العشائرية والعنف الجامعي
د.بلال السكارنه العبادي
إن حادثة جامعة الحسين وما سبقها في نفس الاسبوع في كثير من الجامعات الاردنية من اعمال عنف وشغب وما نتج عنها وفاة عدد من الطلبة رحمة الله عليهم والهم اهلهم الصبر والسلوان، وغيره من عشرات الاصابات لتشكل ازمة في الاخلاق والقيم ، وذلك يتطلب الذهاب بعيداً نحو سياسات واستراتيجيات تحول دون تأزيم الحالة والوصول الى المجهول في اقتصادنا التعليمي وثروتنا الوحيدة بالاستثمار بالعنصر البشري .
ولذا فان العشائرية تسعى الى التقليل من مخاطر العنف الجامعي التي اثبتت اخر الدراسات ان التعصب القبلي يشكل واحداً من العناصر الرئيسية في حدوثه، وخاصة ان هنالك بعض الاصوات اصبحت تصب على ان العشائرية ابرز الاسباب لذلك .
وتجدر الإشارة إلى ان النموذج الوطني الذي قدمته العشائر في مواجهة أشكال العنف الاجتماعي كافة الذي يبرز ما بين فترة وأخرى، انطلق من ذاتها مكانياً واجتماعياً فقد بدأت العشائر بمناطقها عندما رفضت أن تكون هذه المناطق بؤراً للعنف الاجتماعي والخروج على القانون، وتحولت إلى معين اجتماعي وأخلاقي يغذي توجهات الإصلاح السياسي والاجتماعي على الصعيد الوطني العام. وأن زخم المواقف الوطنية التي اضطلعت بها العشائر في ميادين المواجهة المباشرة. وفي تحويل المضايف إلى دواوين للصلح والتوافق وفي الحرص على عقد اللقاءات والاجتماعات والندوات، والتي يمكن الاستدلال عليها بأنه كان وما زال بمثابة ورش عمل لصقل الشخصية الوطنية على هذا الطريق.
إن مجموعة الاعتبارات التي تدفع العشائر للالتزام بواجبها الأمني العام هي اعتبارات تأخذ مفهومها العام من الروح الوطنية العشائرية في اغلب مفاهيمها أصلاً ، ضمن قائمة المكونات الأخلاقية للعشيرة من نخوة ونبل وشهامة واستعداد للذود عن كل ما هو صحيح في إطار المروءة التي تعلو منهج العشيرة وهو مصلحة عشائرية بالدرجة الأساس بمعنى أخر هو مصلحة وظيفية مشاركة للدولة والعشائر بوصفها مؤسسة اجتماعية لا تختلف في منطقها عن أية مؤسسة مجتمع مدني ، ومن الأنصاف والاعتراف التأكيد على أن العشائر كانت وما زالت لها الدور الواضح ليس من منظور الاستنجاد بها وإنما من منطلق المسؤولية التضامنية بين العشائر والحكومة ومواقفها في نهوض المجتمع ومحاربة المفسدين ومساعدة الجهات الأمنية والمسؤولة عن حماية الشعب والبلاد.
والسؤال الذي يطرح اذا كانت جامعاتنا والعشائر تقوم باستخدام كافة الوسائل المساعدة على التخفيف من ظاهرة العنف الجامعي ، فان على الهيئات التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الاجتماعية والدينية والسياسية والاجهزة الحكومية ان تساعد في تقليل كل من شانه ان يزيد العنف داخل الجامعات حفاظاً على سمعة التعليم العالي كونه مورد اساسي للاقتصاد الوطني.