صفقات سلاح ومعسكرات تدريب.. هل انتقل الأردن لدعم المعارضة السورية؟
فهد الخيطان
جو 24 : تجاهل المسؤولون الأردنيون التعليق على تقارير صحفية غربية، تشير إلى دور أردني مباشر في تسليح المعارضة السورية، وتدريب المئات من عناصرها في معسكرات قرب العاصمة عمان، يشرف عليها مدربون من الولايات المتحدة الأميركية.
طوال الأشهر التي مضت من عمر الثورة في سورية، امتنع الأردن عن تقديم أية مساعدات عسكرية للمعارضة السورية، وقاوم ضغوطا خليجية دفعت بقوة لفتح الحدود الشمالية أمام السلاح والمقاتلين. برر المسؤولون هذا الموقف بالخشية من أن يصل السلاح لأيدي الجماعات المتطرفة والأصولية، التي تنامى نفوذها في سورية في السنة الماضية. في المقابل دعم الحل السلمي للصراع ودعا في أكثر من مناسبة لحوار مباشر بين نظام الأسد والمعارضة.
لكن المعلومات المتواترة عن تسهيلات أردنية لتسليح المعارضة السورية "المعتدلة" تنبئ بتحول جوهري في الموقف من الصراع في سورية.
منذ أسبوع تقريبا نشرت صحف أميركية وبريطانية تقارير تفيد بوجود دور أردني في خطط تسليح وتدريب المعارضة السورية. صحيفتا "الواشنطن بوست" و"النيويورك تايمز" أشارتا إلى أول عملية لنقل العتاد العسكري للمقاتلين السوريين عن طريق الأردن. من جهتها، ذكرت صحيفة "التايمز" اللندنية أمس أن دولا غربية تدرب "متمردين" سوريين في الأردن، في محاولة لتقوية العناصر المعتدلة في المعارضة السورية، بمواجهة النفوذ المتزايد لجبهة النصرة، المحسوبة على تنظيم القاعدة. مصدر أردني مطلع أكد لصحيفة التايمز صحة هذه المعلومات، لكنه أوضح بأن المجموعات التي تلقت التدريب لم تتلق الضوء الأخضر بالتوجه إلى ساحات القتال في سورية.
بيد أن القنبلة التي فجرتها صحيفة "يوتاري ليست" الكرواتية، ولم تحظ بأي تعليق رسمي أردني، هي أخطر ما تكشف عن التحول في الموقف الأردني من الأزمة في سورية. الصحيفة الكرواتية قالت، في تقرير مفصل يوم الجمعة الماضي، إن مطار زغرب كان خلال الشهرين الماضيين نقطة عبور لنقل الأسلحة والذخائر إلى مسلحي المعارضة السورية. وأضافت أن 75 طائرة نقل أردنية وتركية أقلعت خلال هذه الفترة من مطار زغرب بحمولة أسلحة قدرت بثلاثة آلاف طن، حيث دخلت الأراضي السورية عن طريق الأردن. وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأميركية تولت جمع الأسلحة من البلقان، ودفعت السعودية ثمنها، بينما تكفلت الطائرات الأردنية والتركية بنقلها.
قد يبدو التحول في الموقف الأردني من الأزمة في سورية مفاجئا للمراقبين المحليين، ويتناقض مع المواقف الرسمية المعلنة، لكن هناك ثلاثة تطورات مهمة أملت على المسؤولين تطوير مقاربة جديدة للوضع السوري: الأول: شعور الجانب الأردني أن استمرار الصراع في سورية بدون حسم، سيفضي إلى توسع رقعته، وانتقاله في نهاية المطاف إلى دول الجوار. ومع تدفق اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة إلى الأردن، وتحول مخيم الزعتري إلى أخطر بؤرة أمنية في البلاد، تنامت المخاوف من إمكانية خروج الأمور عن السيطرة، وانتقال مظاهر الفوضى إلى الداخل الأردني. أعداد اللاجئين السوريين تقترب من حاجز النصف مليون، واستمرار التدفق بهذه الوتيرة، يعني بلوغهم المليون قبل نهاية العام، وهو وضع لا يمكن تحمله وفق مسؤولين حكوميين. ولذا لا بد من بذل كل ما يمكن من جهد لتمكين المعارضة من السيطرة وخلق مناطق مستقرة وآمنة تأوي اللاجئين داخل الأراضي السورية.
الثاني: التحول الملحوظ في الموقف الأميركي تجاه الوضع في سورية، الذي طالما وظفه الأردن في السابق للمحافظة على موقف، وصف بالمحايد من الأزمة. جولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهي الأولى له في المنطقة، حملت معها موقفا أميركيا جديدا لا يمكن للأردن تجاهله. كيري أعلن في أكثر من عاصمة عربية زارها أن الإدارة الأميركية تنوي تسليح المعارضة المعتدلة أو "الجيدة"، حسب وصفه، في سورية، وإجراء اتصالات مباشرة معها، وهو ما حصل فعلا بلقاء كيري مع رئيس ائتلاف المعارضة السورية معاذ الخطيب في روما. الإدارة الأميركية بموقفها هذا قررت القطع نهائيا مع نظام الأسد، والأهم من ذلك دعم الخيار العسكري بدل الحل السياسي الذي اصطدم على الدوام بتعنت النظام السوري وشروطه المرفوضة من قبل المعارضة.
التطور الثالث: يتمثل بالضغوط الخليجية على الأردن، والتي بلغت مراحل متقدمة في الآونة الأخيرة. أبرز الدول التي مارست الضغوط كانت السعودية، التي يقول مراقبون إنها رهنت تقديم مساعدات إضافية للأردن بتسهيل دخول السلاح للمعارضة السورية، على غرار ما تقدمه تركيا من تسهيلات.
لا شك أن التحول الجاري في الموقف الأردني سيعمق من حالة الانقسام الداخلي حيال الأوضاع في سورية، وسيطرح على الدولة سؤالا ولو بعد حين: هل يساهم تسليح المعارضة في تسريع الحسم في سورية، أم سيجعلها أقرب لحرب أهلية طاحنة وطويلة؟.الغد
طوال الأشهر التي مضت من عمر الثورة في سورية، امتنع الأردن عن تقديم أية مساعدات عسكرية للمعارضة السورية، وقاوم ضغوطا خليجية دفعت بقوة لفتح الحدود الشمالية أمام السلاح والمقاتلين. برر المسؤولون هذا الموقف بالخشية من أن يصل السلاح لأيدي الجماعات المتطرفة والأصولية، التي تنامى نفوذها في سورية في السنة الماضية. في المقابل دعم الحل السلمي للصراع ودعا في أكثر من مناسبة لحوار مباشر بين نظام الأسد والمعارضة.
لكن المعلومات المتواترة عن تسهيلات أردنية لتسليح المعارضة السورية "المعتدلة" تنبئ بتحول جوهري في الموقف من الصراع في سورية.
منذ أسبوع تقريبا نشرت صحف أميركية وبريطانية تقارير تفيد بوجود دور أردني في خطط تسليح وتدريب المعارضة السورية. صحيفتا "الواشنطن بوست" و"النيويورك تايمز" أشارتا إلى أول عملية لنقل العتاد العسكري للمقاتلين السوريين عن طريق الأردن. من جهتها، ذكرت صحيفة "التايمز" اللندنية أمس أن دولا غربية تدرب "متمردين" سوريين في الأردن، في محاولة لتقوية العناصر المعتدلة في المعارضة السورية، بمواجهة النفوذ المتزايد لجبهة النصرة، المحسوبة على تنظيم القاعدة. مصدر أردني مطلع أكد لصحيفة التايمز صحة هذه المعلومات، لكنه أوضح بأن المجموعات التي تلقت التدريب لم تتلق الضوء الأخضر بالتوجه إلى ساحات القتال في سورية.
بيد أن القنبلة التي فجرتها صحيفة "يوتاري ليست" الكرواتية، ولم تحظ بأي تعليق رسمي أردني، هي أخطر ما تكشف عن التحول في الموقف الأردني من الأزمة في سورية. الصحيفة الكرواتية قالت، في تقرير مفصل يوم الجمعة الماضي، إن مطار زغرب كان خلال الشهرين الماضيين نقطة عبور لنقل الأسلحة والذخائر إلى مسلحي المعارضة السورية. وأضافت أن 75 طائرة نقل أردنية وتركية أقلعت خلال هذه الفترة من مطار زغرب بحمولة أسلحة قدرت بثلاثة آلاف طن، حيث دخلت الأراضي السورية عن طريق الأردن. وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأميركية تولت جمع الأسلحة من البلقان، ودفعت السعودية ثمنها، بينما تكفلت الطائرات الأردنية والتركية بنقلها.
قد يبدو التحول في الموقف الأردني من الأزمة في سورية مفاجئا للمراقبين المحليين، ويتناقض مع المواقف الرسمية المعلنة، لكن هناك ثلاثة تطورات مهمة أملت على المسؤولين تطوير مقاربة جديدة للوضع السوري: الأول: شعور الجانب الأردني أن استمرار الصراع في سورية بدون حسم، سيفضي إلى توسع رقعته، وانتقاله في نهاية المطاف إلى دول الجوار. ومع تدفق اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة إلى الأردن، وتحول مخيم الزعتري إلى أخطر بؤرة أمنية في البلاد، تنامت المخاوف من إمكانية خروج الأمور عن السيطرة، وانتقال مظاهر الفوضى إلى الداخل الأردني. أعداد اللاجئين السوريين تقترب من حاجز النصف مليون، واستمرار التدفق بهذه الوتيرة، يعني بلوغهم المليون قبل نهاية العام، وهو وضع لا يمكن تحمله وفق مسؤولين حكوميين. ولذا لا بد من بذل كل ما يمكن من جهد لتمكين المعارضة من السيطرة وخلق مناطق مستقرة وآمنة تأوي اللاجئين داخل الأراضي السورية.
الثاني: التحول الملحوظ في الموقف الأميركي تجاه الوضع في سورية، الذي طالما وظفه الأردن في السابق للمحافظة على موقف، وصف بالمحايد من الأزمة. جولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهي الأولى له في المنطقة، حملت معها موقفا أميركيا جديدا لا يمكن للأردن تجاهله. كيري أعلن في أكثر من عاصمة عربية زارها أن الإدارة الأميركية تنوي تسليح المعارضة المعتدلة أو "الجيدة"، حسب وصفه، في سورية، وإجراء اتصالات مباشرة معها، وهو ما حصل فعلا بلقاء كيري مع رئيس ائتلاف المعارضة السورية معاذ الخطيب في روما. الإدارة الأميركية بموقفها هذا قررت القطع نهائيا مع نظام الأسد، والأهم من ذلك دعم الخيار العسكري بدل الحل السياسي الذي اصطدم على الدوام بتعنت النظام السوري وشروطه المرفوضة من قبل المعارضة.
التطور الثالث: يتمثل بالضغوط الخليجية على الأردن، والتي بلغت مراحل متقدمة في الآونة الأخيرة. أبرز الدول التي مارست الضغوط كانت السعودية، التي يقول مراقبون إنها رهنت تقديم مساعدات إضافية للأردن بتسهيل دخول السلاح للمعارضة السورية، على غرار ما تقدمه تركيا من تسهيلات.
لا شك أن التحول الجاري في الموقف الأردني سيعمق من حالة الانقسام الداخلي حيال الأوضاع في سورية، وسيطرح على الدولة سؤالا ولو بعد حين: هل يساهم تسليح المعارضة في تسريع الحسم في سورية، أم سيجعلها أقرب لحرب أهلية طاحنة وطويلة؟.الغد