هل يشكل النسور الحكومة المقبلة؟
هل يمكن لرئيس وزراء اتخذ أصعب القرارات الاقتصادية، وفي أخطر ظرف سياسي، أن يرحل هكذا بسرعة مثل رؤساء سبقوه؟
السؤال هو عن فرصة رئيس الوزراء عبدالله النسور، في العودة مجددا ليكون أول رئيس لحكومة برلمانية في عهد المملكة الرابعة.
يعتقد بعض السياسيين أن رئيس الوزراء الذي تجرى الانتخابات في عهده يكون من أبرز المرشحين لتولي حكومة ما بعد الانتخابات. وإذا ما جرت الانتخابات المقبلة بنزاهة وحيادية فعلا، فإن ذلك سيعزز من فرص رئيس الوزراء أكثر.
النسور مرر ما لا يستطيع غيره من الرؤساء تمريره، وأعني قرار تحرير أسعار المحروقات بشكل كامل، وتحمّل نتائج الغضبة الشعبية التي انفجرت في وجهه.
ويقول مقربون من النسور إن اليوم التالي للانتخابات يستحوذ على جل تفكيره، ويحاول جاهدا أن يكيف سلوكه وقراراته وتصريحاته بما يخدم فرص تكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة. ويذهب بعضهم إلى القول إن النسور على رأس قائمة المرشحين المحتملين لتشكيل الحكومة البرلمانية.
والنسور قبل أن يكون رئيسا للوزراء هو برلماني يعرف قواعد اللعبة تحت القبة، وليس صعبا عليه أن يتوقع منذ اليوم هوية أقطاب المجلس الجديد؛ فقد صاروا معروفين تقريبا لرجل الشارع العادي، ومن بينهم أصدقاء وخصوم للرئيس.
لكن ما يحسب للنسور يمكن أن يسجل ضده أيضا. فقرار رفع الأسعار على ما فيه من إقدام وتضحية، إلا أنه هوى بشعبية الرئيس، وأصبح رحيل حكومته مطلبا عاما، فكيف يعود من جديد بحلة برلمانية؟
مجلس النواب المقبل، أيا كانت تركيبته، لن يكون من السهل عليه أن يجدد لرئيس وزراء يواجه أزمة في شعبيته، ناهيك عن أن عددا غير قليل من النواب المحتملين لا يكنون الود للنسور، وقد طالبوا برحيله بعد حزمة القرارات الاقتصادية التي اتخذها، ولا يعقل أن يمنحوه الثقة بعد أصبحوا في مركز القرار التشريعي والرقابي.
قبل تشكيل الحكومة، كان النسور يحظى بعلاقات طيبة مع المعارضة، خاصة الحركة الإسلامية. لكن جسور الثقة انهارت تماما بعد أن تولى منصبه، وبشكل خاص بعد قرار رفع الأسعار، وكان الإسلاميون أول من نزل إلى الشارع للمطالبة برحيل حكومته. وفي الأسابيع الأخيرة، صعّد الرئيس من حدة انتقاداته للحركة الإسلامية وقرارها بمقاطعة الانتخابات، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان إيجاد لغة مشتركة بين الطرفين في المستقبل.
ويعتقد المراقبون أن النسور الذي كان قبل أسابيع يراهن على إقناع الإسلاميين الذين فاتهم قطار البرلمان بركوب قطار الأعيان والحكومة البرلمانية للحاق بعملية الإصلاح، قد قطع آخر شعرة معهم، ولربما يكونون هم المبادرين إلى ذلك بتصريحات من أبرز قيادييهم تؤكد رفض الحركة الإسلامية دخول مجلس الأعيان والحكومة البرلمانية الموعودة.
وبنظرة كلية إلى المشهد السياسي، تبدو عودة النسور إلى الواجهة بعد الانتخابات مجرد إعادة مونتاج للوجوه القديمة. وفي ظل التوقعات بفوز معظم الشخصيات النيابية التقليدية في الانتخابات المقبلة، سيكون السؤال عن جدية الإصلاح والتغيير محرجا للدولة، لا بل مأزقا يفاقم من أزمة الثقة بدلا من جسرها.
(الغد )