2024-10-28 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لا أهلا ولا سهلا

معاذ عاطف التل
جو 24 :

في خضم سعي الولايات المتحدة لحل القضية الفلسطينية وفق منظورها الاستراتيجي للمنطقة، تأتي زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لنا، هو لا يأتي بأي جديد مفيد، فلا يوجد أي تغيير حقيقي في سياسة الولايات المتحدة، بل هي هي نفس الاهداف السابقة لكن متشكلة بشكل آخر، وقد اعترف بذلك مدير "سي اي ايه" المكلف حديثاً حين قال إن جهازه سيتماشى مع السياسة الجديدة لبلاده التي لن تسعى لفرض هيمنتها بالحروب المكلفة مادياً وبشرياً، بل ستعود إلى عهد العمليات السرية! أي إن الهدف ما يزال استعمار الشعوب واستغلالها وفرض الهيمنة، لكن التغير هذه المرة يتم بآليات مختلفة واكثر دهاء! 
إن اعادة محاولات ترتيب المنطقة تسير على قدم وساق؛ عبر استغلال حالة "الربيع العربي" وحرفه عن اهدافه الحقيقية في التحرر من نهج التبعية وتحقيق العدالة الاجتماعية، والسعي لإعادة توحيد الامة الممزقة الى خلق ما نلاحظه من صراعات طائفية واثنية وجهوية حسب الدولة.
الولايات المتحدة أو بالاحرى النظام الحاكم هناك، الذي هو عبارة عن حكم كبار الرأسماليين ممثلاً بالحزبين المتناوبين على الحكم، لم يخرج عن اطار سياساته الاستعمارية منذ بزوغ نجم الولايات المتحدة، وأخذها مكانة بريطانيا وفرنسا الاستعمارية أو ما يسمى "أوروبا القديمة".
وقد سربت صحيفة غربية قبل ايام ان باراك اوباما سيطلب بحزم من رئيس وزراء العدو الصهيوني خطة زمنية للانسحاب من الضفة الغربية (طبعا الإخلاء لا يقصد به الضفة كاملة، لكن بضعة احياء ومدن هنا وهناك) وهذا الكلام ينسجم مع اعادة ترتيب اوراق المنطقة، ولا ينسجم مع مصلحتنا كأمة فنحن نرى ان وجود دولة "اسرائيل" خطر وجودي على المحيط العربي، والقضية ليست مجرد انسحاب من مدينة هنا او قرية هناك، أما الترتيبات التي يتم التحضير لها فهي جميعاً تسعى لتحقيق فكرة واحدة تدور عليها، وهي دولة مركزية قوية تمثل مصالح الاستعمار الغربي (هي اسرائيل طبعاً) ومحيط مفكك متصارع لا يتوحد لا قوميا ولا حتى وطنياً، ويندرج في اطار المشروع الحالي ما يأتي:
1- محاولة إضعاف مصر وافشال الثورة المصرية، فبعد عجز ما يسمى "جبهة الانقاذ" و"الفلول" عن حشد اكثر من مئات في مليونياتهم التي دعوا اليها دون مطالب واضحة، بدأت المعارضة المرتبطة بالخارج باستخدام تكتيك التخريب واثارة الفوضى التي يمكن القيام بها؛ عبر تجنيد مئات الاشخاص فقط! وبدعم واضح من دول عربية معروفة، والهدف اعطاء الانطباع ان البلد في فوضى في سبيل افشال الرئاسة المصرية، وتقبل الشعب فكرة إحلال الجيش مكانها، فخسارة مصر بثقلها المعروف بالنسبة للولايات المتحدة أمر ليس هيناً؛ فإما اعادة حكم تابع او تفتيت البلد.
2- استغلال الحالة السورية والفوضى التي نشبت، وسوء تعامل النظام مع شعبه ومطالبه، ثم تدخل بعض القوى الاقليمية في الشأن السوري، واستغلال كل هذا لإضعاف سوريا كدولة، وزيادة مشاعر الكراهية بين مكونات الشعب الواحد؛ تمهيداً لتفتيت البلد وخلق هويات فرعية متقاتلة فيما بينها ( سني- شيعي، عربي- كردي)، وفي حال تفتت البلد يكون ربط الحكام الجدد أو جزء منهم بالقوى الغربية كبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
3- لبنان والعراق على حالها المؤسف، دول منقسمة طائفيا وأثنيا وهو وضع يناسب المصالح الامريكية والاسرائيلية، فليس من المعقول ان يشعر الشيعي أو السني من نفس البلد بالعداء فيما بينهم، بينما يشعرون بالقرب أكثر للشيعي الايراني او السني الشيشاني، مع احترامنا طبعاً جميع الشعوب، ولكن لا شك أن من يريد ان يتحد يبدأ بمحيطه والاقرب له اولاً.
4- إعادة ترتيب الوضع الاردني والفلسطيني بشكل مغاير لما يعتقد البعض، فالهدف ليس تحويل الاردن الى وطن بديل؛ بمعنى أن يصبح الاردن هو فلسطين لأن هذا لا يرضي غالبية الفلسطينيين، لكن الترتيب هو بتفكيك الاردن الى هويات عشائرية وقبلية ومناطقية، ومنع قيام نظام فلسطيني وطني؛ وذلك عبر خلق زعامات تابعة مأجورة هي عبارة عن سماسرة لـ"إسرائيل" والغرب الاستعماري، وهذا الأمر يلاحظ بوضوح الان سواء في الاردن أو فلسطين من تغييب كامل للقيادات صاحبة المشروع الوطني (الحركة الاسلامية، الاحزاب اليسارية الحقيقية) وإبراز اصحاب الاجندات الخاصة التي تسعى لإلهاء الناس بصراعات وهمية؛ كتصوير الصراع على انه صراع بين مكونات الشعب على بضعة وظائف في هذه الدائرة او تلك، مع التشديد البديهي على حق الجميع بالتقدم لأي وظيفة. إن هذه القيادات التي يتم تحضيرها، والتي اصبحت مسيطرة على القرار السياسي الان في الاردن والسلطة ستكون مهمتها تشكيل جسر عبور "اسرائيل" الى المنطقة؛ بحيث تصبح هذه الدولة هي المركز الصناعي التقني المتطور، ومركز القوة المتقدم للامبريالية العالمية، بينما نتحول نحن الى مجرد تجمعات مبعثرة لا يجمعها رابط قومي واضح، وظيفتنا تقديم الأيدي العاملة فقط.
الخطة تسير بخطوات قوية، وما نشاهده من صراعات جانبية بعض الاحيان كما يحدث حاليا في الاردن من مهازل، ما هو الا جزء من هذا المخطط الذي سيلحق الضرر بنا كشعوب، ويستفيد منه بضعة اشخاص فقط ممن يتم ابرازهم كزعماء حارات وشلل وأصول ومناطق، بينما يتغيب الزعماء الوطنيون الحقيقيون! وهنا يجب ان نشيد بكل القوى التي لم تنزلق للمهاترات التي نشاهدها حاليا، وبالاخص في مجلس يفترض انه للشعب!!
الحركة الاسلامية لم تنزلق لهذا المخطط الخبيث، ومحاولات قوى اليسار الحقيقي التوحد امر جيد، فبروز هذان التياران يجعل الصراع حقيقياً بين مكونات سياسية، وهدفه التقدم للامام لا العودة للخلف؛ وذلك عبر السعي لخدمة كل الشعب وتوحيده، لا مجرد إلهائه بصراعات جهوية وطائفية تحقق نظرية شمعون بيريز في كتابه "الشرق الاوسط الجديد"، وهي مركز اسرائيلي قوي ومحيط عربي ضعيف مفكك، وظيفته تقديم العمالة فقط، بينما يتم تقديم رأس المال من الخليج الغني مقابل العقول الاسرائيلية الذكية! -والكلام لبيريز- وهو ما تأتي زيارة اوباما لدعمه، ولهذا نقول: لا أهلا ولا سهلاً.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير