الصعلوك الضالّ
تمشي معكَ الشكوى والألمُ..أنت بلادٌ من حزنٍ يبتسمُ..أنتَ يدٌ مشلولةٌ ..قلبٌ غِرٌّ وطريقٌ زلّتْ فيه القَدَمُ..! أنتَ وأنتَ تراودُ نفسَكَ عن نفسِكَ تتهاوى فوقَكَ كي يسْلَمَ (تحتُكَ) ؛ آهٍ من تحتِكَ كيف يغافلُكَ وينتقِمُ..؟! إنّكَ يا صاحِ العَدَمُ..
لا الأغوارُ تماشيكَ..لا عمّانُ تواسيكَ..لا وَرْدٌ في (وِرْد) أمّي ينتبهُ لما فيكَ..لا الفقراءُ حين توشوشهم بالسرّ وتنهضُ معهم كي تخفي بالليل لهم خبزاً من فضلاتِ السادةِ ؛ يمتشقون سيوفاً أو خشباً ينخره السوسُ .. ! في منتصفِ الخذلانِ ووقتَ الذروةِ يسألك الواشونَ : لِمَ الكشرةُ؟ يا هذا لِمَ أنتَ عبوسُ؟! تضحكُ ..بطنُكَ تتقطعُ جوعاً..تضحكُ ..في فمك الضاحكِ كندرةٌ..تضحكُ ..شاربُكَ الآنَ يُداسُ وأنتَ مع الدوّاسينَ تدوسُ..!
تسرقُكَ الأحلامُ من الأحلام..وتسرقُك الآلامُ من الآلام..وأنتَ كما أنتَ؛ مشاعرُ نازفةٌ..جسدٌ مرّ عليه المُرُّ وعبّأه بجيوبٍ فارغةٍ تنتقلُ..! أغمضتَ عيونَكَ في التوقيتِ الخاطئ.. وضعوكَ على الحائطِ والعريُ الفاضحُ يبتهلُ..صلبوكَ..تفنّنَ فيكَ القهرُ الأسودُ و الحزنُ الأحمرُ و أنتَ كما أنتَ ؛ تُسلِّمهم نومَكَ في ترتيل عذابٍ لو صبّوه منَ الأعلى لصحا منه الجَبَلُ..!
كنتَ تقول وأنت تمدّ يديكَ إلى تاريخٍ مسفوكٍ ..رشفةُ شايكَ باردةٌ..شفتاكَ بطولةُ صعلوكٍ: فنجانُ القهوةِ ضيّعَ أوطاناً..بوسُ اللحيةِ طال حقوقَ الناس.. كنتَ تقولُ وكنتَ تقولُ..من أطفأَ فيكَ الجذوةَ..من علّمكَ الصمتَ؟ لماذا ركنتَ إلى الأعداء؟ لماذا وافقتَ على البيعِ بسيجارة مارلبورو وبقايا وجبةِ كنتاكي..؟! كنتَ تقولُ ..ونسيتَ الفولَ وصعاليكَ الدربِ ذهولُ ..والآن بوقتِ الجوعِ سينساكَ الفولُ..!
أنتَ يدٌ مشلولةٌ ..دربٌ ليس بها قدمُ...أنتَ الآنَ كما أنتَ فراغٌ بل عَدَمُ..