أحلام كيلو ونصف
أكل مخّي (أحمد الصويص) الصديق الجديد وهو يحدثني عن (دفعته) الذين تخرجوا معه وتوزعوا على الوطن العربي وبقيّة بلاد العالم وساهموا ويساهمون في ركب الحضارة بتلك الدول! وكيف أنهم عندما يعودون لبلادهم الأردن لا أحد يأخذ بيدهم ويحبطون وتكاد تموت بذرة الإبداع لديهم..!
كان يحدثني المسكين وأنا أقول يا ربّ يسكت..لأنني أعلم عن هذه الحسرة أكثر من غيري..أعلم عن الفرص الضائعة التي ذهبت أدراج الرياح لأنّ بعض الحكومات المتعاقبة لم تكن تصنع أحلاماً لأحد إلاّ الأحلام المسروقة من المبدعين وتهريبها للمحسوبيات والشلليات والذين لم يفتحوا كتاباً في المدرسة والجامعة واكتفوا بـ(فخامة الاسم تكفي)..!
لكنّ أحمد ودفعته ما زالوا يحلمون بأن يحققوا ربع أحلامهم الكبيرة وعندما أقول الكبيرة فأنا لا أقصد أحلاماً بوزن الأطنان بل أوزاناً لا تتعدّى الكيلو والكيلو ونصفاً..لأن الشباب الذي بلا ظهر ولا تُصنع له مقومات المساهمة في بناء البلد ماتت أحلامه الكبيرة جداً في طريق الواقع العربي و تخاذل حكوماته إلاّ في المحافظة على اللصوص والحيتان و تلميع منظومة الفساد!
ورغم تمسكي بالأمل وأضحك على نفسي بالقول بأننا محكومون به إلا إنني أدرك في لحظة حساب وجردة واقع و التعامل مع معطيات أن أحمد ودفعته يحتاجون عصيراً خاصاً للصبر وساندويشات مقاومة للقهر و معالق عجيبة يلعقون بها الدواء المقاوم للواقع وأكثر من ذلك فهم بحاجة إلى أكياس زبالة يلمّون فيها كلّ أوجاعهم كي يضعوها في أقرب حاوية أو يشعلون فيها النار كي تستمر آمالهم في بناء وطن لا يصبحون فيه عبيداً لفواتير الكهرباء والماء والضرائب التي تقتل أي حلم لشاب يفكّر أن يبدأ في القطاع الخاص ولا يريد الوظيفة الحكومية لأن الوظيفة أصلاً لا يحلم أبداً بالحصول عليها..!
أحمد ودفعته هم الجيل الذي يلي جيلي مباشرة..نحن نقتلهم بقوانيننا وأنظمتنا ونطلب منهم صنع المعجزات وهم بالأغلال يدين وقدمين..
أحمد ودفعته إن لم تنتصر الحكومة لهم فسنظلّ نعيش تفاصيل هزائم المستقبل قبل أوانها..!!
الدستور