jo24_banner
jo24_banner

"كرة النار" بين أقدام النواب

ابراهيم قبيلات
جو 24 :

انشغلت الدولة منذ بداية الربيع العربي بتشجيع التيارات المتشددة على مشاركة الحراك؛ لتخويف الناس مما يجري، لكنها لم تكتفِ بذلك، واعتمدت على عدة أساليب عسى أن ينجح أحدها في لي ذراع الحراك. ونجحت، حتى الآن على الأقل.
من بين أساليب التخويف، كان السماح لحزب التحرير بالتظاهر براياته السوداء، شاهدا على ذلك، وكان شاهدا على ذلك أيضا تنشيط التيار السلفي الجهادي، في الشارع.
الاستماع إلى التفسيرات الشعبية عن كيفية تعامل الدولة مع عناوين مهمة من مثل: مسدسات النواب، وعَبدة الشيطان، ودائرة المتابعة والتفتيش، وانقسام المجتمع إلى شتى الأصول والمنابت؛ ينبئ عن حجم التواطؤ الرسمي لإشعال فتيل الفتنة، ويقدم شواهد دامغة من سلة لا تزال ارتداداتها ماثلة.
كلها تؤكد تخبط عقل النظام في مواجهة التحديات وتركيب أزماته الداخلية على ظهر الجميع لينجو بنفسه. فهل سينجو؟
وغاب أو كاد الحراك عن الشارع أشهرا. قيل في حينه أن النظام احتوى المعارضة، وكان ذلك صحيحا. لكن نقطة فاصلة ظهرت مع تكليف النظام د. عبدالله النسور برئاسة الحكومة الجديدة.
التقط شباب الحراك الشعبي الرسالة الرسمية، فلم تكن لغة النظام صعبة عليهم، فإعادة التكليف للنسور رسالة واضحة.
هل يفعلونها وينفذون تهديدهم في اعتصام مفتوح، يعيد بعثرة أوراق اللعبة السياسية مجدداً؟
هو "اعتصام" يذكرنا بفعاليات كثيرة ماضية قد كتب لها الفشل. لكن من قال إن الفعاليات المخطط لها هي ما يخيف النظام؟
إن شابا أحرق نفسه بعفوية نارية في أحد شوارع تونس ألهب دنيا المنطقة سعيرا. لم يكن حينها النظام التونسي "الساقط" قد حسب حساب لحظة محمد أبو عزيزي، رغم انه كان يعد احد أهم الأنظمة العربية قمعا وأمنا.
لا يعني ذلك، أن أردنيا سيشعل النار في نفسه فتقوم القيامة. ليس هذا ما سيحدث، فلكل شعب قصته، ربما اللهب الذي سيشعل الشارع شيء ما كلنا نغفل عن بدء تجميع نفسه؛ ليكتمل فتبدأ لحظة أردنية خالصة. فهل هذا ما يريده النظام؟
يدرك النظام الأردني جيداً من هي الفئة التي تخرج في الشارع دعوة للإصلاح. وحتى لا نظلم البعض، فان منهم شبابا قادرين على الفعل، لكنهم وحدهم اقل من أن يصنعوا شيئا.
كثير من الحراكيين يعانون من التخبط وحب الظهور وغياب التنسيق والتخطيط، وهي أسباب كفيلة لإخراج العديد من الناشطين من الشوارع والعودة إلى بيوتهم، وقد فعلوا.
الناشطون لا ينكرون ذلك، لكنهم يقدمون تشخيصاً "أمنياً" أكثر منه "مراهقة سياسية"، لبعض من خرجوا، وهذا صحيح أيضا. لكنه ليس كل المشهد. كان هناك الكثير من المراهقات التي أضرت بالحراك، وبالمحصلة نالت من سمعته وأضعفت من دوره.
مقاربة الناشطين في تفسيرهم لحجم المعاناة، تستند إلى عناوين كثيرة، شغلت الرأي العام في الفترة الماضية.
يمكن فهم وتفّهم عوامل التفكيك التي أصابت الناشطين، لكن ما لا يمكن فهمه، هو: من المستفيد من دخول أصحاب الرايات السود من "حزب التحرير والتيار السلفي الجهادي على خط الحراكيين ومحاولة استقطابهم؟ وهل يعي صانع القرار أن بقاء إدارة الدولة بهذه الطريقة سيفقدنا العربة والحصان؟.
نعترف بأن التدخل الرسمي وزراعة ناشطين "مدجّنين" هشّم صورة الحراكيين وقدم جزءاً منهم بأسوأ ما يمكن تقديمه، "نواب مثلا".. لكنها بالمقابل سلّحت من صمد من الناشطين بالخبرة والتجربة، فراحوا يشخصون أمراض الحراك ويقدمون النصائح لأنفسهم في سبيل إنضاج الفكرة والوصول إلى أهدافهم.
اليوم، يقف الجميع وفي بالهم تجربة 24 آذار، وكيف تمت زعزعة التجربة عبر التخويف بـ "فلسطنتها" بالقول: إنها من نتاج تلك الشريحة من الأردنيين ولم يكن هذا صحيحا. كانوا في جلهم أبناء عشائر خرجوا ليطلبوا العدالة..اليوم، يضع النظام "كرة النار" بين أقدام النواب فهل سيحترق الجميع؟.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير