متى يفهم المسؤول الأردني؟!
فهد الخيطان
جو 24 : بفضل مسؤولين يحترمون حق الجمهور في الحصول على المعلومات، تزخر الصحافة الإسرائيلية عادة بالتفاصيل عن كل ما يدور حول هذا الجمهور، ويهم مصلحته.
منذ أن بدأت الإدارة الأميركية الجديدة جهودها لتحريك عملية السلام في المنطقة، قرر وزير الخارجية جون كيري، أن يحيط مباحثاته مع المسؤولين في المنطقة بطوق من السرية، خوفا من أن تفسد وسائل الإعلام جهوده، أو رفع سقف التوقعات، ثم ما تلبث أن تمنى محاولته بالفشل. بيد أن طرفا واحدا التزم بهذه السياسة في المنطقة، وهو الطرف الأردني، فيما وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية تعج بالتقارير والمعلومات، عن أدق التفاصيل في مباحثات كيري الأخيرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن قبل مع كبار المسؤولين الأردنيين.
وبفضل الصحافة الإسرائيلية فقط، اكتشفنا أن لنا -الأردن- دورا؛ سنستضيف قمة رباعية في عمان الشهر المقبل، إذا ما وفق كيري في بناء جسور الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأكثر من ذلك، نحن عمود السند في مجموعة الدعم العربية "المعتدلة" لعملية السلام، وفق وصف صحيفة إسرائيلية. ولدى الصحافة الإسرائيلية معلومات كاملة، هي بالتأكيد موجودة عند مسؤولينا، عن خطة السلام النهائية التي تبلورت في الدوائر الأميركية، وتتضمن عرضا بالانسحاب من 80 % من مساحة الضفة الغربية. والمعنى العملي لهذه الخطة، والكلام طبعا للصحافة الإسرائيلية، تسليم مناطق "ج" للفلسطينيين، شريطة أن تكون مجردة من السلاح (الترجمة لـ"الغد" في عددها يوم أمس).
ثم يكشف التقرير الإسرائيلي عن فصل آخر فيما سماه "كتاب الحرب" لجون كيري؛ ويتضمن بناء مجموعة دعم للسلطة الفلسطينية، تضم: السعودية، والأردن، وتركيا، ودول الخليج، ودول شمال أفريقيا، تتولى قيادة مبادرة السلام مع إسرائيل.
وفي ظل نظرة المسؤولين الأردنيين الدونية للإعلام الأردني، صار بإمكان صحيفة عربية "خليجية"، وليس غربية فقط، أن تحصل على معلومات وافية من مصادر دبلوماسية حول دور الأردن في تحالفات يجري تشبيكها مع تركيا وأميركا وإسرائيل بشأن الوضع في سورية.
وعندما يضطر مسؤول أردني للتوضيح تحت إلحاح من صحفي، يأتيك رد جاف، وبجمل مكرورة منذ عقود، تدفع القارئ إلى شك أكثر بصدقية الخطاب السياسي الرسمي. الصحفيون الإسرائيليون أو الأميركيون يكتبون وفي ذهنهم جمهور بلدهم بالدرجة الأولى، ويصوغون رسالتهم وفق ثوابت مصلحتهم الوطنية، بينما نحن متطفلون عليهم، نسرق المعلومات ونحاول من خلالها أن نفهم ما يجري في بلادنا. ومع مرور الوقت، يتبنى الرأي العام الأردني مواقفهم حيال سياسة بلاده، خاصة أن معظم وسائل الإعلام الإلكتروني تتسابق على نشر كل ما يتعلق بالشؤون الأردنية في الصحافة الإسرائيلية والغربية عموما، فيما التصريحات الرسمية التي تنشرها الصحف الأردنية تفقد مصداقيتها وقيمتها عند مقارنتها بالتقارير الأجنبية، لأنها لا تحتوي في الحقيقة أي معلومات ذات قيمة أو صدقية.
هل تسألون بعد ذلك لماذا تقفز المخاوف في أذهان الناس عندما يسمعون عن اتفاقية القدس، وزيارة نتنياهو السرية لعمان، ولقاءات "الخارجية" التي يلفها الغموض؟!
متى يفهم المسؤول الأردني أن احترام الإعلام وحقه في الحصول على المعلومات، هو مصلحة وطنية عليا، والمستفيد الأول منها هي الدولة؟
fahed.khitan@alghad.jo
(الغد)
منذ أن بدأت الإدارة الأميركية الجديدة جهودها لتحريك عملية السلام في المنطقة، قرر وزير الخارجية جون كيري، أن يحيط مباحثاته مع المسؤولين في المنطقة بطوق من السرية، خوفا من أن تفسد وسائل الإعلام جهوده، أو رفع سقف التوقعات، ثم ما تلبث أن تمنى محاولته بالفشل. بيد أن طرفا واحدا التزم بهذه السياسة في المنطقة، وهو الطرف الأردني، فيما وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية تعج بالتقارير والمعلومات، عن أدق التفاصيل في مباحثات كيري الأخيرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن قبل مع كبار المسؤولين الأردنيين.
وبفضل الصحافة الإسرائيلية فقط، اكتشفنا أن لنا -الأردن- دورا؛ سنستضيف قمة رباعية في عمان الشهر المقبل، إذا ما وفق كيري في بناء جسور الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأكثر من ذلك، نحن عمود السند في مجموعة الدعم العربية "المعتدلة" لعملية السلام، وفق وصف صحيفة إسرائيلية. ولدى الصحافة الإسرائيلية معلومات كاملة، هي بالتأكيد موجودة عند مسؤولينا، عن خطة السلام النهائية التي تبلورت في الدوائر الأميركية، وتتضمن عرضا بالانسحاب من 80 % من مساحة الضفة الغربية. والمعنى العملي لهذه الخطة، والكلام طبعا للصحافة الإسرائيلية، تسليم مناطق "ج" للفلسطينيين، شريطة أن تكون مجردة من السلاح (الترجمة لـ"الغد" في عددها يوم أمس).
ثم يكشف التقرير الإسرائيلي عن فصل آخر فيما سماه "كتاب الحرب" لجون كيري؛ ويتضمن بناء مجموعة دعم للسلطة الفلسطينية، تضم: السعودية، والأردن، وتركيا، ودول الخليج، ودول شمال أفريقيا، تتولى قيادة مبادرة السلام مع إسرائيل.
وفي ظل نظرة المسؤولين الأردنيين الدونية للإعلام الأردني، صار بإمكان صحيفة عربية "خليجية"، وليس غربية فقط، أن تحصل على معلومات وافية من مصادر دبلوماسية حول دور الأردن في تحالفات يجري تشبيكها مع تركيا وأميركا وإسرائيل بشأن الوضع في سورية.
وعندما يضطر مسؤول أردني للتوضيح تحت إلحاح من صحفي، يأتيك رد جاف، وبجمل مكرورة منذ عقود، تدفع القارئ إلى شك أكثر بصدقية الخطاب السياسي الرسمي. الصحفيون الإسرائيليون أو الأميركيون يكتبون وفي ذهنهم جمهور بلدهم بالدرجة الأولى، ويصوغون رسالتهم وفق ثوابت مصلحتهم الوطنية، بينما نحن متطفلون عليهم، نسرق المعلومات ونحاول من خلالها أن نفهم ما يجري في بلادنا. ومع مرور الوقت، يتبنى الرأي العام الأردني مواقفهم حيال سياسة بلاده، خاصة أن معظم وسائل الإعلام الإلكتروني تتسابق على نشر كل ما يتعلق بالشؤون الأردنية في الصحافة الإسرائيلية والغربية عموما، فيما التصريحات الرسمية التي تنشرها الصحف الأردنية تفقد مصداقيتها وقيمتها عند مقارنتها بالتقارير الأجنبية، لأنها لا تحتوي في الحقيقة أي معلومات ذات قيمة أو صدقية.
هل تسألون بعد ذلك لماذا تقفز المخاوف في أذهان الناس عندما يسمعون عن اتفاقية القدس، وزيارة نتنياهو السرية لعمان، ولقاءات "الخارجية" التي يلفها الغموض؟!
متى يفهم المسؤول الأردني أن احترام الإعلام وحقه في الحصول على المعلومات، هو مصلحة وطنية عليا، والمستفيد الأول منها هي الدولة؟
fahed.khitan@alghad.jo
(الغد)