وداعًا أيّها الصالح
يموتُ الولدُ السلطيُّ النحيل..يموتُ صالح عربيّات ..ولكن لا يموتُ الساخرُ ولا الكاتب..ولا تموت الحكايات التي بثّها عبر سنوات عمره التي أبتْ أن تمتدّ أكثر..!
لك الله يا صالح وأنت تترك الركب بعد أن اتسعت عينُك بالمشهد فأدركتَ تفاصيله ولكن أنفاسك تقطّعت به وهي تحاول اللهاث فقط ..! لك الله وأنتَ تشنّ حروبك على المارقين وسُرّاق البطولات وتعيدهم لمخبئهم الذي خرجوا منه..!
يموتُ صالح عربيات فجأة ؛ بلا مقدمات ..بلا حتى تلفون وداعيّ..يموت لأنه عوّدنا على المفاجآت حتى بموته أتقنها ..! يموتُ لأنه رأى الأشياء الجميلة تموت واحدةً تلو الأخرى ..لأنه أدرك أن الوطن ما عاد للجميع ؛ وأن القابضين على الدينار يسومون الناس في الأسواق كأنهم عبيدٌ بأسواق النخاسة؛ فهرب صالح عربيات إلى الله بكامل حريته وفضاءاته التي بلا حدود قبل أن تتحاوطه الغيلان وتنشب أظفارها في طوبة الحريّة التي وضعها في بنائه الساخر..!
يموتُ الولدُ النحيل..ويترك أصحاب الكروش يحاولون النهوض ولا يستطيعون من ثقل ما في كروشهم من أوطانٍ مسروقة ..! يموتُ الولدُ السلطيُّ ولا تبكيه السلط فقط أو حتى (العيزرية) ..بل يبكيه كلّ من وصلته جملة طاعنة في النقد والسخرية..!
يموتُ الولدُ ..ويبقى الأثر الشامخ..يموتُ صالح لأنه صالح ..ويموت الطيّبون قبل الأوان لأن ثقافة الورود لم تدخل العقول بعد ..!
وداعاً أيها الوردةٌ ..وداعاً أيها الصالح..