أين نكون العام 2030؟
فهد الخيطان
جو 24 : بينما كانت وسائل الإعلام العربي مشغولة بالأنباء السخيفة عن نهاية العالم، نشرت مجلة "التايم" الأميركية حوارا استثنائيا مع الرئيس الأميركي باراك أوباما. تناول الحوار قضايا مهمة، لكن أبرز ما قاله أوباما بشأن المستقبل هو أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط بعد أربع سنوات سيتجاوز الإنتاج السعودي، في الوقت الذي تراجع فيه اعتماد أميركا على النفط الأجنبي إلى أقل من خمسين بالمئة.
تصريحات أوباما هذه ليست مجرد كلام عابر لغايات الاستهلاك الداخلي، بل تأتي متسقة تماما مع ما توصل إليه تقرير أصدره مجلس الاستخبارات القومي الأميركي قبل أسبوعين، قدم تصورا عميقا لحالة الأمم العام 2030، ومكانة الولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد. كما عرض التقرير ما سماها المخاطر والفرص التي ستكون متاحة أمام الأمم وفقا لأربعة اتجاهات رئيسة، هي: نهاية الهيمنة الأميركية؛ والقوة الصاعدة للأفراد في مقابل الدول؛ وصعود طبقة وسطى تتحدى الحكومات بمطالباتها؛ وعقدة مستعصية من نقص المياه والغذاء والطاقة.
التقرير الذي ترجم الزميل علاء الدين أبو زينة أبرز ما فيه، يقر بشكل قاطع أن مركز القوة سينتقل من أميركا الشمالية وأوروبا إلى آسيا، وتحديدا إلى الصين التي ستتفوق على أميركا اقتصاديا قبل العام 2030 بقليل.
أميركا تتبع مصالحها بالطبع. ولذلك، فإن من تسنى له الاطلاع على مقال مطول لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مجلة "فورين بولسي" قبل أشهر، حول سياسة أميركا الخارجية، سيدرك بوضوح تراجع مكانة الشرق الأوسط في السياسة الأميركية، مقابل التركيز على منطقة شرق آسيا والصين، التي أصبحت محور الاهتمام الأميركي.
تقرير "المجمع الاستخباري" لا يأتي على ذكر العالم العربي وهو يرسم خريطة القوى الصاعدة في العقد المقبل. ويشير إلى عدد محدود من اللاعبين الجدد، مثل كولومبيا والهند ونيجيريا وتركيا. وفي الجزء الأكبر منه، ينشغل بمعاينة موقع أميركا في المشهد العالمي، ويخلص إلى القول إن الولايات المتحدة التي ستخسر دورها المهيمن، ستبقى الأولى بين النظراء المتساوين في العام 2030. ويضيف المحلل الرئيس للتقرير، المستشار ماثيو بوروز: "إن الولايات المتحدة ستبقى القوة الوحيدة التي يمكن أن تنسق فعلا هذه التحالفات، بما في ذلك الجهات الفاعلة من غير الدول والأطراف الفاعلة من الدول، من أجل إدارة هذه التحديات والتغيرات الهائلة والتعامل معها".
يقدم التقرير خدمة جليلة للباحثين والمفكرين والسياسيين العرب المنشغلين بإثبات نظريتهم عن النهاية الوشيكة للعصر الأميركي؛ إذ يعلن بوضوح، وعلى لسان مجمعه الاستخباري، أن "لحظة القطب الواحد قد انتهت، و"الباكس أميركانا" –عصر الهيمنة الأميركية في السياسة الدولية الذي بدأ في العام 1945- ينحدر هابطا بسرعة إلى الأسفل". والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بالشرق الأوسط كما كانت من قبل، وهي في طريقها إلى الاستغناء عن نفط الخليج العربي.
يبقى السؤال عن إسرائيل؛ الحليف الاستراتيجي لأميركا في المنطقة. المؤكد أن هذا التحالف لن يتزعزع، لكن إسرائيل هي الأخرى تستعد للاستغناء عن الدعم الأميركي. فخلال سنوات قليلة، ستصبح مصدرا رئيسا للغاز، إضافة إلى مكانتها في سوق المعرفة والتكنولوجيا والسلاح.
كل القوى الدولية منهمكة في استشراف مكانها في العالم الجديد، باستثناء العالم العربي الذي ما انفكت نخبه الفكرية والسياسية تضيع الوقت في التفكير بمستقبل أميركا ونهاية الكون، إلى درجة صار العالم فيها يضجر منا ويحث الخطى للاستغناء عن مواردنا وثرواتنا.
السؤال الذي ينبغي أن يشغلنا: أين سيكون عالمنا العربي في العام 2030؟
(الغد)
تصريحات أوباما هذه ليست مجرد كلام عابر لغايات الاستهلاك الداخلي، بل تأتي متسقة تماما مع ما توصل إليه تقرير أصدره مجلس الاستخبارات القومي الأميركي قبل أسبوعين، قدم تصورا عميقا لحالة الأمم العام 2030، ومكانة الولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد. كما عرض التقرير ما سماها المخاطر والفرص التي ستكون متاحة أمام الأمم وفقا لأربعة اتجاهات رئيسة، هي: نهاية الهيمنة الأميركية؛ والقوة الصاعدة للأفراد في مقابل الدول؛ وصعود طبقة وسطى تتحدى الحكومات بمطالباتها؛ وعقدة مستعصية من نقص المياه والغذاء والطاقة.
التقرير الذي ترجم الزميل علاء الدين أبو زينة أبرز ما فيه، يقر بشكل قاطع أن مركز القوة سينتقل من أميركا الشمالية وأوروبا إلى آسيا، وتحديدا إلى الصين التي ستتفوق على أميركا اقتصاديا قبل العام 2030 بقليل.
أميركا تتبع مصالحها بالطبع. ولذلك، فإن من تسنى له الاطلاع على مقال مطول لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مجلة "فورين بولسي" قبل أشهر، حول سياسة أميركا الخارجية، سيدرك بوضوح تراجع مكانة الشرق الأوسط في السياسة الأميركية، مقابل التركيز على منطقة شرق آسيا والصين، التي أصبحت محور الاهتمام الأميركي.
تقرير "المجمع الاستخباري" لا يأتي على ذكر العالم العربي وهو يرسم خريطة القوى الصاعدة في العقد المقبل. ويشير إلى عدد محدود من اللاعبين الجدد، مثل كولومبيا والهند ونيجيريا وتركيا. وفي الجزء الأكبر منه، ينشغل بمعاينة موقع أميركا في المشهد العالمي، ويخلص إلى القول إن الولايات المتحدة التي ستخسر دورها المهيمن، ستبقى الأولى بين النظراء المتساوين في العام 2030. ويضيف المحلل الرئيس للتقرير، المستشار ماثيو بوروز: "إن الولايات المتحدة ستبقى القوة الوحيدة التي يمكن أن تنسق فعلا هذه التحالفات، بما في ذلك الجهات الفاعلة من غير الدول والأطراف الفاعلة من الدول، من أجل إدارة هذه التحديات والتغيرات الهائلة والتعامل معها".
يقدم التقرير خدمة جليلة للباحثين والمفكرين والسياسيين العرب المنشغلين بإثبات نظريتهم عن النهاية الوشيكة للعصر الأميركي؛ إذ يعلن بوضوح، وعلى لسان مجمعه الاستخباري، أن "لحظة القطب الواحد قد انتهت، و"الباكس أميركانا" –عصر الهيمنة الأميركية في السياسة الدولية الذي بدأ في العام 1945- ينحدر هابطا بسرعة إلى الأسفل". والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بالشرق الأوسط كما كانت من قبل، وهي في طريقها إلى الاستغناء عن نفط الخليج العربي.
يبقى السؤال عن إسرائيل؛ الحليف الاستراتيجي لأميركا في المنطقة. المؤكد أن هذا التحالف لن يتزعزع، لكن إسرائيل هي الأخرى تستعد للاستغناء عن الدعم الأميركي. فخلال سنوات قليلة، ستصبح مصدرا رئيسا للغاز، إضافة إلى مكانتها في سوق المعرفة والتكنولوجيا والسلاح.
كل القوى الدولية منهمكة في استشراف مكانها في العالم الجديد، باستثناء العالم العربي الذي ما انفكت نخبه الفكرية والسياسية تضيع الوقت في التفكير بمستقبل أميركا ونهاية الكون، إلى درجة صار العالم فيها يضجر منا ويحث الخطى للاستغناء عن مواردنا وثرواتنا.
السؤال الذي ينبغي أن يشغلنا: أين سيكون عالمنا العربي في العام 2030؟
(الغد)