المواطن طنجرة
شعر (ناقص هزيمات) بهزيمة مُرّة في كلّ شيء ..شعر أن الدنيا (معصلجة) معاه على الآخر ..بل وصل إلى شعور وقناعة بأنه (طنجرة) ..يتصرف كالطنجرة تماماً ..يضعوه على النار كالطنجرة ..يضعون فيه الخضار و اللحمة و البصل و الدجاج كالطنجرة ..يمسكونه ويركنونه في المجلى كالطنجرة حتى تتكرّم عليه ست البيت القرفانة و تضع عليه سائل جلي وهي تتفاعل مع فيسها و واتسها ..ومرات ينقعونه لفترة طويلة كالطنجرة..!
حاول ناقص هزيمات أن يتخلص كثيراً من هذا الاعتقاد ..لكنّ كل ما يجري معه و حوله يزيد في إقناعه ..ومشى على هذا الأساس : أنا طنجرة يعني طنجرة ..! كل البشر يستخدموني وأنا أنا ..كل الناس يتهنون بي ..وأنا أتعس المخلوقات ..كل الأوادم يتلذذون وأنا طنجرة اللذة ..أنا طبّاخ السعادة ..أنا وعاء الفرح ..فلماذا لا سعادة ولا لذة ولا فرح لي ..؟!.
قرّر ناقص هزيمات أن يعتكف في البيت ..ألاّ يخرج أبداً ..حتى يعود إنساناً له كامل الحقوق و هو بلا تردد سيعمل ما عليه من واجبات كما كان دائماً ..ولكنّ قراره لم يدم طويلاً ..كل شويه يقتحم عليه بيته من يأخذه غصباً عنه ويضعه على النار ..من يجليه بقرف ..من يستعمله بخشونه ..من يقحّط قاعه تقحيطاً ..!
لذا ؛ و مغامرةً في سمعته ..قرّر ناقص هزيمات قراره التاريخي و المؤجل منذ سنوات ؛ أن يذهب لطبيب نفسي وخلِّ الناس تحكي ما يحلو لها ..وما أن شرح للطبيب عن حالة الطنجرة التي يشعر بها ..حتى ضحك بصوتٍ عالٍ جداً جداً لدرجة استفزّت هزيمات ..وأمسكه الطبيب من يده و جره إلى قاعة كبيرة فيها أناس مكوّمون فوق بعضهم و سألهم : من أنت ؟ شوكة يا دكتور..وأنت ؟ سكين..وأنت؟ طاولة سفرة..وأنت؟ صحن ..وأنت؟ ركوة قهوة ..وأنت ؟ سيخ مشاوي....وأنت ؟ فنجان قهوة ..وأنت شرشف ..!!! ..الخ وواصل الدكتور : شايف يا روحي ..احمد ربك اللي طلعلك تصير طنجرة ..وأوعى تفكر أني دكتور ؛ أنا المواطن مكتة ..فأهلا وسهلا بك يا صديقي في حارة الأدوات المنزلية ..!