نجحت العملية ولكن
ذات يوم ليس ببعيد؛ تعرفت عائلتي على عائلة أُخرى بإحدى مستشفيات المملكة..وصارت العلاقة فيها من الدفء ما يكفي للسؤال والاطمئنان والتواصل ..وكان لدى العائلة الأخرى طفل مريض بحاجة إلى عملية..وما زلتُ أذكر المكالمة التلفونية مع الدكتور الذي أجرى العملية حين سألناه عن الطفل؛ قال مبتهجاً: الحمد لله العملية نجحت تماماً.. ففرحنا جداً . ولمّا سألنا الدكتور: نقدر نزوره يا دكتور؟ قال: مهو مات !!! صدمة كبيرة..سألناه : كيف نجحت العملية ومات ؟! قال: العملية كانت ناجحة وأنا عملت المطلوب مني تماماً والموت ليس بيدي ..وعاد وكرر بس العملية كانت ناجحة والحمد لله..!.
من يومها وتلك الجملة لم تفارق ذهني: نجحت العملية والمريض مات..صرتُ أقيسها على كل فشلٍ واضح أمامي يقوم صاحبه ويقول: أنا عملت الذي عليّ..! كلّنا وقت الشدة نخرج أنفسنا من دائرة الاتهام والتقصير.
كلّ ما أخشاه أن فرح الناس المتصاعد بقضيّة الدخان أو فضيحة التبغ أو سمّها ما شئت ؛ تتحوّل بعد كلّ هذه الجهود لمحاربة الفساد إلى مجرد محاولة فقط..الناس تراقب وتراقب بجدية هذه المرّة ..تريد أن ترى كل الذين لعبوا بالمال العام والذين استباحوا اقتصادنا وكأنه مطيّة لجرائمهم؛ خلف القضبان أو في بيت خالتهم..لا يريدون لرأس كبير فاسد بالأدلة القاطعة أن يسلم رأسه الفاسد ويبقى يسرح ويمرح بفساده..!.
يدي على قلبي مثل بقيّة الناس الطيبين الذين يخافون بلحظة حرجة أن يخرج عليهم من يقول لهم: نحن عملنا إللي علينا والعملية ناجحة ولكنّ المريض مات..نريد نجاحاً للعملية وجميع المجرمين بلا استثناء يكتوون بنار جرائمهم ويحلّ بهم عدل القضاء.
نريد نجاحاً للعملية والوطن يعود إلينا سليماً ومعافى.الدستور