إنّه المطرُ وظلّي
أعرف أن لكانون سحراً لدى الكثيرين؛ فهو العاشق الذي يفاجئ العشّاق كلّهم بأفانينه وطلّاته التي تصنع التفاصيل الصغيرة وتحيلها إلى الروح لتنتشي من جديد ..لتضع عنها وسخ القهر و النكد والاشتباك اليومي مع الحياة..
إنه المطر..حين تنتظره كأنك نبتة تموت فيأتيك ليعيدك إلى طفولتك المليئة بالوحل الجميل..نعم هناك وحلٌ جميلٌ تراوده ويراودك وتطارده وتطاردك حتى وإن لعنته أمام أمّك وأبيك لأنه لم يرحمك وأنت الكاذبُ لأنك العاشق المجنون..!
أوّل أمس..مارستُ بعضاً من صعلكتي المفقودة تحت المطر..جبتُ الشوارع ليلاً..وظلّي معي..شربتُ القهوة والمطر يتساقط فيها..فتحتُ فتحة السيارة و جعلتُ غزوة المطر عشقاً إنسانياً..لأنني تذكرتُ حينها بأنني إنسان أضاعته ألاعيب السياسة..!
تشعر وأنت تتلذّذ بالمطر أنك تجوع..ليس للطعام ..بل للطقوس..للدنيا..للخشوع..للصراخ الممتدّ من شفتيك إلى شفتي ظلّك..نعم مرّة أخرى ؛ في الليل ظلّ..لأنك تكتشفه في المطر حين يتبلل مثلك وحين ترى أن قهوتك قد نقصت فتدرك أنه كان يشرب معك..!
في المطر ؛ حين يتحوّل الكون إلى حبيبة تدرك أنّ للحياة أثواباً أخرى لم ترتدها بعد ..وأنها كانت بانتظارك ..وإنك هاجرها عن غباء فيما مضى أو أن الفرصة لم تواتك لتهتبلها..ولكنها تظلّ تلحّ عليك لتخرج أثوابها من خزانة الشوارع..!
إنه المطر ..إنه ظلّي..إنه الوقتُ الأجملُ المسروقُ من الزمن..!