ثقافة استقالة الكبار
كامل النصيرات
جو 24 :
كنتُ دوماً وما زلت من أشدّ المناصرين للاستقالة أيّ استقالة تأتي من (كبير)..حتى لو لم يكن هو المسؤول المباشر عن أي خطأ صغيراً كان أم كبيراً..! لأن انتشار هذه الثقافة تعني أنّ هذا (الكبير /كبير بالمنصب) لن يفلت بأي فعلة تحدث ضمن حدود مسؤوليته..!
كثيرون يتساءلون: ما ذنب وزيرة السياحة؟ وآخرون عن وزير التربية: لسّا الزلمة جديد ..! ليست هنا القضية..فنحن نعلم أن القصة لا دخل لها بذنب فلان ولا بعدد أيام فلان..بل الحكاية كلّ الحكاية أن يعرف (الكبير) أيّاً كان أنه إذا لم يكن بحجم القيادة فعليه ألاّ يقود..وإذا لم يكن ممن يؤمنون بثقافة الاستقالة فعليه إلاّ يقبل من الأساس المنصب الكبير؛ فلن يكون أساه وحزنه على (الفطام) من المنصب أكثر من أُمّ لم يعد إليها طفلها أو أب لم يجتمع ثانيةً مع ابنه إلا عند وداعه الأخير عند القبر..!
كنتُ أتمنى أن تجري الاستقالات بلا تذمّر..بلا تلميحات بأن الاستقالة مكرهٌ عليها الكبير..بل تأتي وفيها جملة تحمل معنى فيه تحمّل المسؤولية الأدبية..جملة تحكي عن أنّ الوطن أكبر من الجميع..جملة تعطيك انطباعاً أن الكبير يكبر أكثر حينما يستقيل طواعيةً..وما شابه هذه الجُمَل من جُمَل..!
كنتُ أتمنى أن يستقيل العشرات ولينتقلوا إلى مواقع أخرى لا ضير..ولكن من حقّ المجتمع المكلوم أن يشعر منذ اللحظة الأولى أن هناك من يبادر ويضع نفسه رهن الوطن ولو بالاستقالة ..كي تتفشى ثقافة استقالة الكبار وتصبح حدثاً عادياً عند كلّ خطأ يستحق الاستقالة..!
لم أكن أتمنى أن يرمي الكل المسؤولية على الآخر..والآخر يرميها على القضاء و القدر..!
جميل ما حدث ولو أنه الحد الأدنى..ولكنه يؤسس لمرحلة جديدة ..مرحلة عنوانها : روّحْ قبل انتهاء التحقيق..فالناس تستحقُ ألاّ تراك ولو كنتَ بريئاً ولكنك مرتبط ضمنياً بما حدث..!
وبانتظار القادم وعساه يكون أجمل ..