التغيير لا يأتي بمعجزة .. بل بحزب سياسي شعبي نظيف
عدنان الروسان
جو 24 : دعونا نتحدث ببساطة و بعيدا عن تعقيدات السياسة العميقة و نأخذ ما يطفو على سطح الأحداث في الأردن ثم نحاول الوصل إلى جواب على السؤال الكبير الذي يطرحه الجميع ، إلى أين نسير ، و قبل ذلك لا بد من أن نحاول فهم مدلولات القوة والضعف ، و إدراك أو محاولة إدراك كنه من أو ماذا يقف وراء ما يجري على الساحة المحلية ، و لماذا تبدو الدولة غير قادرة على الانتقال من المربع الذي تراوح فيه منذ أكثر من سنتين أي بداية الربيع العربي.
إن إحداث التغيير في المجتمع و في منهجية إدارة الدولة الأردنية ، و في مجموعة القيم " إن وجدت " التي يدير بها الساسة الدولة لا يمكن أن يحصل أو يتم إلا بوجود قوتين فاعلتين في المشهد السياسي والاجتماعي ، و يجب أن تكون القوتان متناقضتان من حيث الطرح الفكري أو الاقتصادي أو السياسي حتى يحصل العصف الذهني اللازم للوصول إلى نقاط الالتقاء بين الطرفين في كيفية إدارة الدولة كما لا بد من استحضار الحد الأدنى من البعد الأخلاقي لدى الطرفين في التعامل حتى يكون الحوار مرتكزا على مجموعة من القيم النبيلة ، الوطنية أو الإنسانية أو القومية أو الدينية أو غيرها .
و إذا ما أمعنا النظر في المشهد السياسي و الاجتماعي فإننا سوف نجد أنه ليس هناك إلا قوة واحدة ، هي التي تدعي معرفة مصلحة المجتمع و تمتلك الحقيقة ، و هي التي بيدها المال والنفوذ والقوة و هي التي تصيغ الخطاب السياسي للدولة ، و هي التي تقرر الحرب و السلام و تشكيل الحكومة و حلها ، و هي التي تتصل بالعالم الخارجي و هي التي تبرم المعاهدات والاتفاقيات دون المرور " دائما " بمجلس النواب ، و هي التي تقرر شكل الانتخابات و نوع القانون الذي تجري به الانتخابات و هي التي تعدل القانون و هي التي تقرر من هم الخصوم و من هم الأصدقاء و من هم الموالون و من هم المعارضون .
ببساطة تلك القوة هي الدول ، أو هي الجانب من العقد الاجتماعي الذي كان منوطا به أن يفعل كل ما ذكرناه سابقا لكن بعد مشاورة الطرف الثاني في العقد الاجتماعي ، غير أن المشاورات إن تمت تكون دائما و نمطيا مشاورات غير ملزمة و غالبا ما ترمى في سلة المهملات و تتابع تلك القوة طريقها الذي تسير عليه منذ عشرات السنين ، إذن ببساطة مرة أخرى تلك القوة هي التي تقرر ما تشاء و على الجميع أن يقبل و يصفق و يبدي أقصى درجات الذهول من حكمة و معرفة و قدرة تلك القوة التي تقرر الحياة والموت و تجترح المعجزات .
لكن على الصعيد الآخر هناك الطرف الثاني من العقد الاجتماعي و هو الشعب ، الذي وصل بفعل عوامل كثيرة جدا إلى مرحلة التلقي والقبول فقط و هو غير قادر على الفعل ولا رد الفعل و هو مشغول بتعميق اكتئابه و تذمره همسا ، غير مستعد أن يشارك في حزب سياسي ولا أن يساهم في اعتصام أو تظاهرة للمطالبة بحقوقه و هو ينتظر معجزة من السماء تهيء له كل ما يريد دون أن يقوم بأي جهد ، هذا الطرف كان يتعلل بأن الأحزاب الأردنية ورقية كمجالس النواب ، و أن الأحزاب لا يقودها إلا الحرس القديم بل ربما يقود بعضها بعض الفاسدين ، و جاءت الانتخابات الأخيرة لتعزز هذه المقولة و لتؤكد أن الشعب على حق ، لكن ...
لماذا لا يقوم هذا الشعب بتشكيل حركته الشعبية ، حزبه السياسي الوطني الذي تنتسب إليه كل قوى الشعب العاملة و "العاطلة عن العمل " ، قوى الشعب المغبون ، المدعوس ، الجائع ، الذي لا يعيش إلا على التسول و المكرمات والهبات ، لماذا لا يقوم بعض الأردنيين فيعيدوا إحياء الزعامات الشعبية النظيفة الجديدة التي تقود الأمة إلى الصلاح ، إلى التغيير ، إلى الرفاه ، إلى وقف الفاسدين و اللصوص عند حدهم ، لماذا لا يفعل الأردنيون كما فعل الأتراك مثلا ، كانوا أسوأ من حالنا و لما شكلوا حزبهم النظيف الشريف في بضع سنين صارت تركيا دولة إقليمية عظمى .
لا تصدقوا أن الأردن بلد فقير و محدود الموارد ، لا تصدقوا أن الأردن ليس فيه نفط و ماء و فوسفات ، لا تصدقوا أن التغيير سيأتي بمكرمات و هبات و تسول و توسل ، لا تصدقوا أن الشعوب غير قادرة على الفعل ، لا تصدقوا أن ثمن صوتكم في الانتخابات عشرة دنانير فقط ، لا تصدقوا أن الفاسدين سيعاقبون ، لا تصدقوا أن الأموال المنهوبة ستعود من هناك إلى هنا ، إذا لم يتحرك الشباب ، والرجال والنساء ، إذا لم نشكل نحن ثورتنا السلمية الدستورية على أنفسنا و على واقعنا عبر حزب سياسي قادر أن يضم كل الساكتين ، كل المتقوقعين وكل المتذمرين سرا ، إذا لم نقم نحن بذلك فلن يقوم به أحد غيرنا و ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك ..
هل يفعلها الأردنيون ... أظنهم سيفعلون و إلا فالجواب على السؤال الكبير نحن ذاهبون الى اتون المجهول ..!!
adnanrusan@yahoo.com
إن إحداث التغيير في المجتمع و في منهجية إدارة الدولة الأردنية ، و في مجموعة القيم " إن وجدت " التي يدير بها الساسة الدولة لا يمكن أن يحصل أو يتم إلا بوجود قوتين فاعلتين في المشهد السياسي والاجتماعي ، و يجب أن تكون القوتان متناقضتان من حيث الطرح الفكري أو الاقتصادي أو السياسي حتى يحصل العصف الذهني اللازم للوصول إلى نقاط الالتقاء بين الطرفين في كيفية إدارة الدولة كما لا بد من استحضار الحد الأدنى من البعد الأخلاقي لدى الطرفين في التعامل حتى يكون الحوار مرتكزا على مجموعة من القيم النبيلة ، الوطنية أو الإنسانية أو القومية أو الدينية أو غيرها .
و إذا ما أمعنا النظر في المشهد السياسي و الاجتماعي فإننا سوف نجد أنه ليس هناك إلا قوة واحدة ، هي التي تدعي معرفة مصلحة المجتمع و تمتلك الحقيقة ، و هي التي بيدها المال والنفوذ والقوة و هي التي تصيغ الخطاب السياسي للدولة ، و هي التي تقرر الحرب و السلام و تشكيل الحكومة و حلها ، و هي التي تتصل بالعالم الخارجي و هي التي تبرم المعاهدات والاتفاقيات دون المرور " دائما " بمجلس النواب ، و هي التي تقرر شكل الانتخابات و نوع القانون الذي تجري به الانتخابات و هي التي تعدل القانون و هي التي تقرر من هم الخصوم و من هم الأصدقاء و من هم الموالون و من هم المعارضون .
ببساطة تلك القوة هي الدول ، أو هي الجانب من العقد الاجتماعي الذي كان منوطا به أن يفعل كل ما ذكرناه سابقا لكن بعد مشاورة الطرف الثاني في العقد الاجتماعي ، غير أن المشاورات إن تمت تكون دائما و نمطيا مشاورات غير ملزمة و غالبا ما ترمى في سلة المهملات و تتابع تلك القوة طريقها الذي تسير عليه منذ عشرات السنين ، إذن ببساطة مرة أخرى تلك القوة هي التي تقرر ما تشاء و على الجميع أن يقبل و يصفق و يبدي أقصى درجات الذهول من حكمة و معرفة و قدرة تلك القوة التي تقرر الحياة والموت و تجترح المعجزات .
لكن على الصعيد الآخر هناك الطرف الثاني من العقد الاجتماعي و هو الشعب ، الذي وصل بفعل عوامل كثيرة جدا إلى مرحلة التلقي والقبول فقط و هو غير قادر على الفعل ولا رد الفعل و هو مشغول بتعميق اكتئابه و تذمره همسا ، غير مستعد أن يشارك في حزب سياسي ولا أن يساهم في اعتصام أو تظاهرة للمطالبة بحقوقه و هو ينتظر معجزة من السماء تهيء له كل ما يريد دون أن يقوم بأي جهد ، هذا الطرف كان يتعلل بأن الأحزاب الأردنية ورقية كمجالس النواب ، و أن الأحزاب لا يقودها إلا الحرس القديم بل ربما يقود بعضها بعض الفاسدين ، و جاءت الانتخابات الأخيرة لتعزز هذه المقولة و لتؤكد أن الشعب على حق ، لكن ...
لماذا لا يقوم هذا الشعب بتشكيل حركته الشعبية ، حزبه السياسي الوطني الذي تنتسب إليه كل قوى الشعب العاملة و "العاطلة عن العمل " ، قوى الشعب المغبون ، المدعوس ، الجائع ، الذي لا يعيش إلا على التسول و المكرمات والهبات ، لماذا لا يقوم بعض الأردنيين فيعيدوا إحياء الزعامات الشعبية النظيفة الجديدة التي تقود الأمة إلى الصلاح ، إلى التغيير ، إلى الرفاه ، إلى وقف الفاسدين و اللصوص عند حدهم ، لماذا لا يفعل الأردنيون كما فعل الأتراك مثلا ، كانوا أسوأ من حالنا و لما شكلوا حزبهم النظيف الشريف في بضع سنين صارت تركيا دولة إقليمية عظمى .
لا تصدقوا أن الأردن بلد فقير و محدود الموارد ، لا تصدقوا أن الأردن ليس فيه نفط و ماء و فوسفات ، لا تصدقوا أن التغيير سيأتي بمكرمات و هبات و تسول و توسل ، لا تصدقوا أن الشعوب غير قادرة على الفعل ، لا تصدقوا أن ثمن صوتكم في الانتخابات عشرة دنانير فقط ، لا تصدقوا أن الفاسدين سيعاقبون ، لا تصدقوا أن الأموال المنهوبة ستعود من هناك إلى هنا ، إذا لم يتحرك الشباب ، والرجال والنساء ، إذا لم نشكل نحن ثورتنا السلمية الدستورية على أنفسنا و على واقعنا عبر حزب سياسي قادر أن يضم كل الساكتين ، كل المتقوقعين وكل المتذمرين سرا ، إذا لم نقم نحن بذلك فلن يقوم به أحد غيرنا و ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك ..
هل يفعلها الأردنيون ... أظنهم سيفعلون و إلا فالجواب على السؤال الكبير نحن ذاهبون الى اتون المجهول ..!!
adnanrusan@yahoo.com