شيطنة "اضراب المعلمين"
هبة الحياه عبيدات
جو 24 :
قلة من كتاب المقال الذين قرأوا مشهد اضراب المعلمين ومطالبهم في سياق الوضع المحلي المهترئ اقتصاديا.
ذهب الكثير من كتاب الرأي إلى صبغ هذا الاضراب بأن جماعة الإخوان تسلقت على الإضراب بل ذهب البعض إلى أن الإخوان هم من يقودون المشهد.
قراءة سطحية لم تلامس أسباب الإضراب الحقيقي ولا حتى التعاطف الشعبي معه، لم يدرك الكثير من كتاب الرأي حتى اللحظة أن هذا الإضراب يمثل طبقة كادحة واسعة تمثل أغلبية المجتمع الأردني، عدا عن أن كل بيت يكاد يقطنه معلم أو معلمة، فطبقة المعلمين هي الأقرب للمجتمع الأردني ليس فقط من الناحية المعيشية وإنما الثقافية والبنيوية.
يصر الكثير من كتاب الرأي على التمسك في هواجس بل رواسب عايشوها في زمن ما، كان للإخوان شعبيتهم آنذاك، والتي تراجعت الآن رغم إصرار هؤلاء الكتاب على استرجاع ذلك الزمن ووضعه كنظرية تفسر إضراب اليوم، وهو مما لا شك فيه أنه يبتعد عن الواقع المعاش.
المضحك المبكي، من مؤشرات كتاب الرأي في "صبغ الاضراب بالإخوان" أنهم مثلا استخدموا كلمة نائب النقيب التي يكررها عند ذكره لوفاة نقيب المعلمين أحمد الحجايا "بالشهيد" ولا يعلمون أن هذا الوصف يستخدم لدى المجتمع الأردني بغالبيته الذي بالتأكيد قلة منهم من هم منضوون تحت جماعة الاخوان، وهو تسطيح للقضية ليس بعده تسطيح.
تسطيح آخر، هو الإصرار على تصيد مواقف ما دون غيرها، مثلا الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين نور الدين نظيم ظهر في حوار أدرته مؤخراً، وقالها صراحة نحن نسعى للوصول إلى دولة مدنية، رغم ذلك لم يكترث لهذا التصريح كتاب الرأي، فجل اهتمامهم منصب على أي كلمة ووصف ما زال عالقا في ذهنهم حتى اللحظة زمن شعبية وسيطرة الإخوان.
المستهجن أن هؤلاء أنفسهم ما زالوا يعممون على كل من يخالفهم توجهاتهم الفكرية بأنه "إخوان" ولا يؤمنون بأن المجتمع الأردني هو مجتمع لا يزال "محافظ" أي أن لا علاقة للإخوان بذلك.
إن أدوات الشيطنة التي تمارس من كتاب رأي بإصراراهم على أن "الإخوان" من يقود الإضراب، لا تقل أهمية عن أداوت الشيطنة التي تمارس من قبل الدولة على "إضراب المعلمين".
في نهاية الأمر قيادة الإخوان للإضراب هو مؤشر يرفع من شعبيتهم، لا ينتقصها ولا يعيبهم هذا أولاً، ورغم أن الإخوان ما زالوا يتخذون موقف المراقب والذي قد يكون خوفاً من افشال الاضراب لذات السبب الذي تروجه الدولة وكتاب الرأي، أو لعدم رغبتهم في خوض معركة مباشرة مع الدولة بتأييدهم "الإضراب" من خلال أدواتهم الكثيرة الإعلامية أو حتى عن طريق قواعدهم الشعبية.
جميعنا نؤمن بدولة مدنية نسعى من خلالها إلى فصل الدين عن الدولة، وهو ما فشل به تيار مدني ظهر مؤخراً ما زال يصر أن غريمه هو تيار الإخوان ولم يستطع فهم بنية المجتمع الأردني المحافظ لأسباب كثيرة أولها الأوضاع الإقتصادية التي تساهم في بنية المجتمع.