jo24_banner
jo24_banner

ماحدا كسر عيني

عدنان الروسان
جو 24 :

على الدولة أن لا تراهن على الحظ كثيرا ، فالحظ الذي خدمها خلال السنتين الماضيتين قد ينقلب في أية لحظة ، والناس ليست مكترثة بكل الكلام والتحليلات والزيارات والمؤتمرات و اللقاءات التي تقوم بها الحكومة والدولة ولا بالتسويق الإعلامي الرسمي لبضاعة كسدت منذ زمن طويل ، الناس يريدون حكومة ، و يريدونها أن تفعل شيئا ما ، الناس لم يعودوا مكترثين بالأحزاب فقد فشلت الأحزاب في إيجاد دور لها في الحياة السياسية و اكتفت بالتفكير و تضييع الوقت بكيفية إيجاد كرسي أو كرسيين لقياداتها على مائدة عشاء أو غداء رسمية في الرئاسة أو الديوان ، أو بالمشاركة في محاضرة يلقيها رئيس حكومة عليهم ، يعودون و يظلون يحللون بكلماتها أسبوعا أو شهرا رغم أن كل المحاضرة لا تساوي شيئا . 
الأوضاع تتدحرج بقوة محليا و في الإقليم ، و قرار حربين عالميتين قد اتخذ بالفعل و لم يبق إلا التنفيذ ، الحرب الباردة مباشرة بين روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية ، والحرب بالصواريخ والطائرات و ستكون حربا كونية بالوكالة تخوضها سوريا و إيران وإسرائيل و حزب الله و ربما نحن " رغما عنا " و قد تتسع لتكون حربا كونية موسعة تشمل كل المناطق من أقصى الشواطئ الغربية لأفريقيا و حتى الحدود الروسية أو ماقبلها بقليل .
لن يكون هناك مؤتمر جنيف 2 ، و إن حدث فسيفشل من الجولة الأولى من المحادثات ، غير أننا نعتقد أن المؤتمر لن يعقد أصلا فقد تجاوزه الزمن بعد أن أعلنت أوروبا أنها ستسلح المعارضة السورية و بالتالي فإن روسيا ستسلح النظام السوري و إيران ستسلح حزب الله ، و نحن لن يسلحنا أحد و سيكون مطلوبا منا أن نكون جزءا من المعركة مقابل " لا ثمن " ، لا أحد يدري كيف تفكر الحكومة ولا ماهية الأسباب التي تجعلها تقبل بكل هذه المجازفة التي قد تقضي على الدولة الأردنية بالكامل مقابل لاشيء ، الذين يعيشون على أوهام الماضي بأن الولايات المتحدة وإسرائيل ستحميان الأردن عليهم أن يعيدوا النظر في تفكيرهم فالعالم يتغير و المعادلات القديمة قد لا تكون صالحة لليوم ، و قد يكون بعض أقطاب النظام في الحكومة أو المؤسسات الأخرى للدولة ضالعين في مخطط ما يظنون أنه الأفضل للأردن بينما سيكون الضربة الأخيرة التي تطيح بالكيان والنظام أي تطيح بنا جميعا.
الأشهر القليلة القادمة ، و ربما الأسابيع القليلة القادمة ستشهد بدايات الحربين الكونيتين بقوة ، و لن تتراجع الحكومة الأردنية عن رفع أسعار الكهرباء والماء و الضرائب و الرسوم ، ولن تأبه الحكومة بما يريده الشارع من محاسبة الفاسدين أو وقف الفساد أو تغيير قانون الانتخاب فهي تعلم أنها تستطيع إعلان حالة الطوارئ و ربما الأحكام العرفية في أية لحظة نتيجة التطورات التي تتسارع في الإقليم و بالتالي فإنها ستكون معفاة من محاسبة البرلمان الذي تبين أنه ليس على قدر المرحلة بكل الأحوال ولا يمكنه أن يكون .
الحرب ستبدأ و سيقبض البعض أثمانا للمشاركة فيها و لكن هذه الأثمان لن تذهب لدعم الموازنة المكسورة والخزينة المفلسة بل ستذهب إلى أماكن أخرى ، و لن يعترض أحد من الجالسين في الصف الأول ليكونوا " خيالة مآتي " لا أكثر .
في مقابلة للأمير حسن مع نيكول تنوري على الإم بي سي منذ فترة طويلة قال الأمير بالنص " ماحدا كاسر عيني ، ما تاجرت ، ما عبيت جيابي ، بقدرش واحد يفوت و يقول في يوم من الأيام عرضت عليه كومسيون كذا مليون و قبلها ، كان موقفي صارم من هذه الناحية ، يقولو اللي بدهم يقولوه بس مايقدرو يقولوحرامي "
انتهى الإقتباس ، هل هذا بحاجة إلى تعليق أو شرح أو توضيح ؟!
يمر الأردن اليوم بأخطر فترة زمنية في حياته كلها ، و نتيجة لسوء الأوضاع و استمرار الطبقة الفاسدة في التربع على مفاصل القرار الوطني " باتت كلمة وطني ممجوجة لأنها لا تعبر تماما عن الوضع " ربما من بعيد ، ربما من خلال حكومة خفية تجتمع في بعض أنحاء عمان و تستعين ببعض أنحاء المنطقة لكنها تحكم بينما يظن الرئيس أنه يفعل ذلك و هو لا يفعل ، اليوم الدولة بحاجة إلى مجموعة من الناس الذين لم تنكسر عيونهم و لم يعبوا جيوبهم ولم يعيشوا و يعتاشوا هم و أولادهم و عائلاتهم على الكومسيون السياسي والسرقة الوطنية " كي يديروا الحكومة بالرئيس الحالي أو بغيره و ربما سيكون من العسير على الرئيس الحالي الإستمرار و إن كانت لديه رغبة ساحقة في البقاء رئيسا لأنه استهلك الكثير من الكاريزما التي رسمها لنفسه بعد أن وعد و أخلف ... رغم أننا كنا لا نريده أن يعد حتى لا يخلف وعندما أخلف لم يستقل.
ربما لن ينتهي العام إلا و قد تغيرت الجغرافيا السياسية في المنطقة بصورة لا يمكن لأحد أن يتوقعها ، و ربما ستدخل عوامل جيوسيساية بعيدة عن المنطقة لترمي بثقلها و تكون شريكا في رسم الخرائط الجديدة ، غير أن أكثر ما يلفت النظر أن اللاعبين الفعليين لا يريدون للمشهد السياسي الأردني أن يتغير ، إنهم يضحون و يغامرون بكل شيء بما في ذلك النظام معتمدين على الحظ الذي حالفهم منذ نشأت الدولة و حتى اليوم غير أن اليوم غير البارحة ، و ما كان يصح في زمن القطب الواحد و غياب اللاعب الإيراني لا يصح بودهما اليوم.
الدولة أمام تحد خطير للغاية ، و هي مضطرة إذا كانت تريد السلامة أن تذهب إلى حكومة إنقاذ وطني اليوم و ليس غدا ، و رسم إستراتيجية خلال أربع و عشرين ساعة للأشهر القادمة ، و مخاطبة الشعب بغير الخطاب القديم الذي عفا عليه الزمن ، و تغيير زمرة " المطبلين بالدنيا مزمرين بالآخرة " على رأس الأمير حسن وإلا فإن الدولة في هذا الصيف و ليس الصيف القادم ستقول " في الصيف ضيعت اللبن " .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير