القوائم الوطنية.. نجوم وأسماء مجهولة
لا يعكس الإقبال على الترشح للانتخابات النيابية المزاج العام للناخبين، والذي ما يزال في حالة ركود ينتظر أن تحركها الحملات الانتخابية التي انطلقت أول من أمس. في اليوم الثاني لفتح باب الترشح، سجلت عدة قوائم جديدة، ليرتفع العدد الكلي الأولي إلى 31 قائمة وطنية، فيما تجاوز عدد المتنافسين على المقاعد الفردية حاجز الـ500.
ينصب اهتمام وسائل الإعلام والمراقبين في هذه الانتخابات على القوائم، لكونها تجربة غير مسبوقة. وعلى المستوى الرسمي، تعول الدولة عليها في رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، وسط مؤشرات مقلقة على تراجع الاهتمام بالعملية الانتخابية في أوساط الناخبين. كما يأمل مسؤولون أن تساهم مخرجات القائمة الوطنية في تجويد تركيبة البرلمان، بما يساعد في تحقيق أهداف عملية الإصلاح السياسي، ويسهل ولادة أول حكومة برلمانية في عهد المملكة الرابعة.
لكن نظرة أولية إلى تركيبة القوائم تبعث على الأسى؛ فبعد الاسم الثالث أو الرابع، لا تكاد تجد اسما معروفا على مستوى منطقته، فما بالك على المستوى الوطني؟!
بعيدا عن الأسماء الرنانة والرموز من مختلف الأصناف، فإن خريطة القوائم تعطي صورة دقيقة عن حالة "التجريف" التي أصابت الحياة السياسية الأردنية، وأطاحت بفرص تجديد النخب لأكثر من عشرين سنة مضت، ظلت الأحزاب خلالها على هامش التجربة الديمقراطية، وتآكلت قدرة مؤسسات الدولة على إنتاج قيادات جديدة. وهكذا، وجدنا أنفسنا أمام أسماء مجهولة، وقوائم نصف مرشحيها وأكثر حالات إنسانية تندرج تحت الفئة الرابعة لا القائمة الوطنية.
رغم ذلك، ينبغي عدم إغلاق "النافذة" الوحيدة المفتوحة في هذه المرحلة. تجديد النخب السياسية عملية معقدة وطويلة، ومن نراهم أسماء مجهولة في القوائم الانتخابية لا يمكن أن يتحولوا إلى شخصيات معروفة على مستوى الوطن إذا لم نمنحهم الفرصة الأولى، سواء فازوا أو خسروا؛ ففي الحالتين ستدفع التجربة بوجوه جديدة إلى ساحة العمل السياسي التي تعاني من التصحر والجفاف.
من غير المرجح أن يترك نجوم القوائم الذين يحتلون المراكز الأولى فرصة كبيرة للمرشحين الجدد لدخول البرلمان. مراجعة أولية لتركيبة القوائم تشير بوضوح إلى أن ثلثي المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية (27 مقعدا) ستذهب لأصحاب المراكز الثلاثة الأولى في خمس قوائم رئيسة، بينما يترك لبعض القوائم والمرشحين التنافس على "البواقي".
وبارقة الأمل الوحيدة أن عددا من الأحزاب لم يقصر مشاركته في الانتخابات على القوائم الوطنية، بل يخوض المنافسة بعدد أكبر من المرشحين على مستوى الدوائر الفردية، ما يؤهل هذه الأحزاب لتشكيل كتل نيابية مستقرة في البرلمان.
يتعين على القوائم الانتخابية ومن يقف خلفها من أحزاب وشخصيات، أن تستثمر فترة الدعاية الانتخابية لتغيير الصورة السلبية عنها، وتحفيز الناخبين على التصويت؛ فشرعية الانتخابات ستبقى مثلومة إذا قل عدد المقترعين عن المليون ناخب.
(الغد )