الوادي الذي منه بدأتُ
ياه لحكايا البدايات.. «الوادي» المحاذي للمزرعة ..هو أعظم مكان أحنّ إليه ..كان مصروفي «شلن « خمسة قروش فقط ..وكان هذا الشلن كافياً لشراء سيجارتين و كبريتة ..أهرب إلى الوادي ..أشعل سيجارتي الأولى ..شيءٌ ما يحرّك شفتيّ بكلام كبير ..كنتُ أحلم ومع الحلم كان صوتي يخرج بكلام جديد ..لم أقل لأحد ..تكررتُ الحكايةُ مع كل سيجارتين و كبريتة ..قلتُ لنفسي : لا تضيّع كنزك العظيم ..فأصبح الدفتر و القلم و السيجارتان و الكبريتة هم رفقائي في الوادي البعيد عن أعين أهلي ..و كتبتُ و كتبتُ و كتبتُ ..خربشتُ و خربطتُ و قاومتُ و دافعتُ و هجمتُ و انتصرتُ و حررتُ فلسطين ..كله في ذلك الوادي ..
شرحتُ الأمر كلّه لأولادي ..بل كنتُ قد أخذتهم للوادي في لحظة حنين جارفة ؛ و أنزلتهم فيه ..اعلم أنهم لم يستوعبوني كما يجب ..أنا من استوعبني ..أنا من فهمني ..أنا من أدرك اللغز الكبير ..من الوادي في أخفض منطقة في العالم إلى جبال عمان ..
ليتني أعود أحلم كما كنت بالوادي ..ليتني أدخّن سيجارتين في اليوم فقط ..ليتني أحرّر فلسطين من جديد ..!!