jo24_banner
jo24_banner

ايها الداعون لتجريم اغتيال الشخصية..حرية الناس اولى بالرعاية

باسل العكور
جو 24 :
كتب باسل العكور - ترتفع مؤخرا وتيرة الرسائل الرسمية التي تدعو الى اقرار تشريع جديد او تعديل تشريع نافذ لملاحقة اصحاب الرأي بدعوى تجريم اغتيال الشخصية !

لماذا كل هذا العناء، واللقاءات والاجتماعات على اعلى المستويات او اقلها ؟ احجبوا منصات التواصل كلها ،لاحقوا المعلقين في اي حيز وصفحة وموقع على الشبكة العنكبوتية ،جرموا الكتابة على الحائط اذا شئتم ، راقبوا الرسائل النصية الطويلة و القصيرة، اسكتوا حفيف اوراق الشجر ،احدثوا ضوضاء طاغية من بروجوجندا تلفزيون المملكة وعدد من وسائل الاعلام التي تحددون فيها زوايا الرؤية ، للتشويش على خرير الماء والحيلولة دون سماع صوته العذب، روعوا الناس ، زجوا بهم في غياهب السجون ،حصنوا صناع الخوف من المسؤولين ،حصنوا رؤوس الاموال والفاسدين ،تغولوا على حقوق الناس وانهبوا ما تبقى من دريهمات في جيبوبهم ، لاحقوا مواطنا يصور مستوصفا مهملا،القوا القبض على احد المارة وهو يصور موكب مسؤول ينتهك كل قواعد المرور ويعرض حياة الناس للخطر، امنعوا السلفي ،وافسحوا المجال للملقي والمخفي والمتعدي، افرضوا ضريبة مبيعات على الحروف ،ضعوا كاميرات لترصد ايماءات الوجوه ،ركبوا عدادات على الافواه والكيبوردات. لا تتركوا شارده او وارده فالصوت مأساة الشعوب الحية ،ولا بد من ان يستحيل ل صمت القبور ..

اغتيال الشخصية ليس مصطلحا قانونيا ،ولا اعرف اذا كان هناك تشريع في الدنيا يجرم اغتيال الشخصية بمفهومها الذي يأخذ ابعادا سياسية واجتماعية في غالب الاحيان .

اغتيال الشخصية الذي يعني ان يقوم احدهم عبر اي وسيلة نشر او وسيلة اعلام باطلاق حملة منظمة ضد سمعة احدهم وينال من كرامته ومكانته وصورته ،وهو امر قلما يحدث في بلادنا ،وهو بذلك لا يحتاج الى كل هذا الاستنفار الرسمي وعلى اعلى المستويات .

التشريعات الاردنية سارية المفعول تجرم القدح والذم والتحقير ، وهي بذلك تحمي سمعة الناس وكرامتهم ومكانتهم السياسية والاجتماعية ،فلماذا نحتاج اذا للتوسع ووضع تعريفات فضفاضة ستضع الجميع في دائرة التجريم ؟!

مشكلتنا ليست بوجود فجوة في التشريعات تسمح باغتيال شخصية صناع القرار في بلادنا، مشكلتنا بطموح متسلمي زمام السلطات الراغبين بتحصين انفسهم من النقد والمساءلة والمحاسبة بكل اشكالها .. هؤلاء اضعفوا مؤسسة النيابة التي تمثل سلطة الشعب وافرغوها من دورها وصلاحياتها ،هؤلاء فتكوا بديوان المحاسبة واضعفوه ، هؤلاء يشتغلون على اسكات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد واضعافها ،هؤلاء يسعون للتغول على السلطة القضائية واضعافها ،واخيرا يريدون اغلاق افواه الناس ومصادرة حقهم في التعبير وانتقاد السلطات ومساءلتها ومحاسبتها شعبيا ! هذا هدفهم وتلك غايتهم ..

المسؤولون في الدول المتقدمة يتحملون كل اشكال الانتقاد،هم يعرفون ان هناك متطلبات للخدمة العامة ،وتعرضهم للانتقاد والمتابعة والرصد واحدة من متطلبات العمل العام ، يعرفون ان عليهم ان يوسعوا صدورهم وان يتحملوا النقد الموضوعي وغير الموضوعي ،ان يتحملوا قارص الكلم ،وان عليهم ان يواجهوا الشائعات والاتهامات بكثير من الشفافية والمكاشفة والافصاح .

حرية الناس اولى بالرعاية من نزق مسؤول او رغبة متنفذين بالحصانة وممارسة صلاحياتهم باطلاق لا يقبل اي نوع من المساءلة والمحاسبة ..

 
تابعو الأردن 24 على google news