالي رفضه الانصياع لبعض رغبات المخابرات السورية في لبنان، التي لا علاقة لها بقتال «اسرائيل»، ومن هؤلاء من اعتقل مؤخرا كأبو اسلام الشلبي وعبد الجبار الشلبي وهما من قيادات حماس في سوريا.
إن الاهم في الموضوع أنه لا يجوز أن ابقى مع احد على قاعدة «انصر اخاك ظالما ومظلوما»! وقد بين نبي الهدى ضرورة نصرة المظلوم، وبين ان نصرة الظالم تكون بردعه عن ظلمه، ولهذا لا يمكن اعتبار موقف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الا موقفا مشرفا حين قرر نفض اليد من النظام الذي يقتل ويدمر ويحرق سوريا فوق رؤوس اهلها الاطياب الخيرين!
أما كلام البعض عن أن مشعل عض اليد التي امتدت له، فهو كلام اقل ما يقال عنه إنه سخيف وسطحي؛ لأن مشعل عانى الأمرين بعد رفض الانصياع لرغبات الاسد من صعوبة ايجاد مكان بديل، لكنه الموقف المبدئي الذي يجب الاشادة به، وقد عّبر خالد مشعل بطريقة بليغة عن سبب رفض حماس الانحياز الى جانب النظام السوري بقوله إن من وقف معنا في الحق لا نقف معه في الباطل، مع التأكيد أن خالد مشعل لو أخطأ وآزر الاسد لما توانينا عن نقده.
وعلى طريقة احمد جبريل الذي اختار الاصطفاف الى جانب المجرم بشار، سار حسن نصر الله وهو الذي زعم يوما ان سلاحه لن يكون الا لمقاومة «اسرائيل»، فتبين انه موجود لأغراض أخرى ايضاً! فاستخدم مرة في المعادلة الداخلية ابان احتلال بيروت، واذا كان البعض يرى عذرا له وقتها، فإن الامر الذي لا يمكن اعتباره الا جريمة نكراء هو ارسال مقاتليه ليساهموا الى جانب عصابات الاسد بقتل الشعب السوري، ونحن نعلم مدى حساسية هذا الامر ومساهمته في ايقاد نار الفتنة الطائفية التي يريد لها البعض ان تشتعل.
منذ ايام الثورة السورية الاولى كان نصر الله يغيب لفترة ثم يخرج علينا ليعبر عن موقف يحبط كل اولئك المعجبين به ايام الجهاد! فتراه يكثر المديح لعصابة الاسد؛ بحجة أنها داعم رئيسي لمقاومته، وهذا الموقف الذي نعلم أنه ضرب شعبية هذا الحزب في العالمين العربي والاسلامي في الصميم، جعل الرجل يبدو في كثير من الاحيان متوترا مرتبكا مهددا متوعدا، ولكن الاخطر ايضا هو الانطباع الذي تشكل عن التفكير المفرط في الانانية لديه ولمن يمثل، فهو غير عابئ بعذابات وآلام ملايين السوريين من قتلى ومشردين وجرحى ومغتصبات! فالمهم ان تتحقق مصالحه الذاتية ببقاء نظام يوفر له الدعم! بغض النظر عن أي شيء آخر، يدعي الحزب طبعاً انه حزب المستضعفين في الارض! وهل الشعب السوري تحت حكم الاسد غير ذلك! علماً أن بعض علماء الشيعة الافاضل ايدوا الثورة السورية من هذا المنطلق، ومنهم المرجع الديني العروبي العراقي السيد الصرخي الحسني والسيدان هاني فحص ومحمد الامين من لبنان.
نقول لأحمد جبريل ولحسن نصر الله، الشهداء لم يضحوا من اجل ان يكونوا ورقة بأيدي آل الاسد ونظامهم يبررون بها طغيانهم وظلمهم ، لم يضحوا من اجل ان يمرروا مشروع هيمنة ايران على العالم العربي، ايران دولة اصيلة في المنطقة، ولكن على قاعدة المصالح المشتركة والتحالف لا التبعية! لقد اثبت نصر الله ان حزبه مجرد اداة ايرانية في المنطقة لا يجرؤ على مخالفتها بحرف، واثبت احمد جبريل أن حركته اصبحت مجرد اداة أسدية، لكن تواردت الانباء مؤخرا ان جزءاً من الجبهة الشعبية/ القيادة العامة قد انشق عن جبريل، لينضم الى جانب اخوانه السوريين في نضالهم ضد الباطل، فهل يفعل جزء من حزب الله هذا الامر ليعيد الثقة به؟