ما الذي ينتظر الأردن في العام الجديد؟
لا يخيل للمرء أننا سنعيش سنة أصعب من 2012؛ أزمة اقتصادية طاحنة فجرت أوسع موجة احتجاج في تاريخ الأردن، وحراك سياسي وشعبي طاول في شعاراته كل السقوف. كنا أمام لحظة حرجة، وبدا الصدام وشيكا. لكن الأسابيع الأخيرة من السنة شهدت انفراجا اقتصاديا بعد تدفق المساعدات الخليجية، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي على حزمة الإصلاحات. وسياسيا، دخلت البلاد في حمى الانتخابات رغم مقاطعة قوى حزبية وشعبية.
التبدل الطفيف في المناخ العام أعطى المراقبين جرعة تفاؤل بالعام الجديد، خاصة على المستوى الاقتصادي. لكن من يعيش في منطقة كالشرق الأوسط لا يمكنه أن يهنأ بيوم واحد من الهدوء. صحيح أن الربيع العربي حمل معه الأمل بحياة أفضل، لكن حالة عدم الاستقرار التي رافقت عملية التحول في أكثر من بلد عربي، والمسار الدموي للثورة في سورية، ينبئان بسنوات من الاضطراب والفوضى.
لسنا بمنأى عن التأثيرات السلبية لحال الدول العربية من حولنا؛ سورية التي توشك على الغرق في حرب أهلية، والعراق المهدد بالتقسيم الطائفي، والأسوأ حرب لم تعد مستبعدة ضد إيران تشعل أسعار النفط التي تثقل فاتورته كاهل المواطن والموازنة.
التطورات المحتملة في سورية ستضع الأردن في واجهة الأحداث. فمهما كان السيناريو المتوقع للأزمة؛ حربا أو سلاما، سيكون الأردن ملزما بدور فيه.
على الجبهة الغربية لا شيء ينبئ بتطور إيجابي؛ معسكر اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو، على موعد مع الفوز في انتخابات الكنيست، وأولوياته إيران والسلاح الكيماوي في سورية، وبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، فيما الدولة الفلسطينية المستقلة ليست في قاموسه. رغم ذلك، سيشرع الأردن من جديد بقيادة جهود إحياء عملية السلام. وبعد أسابيع قليلة من بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي باراك أوباما، سيقوم الملك عبدالله الثاني بزيارة إلى واشنطن في مسعى لإطلاق المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. الأردن على قناعة بأن أوباما هو آخر رئيس أميركي يمكن أن يعمل من أجل السلام في الشرق الأوسط.
العام الجديد سيكون حاسما في مسيرة الإصلاح السياسي في الأردن. هل تكون الانتخابات المزمعة قبل نهاية الشهر الحالي نقطة تحول في بناء النظام الديمقراطي المنشود، أم انها ستعيد إنتاج الوضع السابق، أو مجلسا أسوأ من السابق كما يعتقد أكثر المتشائمين؟.
قائمة المرشحين للانتخابات النيابية لا تبشر بالكثير، وربما يضطر النظام إلى عملية جراحية قبل نهاية العام لتصويب المسار، وإنقاذ برنامج الإصلاحات من الفشل.
رغم صعوبة ما واجهنا في العام الماضي، فإن ما ينتظرنا لا يقل صعوبة. حالة الاستقرار الفريدة من نوعها في المنطقة اجتازت اختبارات عسيرة في الأشهر الأخيرة، وأصبحت أكثر خبرة في امتصاص الصدمات. لكن الركون إلى ذلك يعني المغامرة بما تبقى من رصيد قوة. فلنعمل من أجل أن يكون العام 2013 عاما لإعادة بناء عناصر القوة الداخلية، وتحصين البيئة الوطنية لمواجهة مخاطر التحولات الهائلة في الإقليم.
(الغد )