jo24_banner
jo24_banner

ليس قانونَ رجائي

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 :

الكتابة عن قانون الضريبة أمر يسبب صداعا في الرأس المليانة، لكنه أسهل ما يكون بالنسبة للرأس الفارغة، ولأنني لا أريد ولا أتمنى أن أكون من ذوي الرؤوس الفارغة، سأكتب بعيدا عن القانون، وقريبا جدا من «طقس النخبة»، حيث تتوارى شخصيات كثيرة عن الإعلام وعن المساءلة، لكنها لا تكف عن «اللغوصة» في استقرار الدولة ..
رجائي المعشر؛ رجل دولة وسياسي قديم، له تاريخه الشخصي والعملي في السياسة، وله تاريخه الاجتماعي الطيب في الأردن، وبناء على هذا الفهم، فهو لن يقامر بكل هذا من أجل أن يروي ظمأ العطاشى للتدخلات وفرض وجهة نظرهم على البلاد والعباد، وفي حال تم إلحاق قانون الضريبة «الجدلي المنفّر» بالدورة الاستثنائية الجارية، والتي انطلقت بموجب إرادة ملكية يوم الأحد الماضي، لمناقشة وإقرار قوانين ليس من بينها قانون ضريبة الدخل المذكور، أقول إن تم إلحاق هذا القانون بالدورة البرلمانية الجارية فهذا يعني بأنه ليس القانون الذي يعمل عليه نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر، بل قانون آخر غير مكتمل البنية، ولن يحظى بالقبول الشعبي حتى وإن كان أفضل من القانون السابق الذي تسبب بالإطاحة بحكومة الملقي، حين تم استيلاده من رحم الاجتهادات البعيدة عن الحوار وعن الإقناع، وقبل هذا هو بعيد كل البعد عن المنطق..كما قيل ويقال عنه.
الدكتور المعشر؛ عبر في أكثر من مناسبة عن عدم منطقية القانون المسحوب، ورجل مثله بالتأكيد لن يعيد إنتاجه مرة ثانية، حتى وإن كان المطلوب «جبر خاطر» الحكومة، وضمان عمر أطول لها، فالرجل يريد تقديم قانون يخدم الدولة والمواطن الفقير قبل الغني، وعلى الرغم من «دهشتي» شخصيا بقدوم الدكتور المعشر الى حكومة الرزاز، إلا أنني ازددت طمأنينة بأن قرار الحكومة لن يكون كسابقتها في الشأن الاقتصادي وغيره، بل سيكون أكثر رشدا وحكمة واقترابا من ثقة الناس، فهذه هي أوصاف أداء رجائي المعشر، ولا يمكن أن ينحو للشطط وطلب النجومية أو التقرب الى جهات ما بالإذعان الى ضغوطاتها.
لم ينه المعشر جولات الحوار مع فئات وشرائح وقوى المجتمع، فثمة كلام كثير لم يقل ولم يتم توضيحه بعد، وقبل هذا لم تقم الحكومة السابقة ولا الحالية بمكاشفة الناس بشفافية (ما المطلوب من الأردن أن يفعله، ليبقي على وضعه المالي والائتماني مستقرا وموثوقا بالنسبة للجهات المالية المقرضة والمانحة؟!)، سؤال كان وما زال مهما وهو أول خطوة على طريق رفع أية ضريبة في مثل هذه الظروف الاقتصادية، وحين يفهمه الناس «الذين يريدون أن يفهموا أعني»، ينطلق الحوار المختص بشأن حجم ونوع الضرائب المطلوبة بناء على الإجابة عن السؤال الغائب.
هناك تهرب ضريبي؛ كما يوجد أناس يعتبرون أنفسهم فوق القانون وفوق الضرائب والرسوم، ويوجد أيضا «تلاعب» يبلغ حد السخرية والاستخفاف بالقوانين من قبل بعض أصحاب المال، ومثال ذلك « أن يقوم أحدهم بفتح مصنع أو شركة ما في المنطقة الحرة مثلا» ويعفى من كثير من الضرائب والرسوم وكأنه خارج الأردن، بينما تتدفق بضاعته وصناعته الى الداخل وتحت تسمية أخرى أو شركة أخرى يمتلكها الشخص نفسه، ويقدم كشوفا تثبت «خسارة» الشركة «الداخلية» أو قلة أرباحها، بينما هي في المناطق الحرة رابحة وناجحة!.
اعطوا رجائي وقته للتحاور مع الناس، وناقشوه، وساهموا معه في بناء قانون ضريبة عادل يقبل به الناس لا سيما فقراؤهم، ولا تلجأوا الى المعارضة العمياء، فالخسارة الكبرى ستكون على حساب الجميع، لأننا كلنا نعيش في السفينة.الدستور

 
تابعو الأردن 24 على google news