الأعمى أبو مِثْقال
أعرف أحدهم : أعمى البصر والصيرة ..جاء لزيارتي قبل سنوات ليلة رأس السنة ..والعجيب ..أنه جاءني وحيداً وبآخر الليل ..رنّ على جرس بيتي ( قال يعني عندي جرس زي الناس ) ..فتحتُ له الباب ( قال يعني عندي باب زي الناس ) ..أخذته بالحضن ( قال يعني عندي حضن زي الناس ) : أبو مثقال ..من وين جَيْتَكْ ؟؟ ..صرخ بوجهي ( قال يعني عندي وجه زي الناس ) : من وين يعني ؟؟ من احتفالات راس السنة ..!! قلت بأدب ( قال يعني عندي أدب زي الناس ) : بس إنتَ مَطْسوس بنظرك ؛ وكيف شُفْت الاحتفالات ..؟؟ قال بعصبيّة : شُفْتها برجليّ .. وإنتَ مالَكْ ؟؟!! ..
طلّعتْ دخّان الميركوري الأحمر أيامها وعزمت عليه ( قال يعني بَأَعْزِمْ زي الناس ) ..ضحك أبو مثقال وهو يفتّش جيوب بدلته الجديدة ؛ وأخرج علبة مارلبورو لايت و رَشّ عليّ سيجارة وهو يقول : خُذْ إتْزَفّرْ بسيجارة وإذا تقدر تصوّر بجنبها..لأنها فرصة أُخت فلاّتة ما تتكرّر ..!! صرختُ فيه باندهاش : أبو مثقال ..يا أبو العميان ..كُلْشي متغيّر فيك ..لابس بدلة جديدة..وكندرة أُم بوز .. وجرابين شفّافات ..ومسشور شعراتك المجعلكات عَ الموديل ..وكمان حاطِطْ جِلْ ..؟؟ ولَكْ يا أعمى وبتحضر حفلات؟؟..شو إللي صاير معك ؟؟ أبو مثقال ..أمرك صار يخوّف ..مِشْ شايف حالك ...؟؟ ..استمرّ الأعمى أبو مثقال في ضحكته الهستيريّة وهو يضع رِجْلاً على رجل ( الصحيح كندرته كانت بوجهي ..!!) .
فجأة ..وقف أبو مثقال ..همّ بالخروج ..شدّيته من بدلته الجديدة ( قال يعني بشدّ زي الناس ) : وين رايح ..فهّمني ..شو إللي سوّاك هيك ..؟؟ ..أمسك إيدي وقال باشمئزاز وقرف: جعلكت البدلة يا كديش ..!! لم ألتفت إلى شتيمته لأن الذهول يصعقني وقلت بإصرار ( قال يعني عندي إصرار زي الناس ) : ما بتطلع إلاّ لمّا إتْفَهِّمني ..قال بلهجة المكسور هذه المرّة : أنا أعمى ..وزِيْد عليها كمان ؛ أطرش وأخرس ..والبقيّة طبعاً عندك !! وفتح الباب وخرج .
بعد شهر من زيارته تلك تمّ ترخيص شركة ( أبو مثقال للسمعيات والبصريات والعلاقات العامة ) ...!! وأنا ما زلتُ ألْطُمْ ( قال يعني عندي لَطِمْ ؛ زي الناس )..!!!
والآن أبو مثقال و عشرات الأبو مثقالات يتصدرون المرشحين للانتخابات النيابية ..ومطلوب مني أن أختار بينهم ( قال يعني أختار زي الناس ) ...!! ما أكذبني وقمة الديمقراطية أن أصبح كذاباً وسط الحيتان ..!