انتخبوا هؤلاء
فهد الخيطان
لم يقدم قانون الانتخاب ما يكفي من إصلاحات تضمن مشاركة الجميع في الانتخابات. ولهذا، تغيب قوى سياسية رئيسة، وشخصيات وطنية، عن "العرس الانتخابي" اليوم.
ورغم الجهود التي بذلتها الدولة لتحفيز القوى الاجتماعية والسياسية على المشاركة، إلا أن أجواء الحملات الانتخابية بدت محبطة في ظل غياب الخطاب السياسي عنها، وسيطرة لغة المصالح وعقلية رجال الأعمال التي تبدت في استشراء ظاهرة شراء الأصوات.
لكنْ، ثمة أمران منحا الناخبين أملا في التغيير، وحفزا على المشاركة: الهيئة المستقلة للانتخاب، والتي أدارت العملية الانتخابية في كل مراحلها -"بانتظار المرحلة الأخيرة اليوم"- بحرفية ومهنية عالية، ما عزز الثقة بإمكانية استعادة قيم النزاهة التي افتقدناها في انتخابات سابقة. كما أن وجود قائمة على مستوى الوطن، رغم تواضع حصتها من المقاعد، أعطى الانتخابات نكهة مختلفة، وخفف من الوقع السيئ للصوت الواحد على العملية الانتخابية، بدليل تركيز الناخبين على متابعة نشاط القوائم وترقب نتائجها أكثر من اهتمامهم بمرشحي الدوائر الفردية.
وساهمت الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الهيئة المستقلة بحق مرشحين تورطوا في عمليات شراء أصوات، في تعزيز صدقية وعود الدولة "هذه المرة" بإجراء انتخابات نزيهة.
لم نبلغ المرحلة التي نطمح إليها في هذه الانتخابات؛ فلا القانون يلبي طموحات الإصلاح، ولا الإجراءات المتخذة كافية للقول إننا في مصاف الدول الديمقراطية. وليس بيننا من يتوهم حول تركيبة المجلس الجديد.
بيد الناخبين وحدهم أن يحددوا حجم التغيير اليوم. ندرك أن الخيارات المتاحة أمامهم محدودة جدا، لكنها ليست معدومة أبدا. ففي عمان، ومادبا، والكرك، وإربد، وغيرها من الدوائر الانتخابية، مرشحون أكفاء وأصحاب خبرة؛ أكاديميون وناشطون نقابيون وحزبيون من شتى الاتجاهات، يمكن أن يساهم وجودهم في البرلمان في إحداث فرق ملموس في الأداء.
ومن بين القوائم الإحدى والستين، هناك قوائم يحمل منتسبوها بصدق الهم الوطني، ولديهم برامج تحاكي طموحات الأردنيين. ربما لم يظهروا كثيرا في وسائل الإعلام مثل رجال الأعمال الذين أنفقوا بلا حساب لاحتلال مقاعد السلطة التشريعية، لكنهم يحضرون اليوم في الانتخابات، وتستطيعون أن تصوتوا لهم بضمير مرتاح.
بوسع الناخب الأردني أن يقلب التوقعات ونتائج استطلاعات الرأي، وقبل ذلك يرد أصحاب المال خائبين. ليس مطلوبا من الناخبين الكثير؛ فقط أن ينتصروا لكرامتهم وضميرهم الوطني، وعندها سيختارون بسهولة النائب الذي يمثلهم.الغد