أشتاق لكلّ هذا
أشتاق لصوت الجرس على الساعة الثامنة إلا ربعاً صباحاً فنتراكض من كل زاوية بالمدرسة نحو الساحة لنصطفّ في الطابور..! أشتاق لذلك الولد الذي كان أطول مني ويقف أمامي فأمتعض و(أزقّ) أمامه وهو يشدني ويعديني وراءه..أشتاق للمعلمين وهم يقفون أمام الطابور..وذلك المعلم الذي يفتّش على الأظافر و(عصاه) معه..ويفتش على الشعر و النظافة..وحين يصلّ إليّ كان يضربني بالعصا على ظهر يديّ : قصّ أظافرك لأهريلك وبرك..!
أشتاق للطابور المدرسي وهو في طريقه للصف ..وللحديث الهامس بين طابور وطابور : استناني على الروّاح والله لاترفش ببطنك..! أشتاق لشكوانا للأستاذ: استاز ؛ محمد سرق قلمي..أستاز؛ يوسف أكل محايتي..أستاز؛ خليل قرصني..أستاز؛ سلامة دعس على رجلي..أستاز؛ زحمان..أستاز؛ السلّة مليانة أروح أكبها ؟..أستاز؛ العريف كتب اسمي على اللوح وأنا والله ما عملت شي..أستاز؛ أستاز؛ أستاز..!
أشتاق لمدرستي وتفاصيلها..كمن يشتاق للعودة من جديد..لن أشتكي على أحد..لن أكون عريفاً ولو لحصّة..لن أفسد عن طالب مش جايب كتابه..لن أقدّم للاستاز هديّة (بربيش أو عصاه) وأوّل ما يجربها فيّ..لن أفعل أشياء كثيرة أشتاق لها الآن..ولكنني لن أسمح للأستاز أن يحرّضني ويزرع فيّ المقولة التي دمّرت حياتي: يجب ألاّ تأخذك في الحقّ لومة لائم..! وسأقول له: جرّبتها يا أستاز وفشلت التجربة..!