كهرباء النصّ...
ملاحظة : يُكتب هذا المقال والكهرباء مقطوعة لذا فهو غير خاضع للضريبة.
وصلتُ إلى مرحلة من الخوف والهبل إلى الاعتقاد أن شركة الكهرباء الأردنية ستشكل لجاناً بأعداد مهولة لقراءة كتب ومقالات وقصائد ومسرحيات المبدعين الأردنيين.! أما ما علاقة شركة الكهرباء في ذلك؛ فإن لذلك حكاية أرويها لكم متمنياً ألاّ تفتّحوا أعين الحكومات والمسؤولين على ما سأرويه لكي لا يأخذوا هبلي على محمل الجد :.
كنتُ في بداية تسعينيات القرن الماضي شغوفاً بالنقد الأدبي؛ لذا كنتُ ألهث خلف كل جديد فيه ..إلى أن وجدتُ ناقداً ذكر أمامي مصطلحاً أضحكني أكثر مما أعجبني ..قال : هذا النصّ يفتقد للكهرباء..! وحين سألته : كيف ؟ بدأ بسيل من الاستعراض عن الشحنات الكهربائية وتلامس الكلمات واضاءة الجمل والضغط العالي ..و و و ..الخ.
من يومها وأنا أحرص جيداً على التمديدات الكهربائية داخل نصوصي..وأظلّ اترقب من بعيد خوفاً من حدوث تماس أو تشريت مفاجئ..! من يومها وأنا أتفقد (عمدان الكتابة) قبل الشروع بتوصيل التيار الكهربائي للكلمات..! من يومها وأنا أبدّل (اباريز) وأشتري كل أسبوع (نقّاصات) وأرمي (وصلات) لم تعد صالحة للعمل ..! من لحظتها (وهذا الأخطر) وأنا أوّلد الكهرباء الذاتية بعيداً عن أعين الحكومات والشركات ذات الفواتير التي لا ترحم ..! من ساعتها أدركت أن نصوصي المليئة بالكهرباء عاجزة تماماً عن إضاءة لمبة واحدة حين يشتدّ الجدّ ويصير الهمّ الوطني معتماً بلا أسلاك صالحة للإنارة..! فلا القوميون ارتدوا للقوم ..ولا اليساريون أشعلوا مصابيحهم في الأنفاق المظلمة ..ولا الإسلاميون قرأوا على رؤوسنا وقت الشقيقة والصداع، سورة النور أو بعضاً من المعوذات..!.
كهرباء النصّ.. لو فطنت له شركة الكهرباء، فإنها ستقود المبدعين إلى ساحات المحاكم بتهمة هدر الطاقة أو سرقة الكهرباء أو عدم دفع فواتير العمر الذي أضاع البوصلة حينما أضاء على مشاكل الناس الثانية ونسي أن يضيء درباً للوطن..!.