jo24_banner
jo24_banner

من يضمن الهدوء في الأيام التالية؟

فهد الخيطان
جو 24 :

كان يوما هادئا في جامعة مؤتة أمس، بعد أسبوع عاصف شهد أسوأ مظاهر العنف الجامعي الذي راح ضحيته أحد الطلبة. قبل استئناف الدراسة التي عُلقت عدة أيام، بذلت إدارة الجامعة الجديدة، والمسؤولون في محافظة الكرك، جهودا كبيرة مع الأطراف العشائرية المتنازعة، لضمان عدم تجدد المواجهات. ويبدو أنها نجحت في مسعاها. لكن، ما من أحد يضمن الهدوء في الأيام التالية، أو تفجر خلاف بين تجمعات عشائرية أخرى.
لا شيء مضمونا البتة في "مؤتة" أو في غيرها من الجامعات الحكومية والخاصة. جامعة جرش "الخاصة"، شهدت مشاجرة محدودة يوم الخميس الماضي، سرعان ما توسع نطاقها بالأمس؛ عطلة نهاية الأسبوع كانت مناسبة للأطراف العشائرية المتحاربة كي تستجمع قواها، وتحشد شبانها لمواجهة أكبر. وقد تحولت ساحات الجامعة بالفعل إلى مسرح لمشاجرة واسعة، امتدت إلى خارج أسوار الجامعة.
تقف إدارات الجامعات عاجزة عن إيجاد حلول جذرية لظاهرة العنف الجامعي. وفي غياب استراتيجية واضحة للدولة، تلجأ إلى علاج من طينة الأزمة ذاتها؛ يستدعي المحافظ وجهاء العشائر التي يتورط أبناؤها في المشاجرات لإقناعهم بالتدخل لضبط الموقف. وداخل الجامعة نفسها، يجتمع كبار المسؤولين مع طلبة من أصحاب النفوذ العشائري لحثهم على ضبط الأمن، ومنع تجدد المواجهات. وهكذا تسلم أجهزة الحكم المحلي وقيادات التعليم العالي بقانون العشائرية، كوسيلة لتسوية النزاعات الطلابية. وهي بذلك السلوك تكرس الأزمة، وتمنح أطرافها غطاء من الشرعية على حساب قوانين الدولة.
يوم أمس، نشرت "الغد" دراسة أكاديمية للزميل الدكتور باسم الطويسي، حول أسباب اتساع ظاهرة العنف الجامعي وأزمة التعليم الحالي "الطلبة والعشيرة والدولة". لم يعتمد الطويسي على عمق فهمه للأزمة، ودرايته الواسعة بشؤون الجامعات والمجتمعات المحلية، بل دعم ذلك بتحليل ورصد لاتجاهات عينات من طلبة أربع جامعات حكومية، ليخلص في النهاية إلى جملة من النتائج المهمة التي تحدد طبيعة المشكلة وتطورها وأشكالها، ومسؤولية الأطراف المعنية.
دراسة الدكتور الطويسي تصلح، في رأيي المتواضع، لأن تكون أساسا لعمل مجموعة بحث أكاديمية مستقلة، تشكل لغاية دراسة حال الجامعات الأردنية وقطاع التعليم العالي في الأردن، وظاهرة العنف التي تلازم الحياة الطلابية في كل الجامعات.
الاكتفاء بحلول آنية وعشائرية "لطوشات" الجامعات، لن ينهي ظاهرة العنف. ثمة أزمة أعمق، تتصل بعلاقة الدولة بالمجتمع، كما يلاحظ الطويسي في دراسته. أزمة تتعدد أشكالها وتتنوع مظاهرها في الحياة السياسية والاجتماعية.
ما نخشاه حقا هو أن تستكين الدولة للحلول المؤقتة للعنف الجامعي، وتدفن رأسها في الرمال كما فعلت من قبل، ولا تلتفت للحاجة إلى وقفة مراجعة، تضمن علاجا جذريا لداء أصاب عصب المجتمع وقواه الحية. (الغد)
fahed.khitan@alghad.jo

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير