٩٩عام و١٠٠ حکومة
شبلي حسن العجارمة
جو 24 :
منذ تأسيس المملکة وحتی تحرير الحرف الأخير من هذا المقال فقد تعاقب علی کرسي رٸاسة الوزراء مٸة رٸيس حکومة أردنية وعلی مدار تسعةٍ وتسعين عاماً ، ربما تکرر بعض رٶوساء الحکومات مثل توفيق أبو الهدی في زمن ثقافة البيضة والرغيف للشرق أردنيين وربما لضيق الأفق السياسي وربما لاتساعه بقصدية عدم تمکين رعاة الماشية والإبل الباحثين عن الکلأ والماء لماشيتهم، بدليل أن منصب ولقب رٸيس الوزراء تداولته عاٸلات واحتکرته لأکثر من مرة ،ولعل المتتبع لما قلت سيجد تداول هذه الغنيمة بين ثلاثةٍ من نفس العاٸلة غير المرکبة ، وتحقق المثل القاٸل ”يا جد کلم جدك"، مشهد لم يتکرر إلا علی هذه الأرض ولن يکن إلا في الأردن حاضرتنا هنا.
مٸة حکومةٍ بتسعةٍ وتسعين عاماً علی شرفة قرنٍ ديمغرافي وسيبدأ الآخر عما قريب، ولا زالت أحلام شعبنا قصص کقصص الأطفال الحالمين ، کان خبزهم من حقلهم وکانت فرواتهم من جلود وصوف ماشيتهم ، وکانت عقلهم السوداء تغزل من وبر رواحلهم ، وها هم اليوم يستيقضون علی قطرميز السمن الذي ضربوه بالمذراة وهم يحلمون في قيلولة الضحی ، کان استيقاضهم أفزع من موتهم ، سلبتهم الحکومات المٸة حقلهم ونحروا رواحلهم وترکوهم يستجدن التبن والشعير الأمريکي والذرة الأسترالية علی حانات الأعلاف والسوق السوداء.
مٸة عامٍ بمٸة ذکری لرأس السنة الهجرية ومٸة عيدٍ لرأس السنة الميلادية وأربعماية عيدٍ للفطر والأضحی بما مجموعه ستماٸة عيدٍ والحفيد کان يسمع جدّه يقول کل عام وأنتم بخير ولم نرَ خيراً يذکر من الساسة ولا نعماء تسر الناظرين ، إلا بعثرات حجارة الوطن التي تم رجم أحلام أبناٸه حتی الشهداء في مقابرهم .
وتلك الأيام نداولها بين الناس ، بينما أمريکا الحديثة العظمی من الشعوب المستوطنة والمهجرة مضی علی استقلاها ما يقارب ال٢٨٠ عام ولم يتداول منصب رٸاسة الدولة أکثر من ٤٣ رٸيس ، لکن کرامة إنسانهم وحقوقه ورفاه عيشه صارت حلم لکل أردني علی وجه الخصوص ولکل عربي علی الوجه الأعم الأشمل.
مٸة عامٍ ولا زلنا في ظلال الإحباط والخذلان ومٸة حکومةٍ تفننت في تنغيص الإنسان وابتکرت کل ما هو مزيف وکاذب وجديد لإذلال إنسانها وتعليب جوعه وبيعه بمارکات جوع أردني مجفف وجوع أردني معلب وجوع أردني مقدد وجوع أردني مدخن وآخر طازج.
مٸة حکومة علی مدی قرنٍ من الزمان ولا زال الشعب يحلم برغيفٍ غير مدان وماءٍ نظيف وشارعٍ بلا حفر ووظيفةٍ مستحقة ، مٸة عامٍ والجندي لا يلد إلا الجندي والإقطاعي لا يلد الإقطاعي ، مٸة عامٍ والخطابات تتواتر من بطون المعاجم بأجود المعاني وأحصف النحو وأبلغ البيان ولکن المعنی فقير سقط علی دروب الضياع ولن يعود.