كوميديا الأقلام (2-2)
المشهد الثاني: الرئيس في منزله يتابع نشرة الاخبار بتركيز شديد ، وفجأة يصرخ مناديا : تعالي يا مره شوفيني على التلفزيون. زوجة دولته لا تلقي بالا لنداءات دولته وترد قائلة : يا ابو فلان ما انته كل يوم على التلفزيون خليني اجهز العشا . الرئيس يتابع وحيدا التقرير التلفزيوني المنمق او بالاحرى المفبرك الذي يتحدث عن نشاطاته وزياراته وانجازاته الصورية .
يغادر الرئيس المنزل بمركبته الفارهة ويأخذ بتقليب الاذاعات المحلية، وكلها تتحدث عن ذات النشاط والتصريحات التي اطلقها صباح ذلك اليوم . الرئيس يخاطب سائقه منتشيا : يا سلام كم هو اعلامنا رائع ومنصف (..).
المشهد الثالث والأخير: (انقلاب الكرسي)
الرئيس في مكتب وزير اعلامه يستشيط غضبا ويوجه كلامه للوزير : الله اكبر ، ما الذي يحدث ؟ كتاب الاعمدة في صحفنا اليومية ينتقدونني بقسوة ؟ قل لي فقط "مين ورا الموضوع ؟ " .
(طبعا الرئيس يعرف او يستبطن - في هذه الحالات تحديدا - ان عددا كبيرا من كبار الكتاب والصحفيين لا يكتبون من وحي افكارهم وان هناك من اوحى لهم او اوعز ) لذلك هو يسأل بشكل مباشر عن الجهة التي تقف خلف نشر هذه المواد ؟) .
الرئيس - الحذق- يعرف حينها ان احد مراكز صنع القرار الاخرى او كلها قد انقلبت عليه ،وما اختلاف التغطيات الصحفية و انقلاب مزاج عدد معروف من كتاب الاعمدة المرتبطين بمختلف مراكز صنع القرار في بلادنا الا مؤشر واضح على ذلك .
المهم هنا ان يعرف الجميع ان هذه السقوف من الحرية التي تتاح لبعض الكتاب هي بتنسيق مع جهات رسمية لها مصلحة بالاطاحة بالحكومة وقصف عمرها وتأليب الشارع ضدها ، صحيح ان لا شعبية للحكومات الاردنية في العقد الاخير الا ان الحملة التي يبدؤها بعض الكتاب المزودين بالمعلومات والبيانات والاسرار والخفايا تضع الحكومات تحت وابل من النقد يتسبب بارباكها وجرها لمربع الدفاع عن نفسها، وحينها سترتكب الاخطاء الواحد تلو الاخر .
الاعلام بحاجة الى"بروسترويكا" حقيقية ولا بد ان نبدأ بهذه العملية قبل ان تأتي الساعة التي يثور بها الناس وعندها لن يقبلوا ابدا ببقاء هؤلاء في المشهد الاعلامي الجديد ، لانهم كانوا ادوات مؤذية وجارحة للناس، استخدمها التحالف الطبقي الحاكم ابشع استخدام في معركته ضد قوى الاصلاح والتغيير.