jo24_banner
jo24_banner

الأردن في حضن الدب الروسي؟!

فهد الخيطان
جو 24 : تناقلت وسائل الإعلام أمس، تقارير عن اتفاق أردني-روسي لإقامة سلسلة من المصانع العملاقة لإنتاج السلاح، وتصنيع المعدات العسكرية، جنوب المملكة. وفي دليل على ضخامة الاستثمار، ذكرت التقارير المستندة إلى مصادر روسية، أن المصانع ستشغل نحو ربع مليون عامل. ربما يكون هناك مبالغة في هذه التقديرات؛ لكن إذا ما صحت التقارير، فسيكون هذا أكبر استثمار لروسيا في الصناعات العسكرية خارج أراضيها.
الأنباء المتداولة بشأن الاتفاق جاءت بعد أسبوع من زيارة قصيرة قام بها الملك عبدالله الثاني للعاصمة الروسية موسكو، تخللتها مباحثات مكثفة مع الرئيس فلاديمير بوتين. وقيل في حينه إن الملف السوري هيمن على لقاء الزعيمين. غير أن تقارير روسية أشارت وقتها إلى أن المباحثات تناولت التعاون العسكري بين البلدين، بينما لم يصدر أي تعليق من الجانب الأردني بهذا الخصوص.
التعاون في المجال العسكري بين البلدين يعود لسنوات مضت، شهدت خلالها العلاقات الأردنية-الروسية تطورا ملحوظا، يمكن تلمسه بالصداقة القوية التي تجمع الملك بالرئيس بوتين.
باكورة التعاون العسكري تمثلت في اتفاقية مشتركة لتصنيع الصواريخ الروسية ذائعة الصيت "آر. بي. جيه"، ومن قبلها قاذفات "هاشم 1" و"هاشم 2". وفي وقت لاحق، وقع الأردن اتفاقية لشراء منظومة دفاع جوي متطورة من روسيا، ودخلت الخدمة بالفعل. وأخذ التعاون في المجالات الاستخبارية والأمنية وصفقات السلاح أبعادا لم يكشف عنها لاعتبارات كثيرة.
لكن أشكال التعاون المشار إليها لا ترقى إلى مستوى الاتفاقية التي كُشف عنها مؤخرا، والتي لا تُبرم في العادة إلا بين بلدين يجمعهما تحالف استراتيجي وثيق، وهو المستوى الذي لم تصل إليه العلاقات الأردنية-الروسية منذ أن بدأت قبل 57 عاما.
الأردن، كما هو معروف، حليف للغرب وللولايات المتحدة على وجه التحديد، ويرتبط باتفاقية تجعله قريبا من العضوية الكاملة في حلف "الناتو"، وقواته تتواجد في أفغانستان تحت مظلة الحلف.
وتاريخيا، كان الأردن يملك هامشا للمناورة في علاقاته الدولية، لكن ليس إلى ذلك الحد الذي يسمح له بإقامة أكبر "قاعدة" روسية للتصنيع العسكري على أراضيه، في وقت تقترب فيه روسيا من خسارة آخر قواعدها في المنطقة، وأعني سورية.
إذا ما نجح الأردن في توسيع هامش مناوراته إلى هذا القدر، وتنويع خياراته الدولية، فإن ذلك بلا شك تحول كبير في سياسة المملكة، سيترك أثرا على دور الأردن الإقليمي، وعلاقاته مع الدول العربية والخليجية على حد سواء.
بيد أن مراقبين يستبعدون إقدام الأردن على خطوة بهذا الحجم بدون تنسيق مسبق مع الحليف الأميركي. أما القول بأن الخطوة برمتها تعبير عن احتجاج أردني على شح المساعدات الأميركية والخليجية، فهو قول يفتقر إلى الدقة، كون الولايات المتحدة قدمت للأردن مساعدات إضافية هذا العام، وما تزال تتصدر لائحة المانحين. وأيا كان مستوى العتب الأردني، فلن يصل إلى حد الانقلاب على تحالف تاريخي مع الغرب، لازم الدولة منذ تأسيسها. لقد مرت العلاقات الأردنية-الأميركية بمراحل سيئة، بلغت ذروتها في حرب الخليج الأولى؛ رغم ذلك، لم يفكر الأردن في الانقلاب على تحالفه مع أميركا.
الصفقة إن صحت الأنباء بشأنها، هي شكل متقدم للتعاون مع روسيا، لكن التحالف شيء آخر مختلف تماما.الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير