"بروفايل" الملك.. دروس لم نتعلمها
فهد الخيطان
جو 24 : ينتمي مقال الصحفي الأميركي جيفري غولدبيرغ عن الملك عبدالله الثاني، وما تضمنه من اقتباسات مطولة على لسان الملك، إلى ما يعرف بصحافة "البروفايل". وفي هذا النمط من الكتابة الصحفية، يسعى الصحفي إلى التعرف على آراء وأفكار ومواقف الشخصية المعنية، من خلال حوارات مكثفة معه، ويصوغها في إطار تحليلي يسجل فيه انطباعاته، ويرسم من خلالها صورة للشخصية التي يقابلها، كما يراها هو. وفي حالة كهذه، يكون الصحفي أقرب ما يكون إلى الطبيب النفسي، بينما يستريح الشخص على أريكة، ويسترسل في قول كل ما يجول في داخله.
ودرجت العادة أن تجري مثل هذه المقابلات مع الزعماء المتقاعدين، ومشاهير الأدب والفن.
في اعتقادي أن الملك لم يكن بحاجة إلى "بروفايل" جيفري غولدبيرغ من الأساس؛ لقد تحدث من قبل مع الصحافة الغربية بما فيه الكفاية: شرح أفكاره وعرّف بنفسه ورؤيته لبلده والمنطقة، وخاطب الغرب، والأميركيين على وجه التحديد، من كل منابرهم السياسية والأكاديمية والصحفية. وعرض مشروعه الإصلاحي في الأردن بعد الربيع العربي. وقبل سنتين فقط، أصدر كتابا باللغة الإنجليزية تضمن قصة حياته، وتطلعاته.
وعلى المستوى الداخلي، انخرط الملك في حوار عميق حول برنامجه الإصلاحي، عبر أوراق نقاشية طرحها لحوار عام في وسائل الإعلام، وكان لها صدى إيجابي في أوساط النخب.
ولفترة من الوقت، ساد رأي ساذج في أوساط المحيطين بالملك، مفاده أن عليه التحدث مع وسائل الإعلام الغربية بطريقة مختلفة عن الحديث مع الإعلام المحلي؛ المعلومات المهمة والآراء الصريحة للصحافة الغربية، والإجابات البروتوكولية والمعدة مسبقا للإعلام الأردني والعربي أحيانا. في عصر الإنترنت، لم يعد ممكنا الحديث بلغتين؛ لقد أصبح بإمكان المواطن الأردني أن يقرأ مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" في نفس اللحظة التي يتصفح فيها قارئ أميركي الجريدة.
الضجة التي صاحبت حديث الملك مع "ذي أتلانتيك" أكدت عقم هذه النظرية؛ لم يعد ممكنا إخفاء شيء. لغة الخطاب السياسي ينبغي أن تكون موحدة هنا وفي الخارج، وأي تكييف في الشكل ينبغي أن لا يمس بالمضمون، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع داخلية حساسة، من الأفضل مناقشتها دائما في وسائل الإعلام المحلية، لأن في ذلك رسالة ذات مغزى للمواطن الأردني.
ومن المشاكل المعقدة لهذا الأسلوب في الحديث مع الصحافة الأميركية، أن المتحدث ينجر إلى استخدام مفاهيم سائدة في الغرب تجاه بلدنا، مثل تصنيف الشعب لفئتين: قبائل أو عشائر "شرق أردنية"، وأغلبية "أردنيين من أصل فلسطيني". الأمر ليس كذلك بالطبع، ولا أقصد من ناحية الأغلبية والأقلية، فهناك مداخل أكثر دقة وموضوعية لتعريف المجتمع ومكوناته، غير تلك المداخل المسيسة في الأدبيات الأميركية، ولأغراض نعرفها جميعا.
لا أشارك بعض من يطالب بالاعتذار. لكن، على المسؤولين حول الملك أن يتحملوا مسؤولياتهم عما حصل، لأنهم سمحوا لصحفي أجنبي أن يأخذ راحته على هذا النحو مع الملك، بدون أن يكلفوا خاطرهم مراجعة تسجيلاته.الغد
ودرجت العادة أن تجري مثل هذه المقابلات مع الزعماء المتقاعدين، ومشاهير الأدب والفن.
في اعتقادي أن الملك لم يكن بحاجة إلى "بروفايل" جيفري غولدبيرغ من الأساس؛ لقد تحدث من قبل مع الصحافة الغربية بما فيه الكفاية: شرح أفكاره وعرّف بنفسه ورؤيته لبلده والمنطقة، وخاطب الغرب، والأميركيين على وجه التحديد، من كل منابرهم السياسية والأكاديمية والصحفية. وعرض مشروعه الإصلاحي في الأردن بعد الربيع العربي. وقبل سنتين فقط، أصدر كتابا باللغة الإنجليزية تضمن قصة حياته، وتطلعاته.
وعلى المستوى الداخلي، انخرط الملك في حوار عميق حول برنامجه الإصلاحي، عبر أوراق نقاشية طرحها لحوار عام في وسائل الإعلام، وكان لها صدى إيجابي في أوساط النخب.
ولفترة من الوقت، ساد رأي ساذج في أوساط المحيطين بالملك، مفاده أن عليه التحدث مع وسائل الإعلام الغربية بطريقة مختلفة عن الحديث مع الإعلام المحلي؛ المعلومات المهمة والآراء الصريحة للصحافة الغربية، والإجابات البروتوكولية والمعدة مسبقا للإعلام الأردني والعربي أحيانا. في عصر الإنترنت، لم يعد ممكنا الحديث بلغتين؛ لقد أصبح بإمكان المواطن الأردني أن يقرأ مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" في نفس اللحظة التي يتصفح فيها قارئ أميركي الجريدة.
الضجة التي صاحبت حديث الملك مع "ذي أتلانتيك" أكدت عقم هذه النظرية؛ لم يعد ممكنا إخفاء شيء. لغة الخطاب السياسي ينبغي أن تكون موحدة هنا وفي الخارج، وأي تكييف في الشكل ينبغي أن لا يمس بالمضمون، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع داخلية حساسة، من الأفضل مناقشتها دائما في وسائل الإعلام المحلية، لأن في ذلك رسالة ذات مغزى للمواطن الأردني.
ومن المشاكل المعقدة لهذا الأسلوب في الحديث مع الصحافة الأميركية، أن المتحدث ينجر إلى استخدام مفاهيم سائدة في الغرب تجاه بلدنا، مثل تصنيف الشعب لفئتين: قبائل أو عشائر "شرق أردنية"، وأغلبية "أردنيين من أصل فلسطيني". الأمر ليس كذلك بالطبع، ولا أقصد من ناحية الأغلبية والأقلية، فهناك مداخل أكثر دقة وموضوعية لتعريف المجتمع ومكوناته، غير تلك المداخل المسيسة في الأدبيات الأميركية، ولأغراض نعرفها جميعا.
لا أشارك بعض من يطالب بالاعتذار. لكن، على المسؤولين حول الملك أن يتحملوا مسؤولياتهم عما حصل، لأنهم سمحوا لصحفي أجنبي أن يأخذ راحته على هذا النحو مع الملك، بدون أن يكلفوا خاطرهم مراجعة تسجيلاته.الغد