أحاسيس خاشّة ببعض
أصعب طلب يمكن أن يطلبه منك شخص مزاجي هو أن (تحسّ به) أو أن يتهمك بأنك (مش حاسس فيه)! فمزاجه دليل على أنّ حكمه على الأمور متغيّر تبعاً لحالته النفسية؛ والأقسى من ذلك حين يكون ذلك الشخص هو محطّ اهتمامك الدائم ويترك لمزاجه اللعب بك على قاعدة (حسّ فيّ أو عمرك ما رح تحسّ فيّ)!.
حين تدخل في مفارقة عجيبة للإحساس بألم الآخرين الذين ينتظرون منك أن تنتزع لهم أي شيء في ظرفٍ قاسٍ من أية جهة كانت وأنت يقودك إحساسك المتعاظم بمحنة الآخرين لأن تطلب من مقربين منك إذا كان بالإمكان المساهمة في المساعدة وليس كل المساعدة ويصبح مجرد الطلب هو اتهامك بعدم الإحساس! مفارقة عجيبة؛ أنت يقودك إحساسك ومن تطلب منه يردّ طلبك غاضباً منك لأنك بلا إحساس به..تشعر ساعتها بالمهانة ..لأنك لحظتها لن تستطيع أن تكسب حتى توضيح وجهة نظرك..!
هنا يصبح النقاش عقيماً وبلا طعم لأنه نقاش سيتحوّل إلى سيل من الاتهامات والأحكام المسبقة ليس أقلّها الأنانية وليس أكثرها أية تهمة مُعلبةٍ جاهزة يفتحها في وجهك..حتى أن الكلام السابق سيكون حجّة له ودليلاً إضافياً أنك مش حاسّ فيه وعمرك ما رح تحسّ..وما في داعي للكلام لأنه عمرك ما رح تفهم..!
تدور بنا الحكومات منذ بدء الولادة إلى مرحلة الشيب الذي هبط علينا في غمرة الشباب..نحاول فقط نحاول أن نوصل للحكومات منذ عشرات السنين إحساسنا بوضع الناس المهمّشة والناس الماكلة هوا..فيأتي الجواب دائماً وأبداً: إنتم مش حاسين بوضع الميزانية ..مش حاسين بوضع البلد .. مش حاسين بتطور الأمور.. مش حاسين فينا كيف نشتغل ..مش حاسين مش حاسين ..! بجد زعلتونا ..ونقضي العمر نصالح الحكومات على زعلها منّا لأننا نقلنا لها إحساسنا بالآخرين..!
لن يحسّ بك سوى إحساسك، انّ حسّك هو الإحساس الحقيقي الذي يقودك للقلب رغم شعورك بالمهانة وأنت تنقل إحساسك بأوجاع الآخرين..!
الدستور