jo24_banner
jo24_banner

الوطن:ما بين مجاملة الحاکم واحتقان الشعب

شبلي حسن العجارمة
جو 24 :

 
حاولت أن أنأی بنفسي عن هذا الوجع ,أو أن ألزم قلمي الحياد,أو أن أحاول إقناع أطفالي بطبق فتة العدس ليوم الجمعة أو طبق الرشوف,حاولت أن أتماهی مع وجع يجتاح عشرة ملايين مواطن مخصوم منهم حکومة الکذب والتدليس ,وکذلك مخصوم منهم مجلس نواب البرستيج واللوغو, ومجلس العجزة للأعيان ,ومخصوم منهم حفنة باشوات کالببغاوات الشبعی ,ومخصوم منهم وزراء عابرون لکل الحکومات ,وبعض إعلاميي کبسة رساٸل الSM&S لاغتيال کل من لديه بوادر حس وطني ,حاولت جاهداً أن لا أفعل ,لکنني اتکأت علی مقولةٍ للراحل الملك الحسين رحمه الله حين کان يقول :"الکاتب ضمير أمة ".
وأنا علی مفترق طرقٍ بين أن أکون بضميرٍ أو بضميرٍ مريض أو بلا ,لکنني لست أنا ذکر طاٸر النعام الذي يدس رأسه في رمل مصاٸب شعبه, لأنني لست من عشاق اللايکات ,ولست من تجار زحمة التعليقات ,فلا أبحث عن ضحك الناس علی حساب المضمون,ولا أبحث عن المضمون المزرکش, للإشادة بي أو لمزيدٍ من النرجسية المترفة.
منذ عام ٢٠١٣م تململ الشعب , تحرك الساسة وتم بث الرساٸل لعناوينها بأن بوادر الضعف بدأت تدب في أوصال الدولة ومٶسساتها, وکانت الردود عبارات لم تسمن وقتها ,ولن تغن اليوم من الجوع; "الأمن والأمان ,إجندات خارجية,غربان الخراب,والجرذان تخرج من جحورها الخ ",کانت مجرد مراهم من الکلام, ومعالجات حکواتية من منابر الحکومة الرسمية ,والتغني بأٛمجاد ممن سبقوا لمراحل کانت تناسب واقع أحوالهم حينها.
تعطل الخطاب السياسي المقنع,وتخبطت الحکومات المتعاقبة بکل أدوات الإصلاح ,حتی نوايا الإصلاح تحتاج إلی إصلاح إيضاً ,الإعلام في وادٍ والشعب في وديان أخری, فأکبر مصاٸب الأوطان فقدان الثقة بين وساٸل إعلام الدولة ورعيتها , فبوصلة التوجيه تاٸهة ,والجميع يسير بعکس الآخر .
رٸيس الديوان الملکي يجامل جلالة الملك بعبارات لا تقوی أن تکون ريفانين يسکن آلام الشعب ,ورٸيس الوزراء لا يقول لجلالته إلا ما يحب أن يسمع ذاته رٸيس الوزراء بشر الخصاونة ,وکذلك بقية أجهزة الدولة ,تحرص علی رضا أحادي وينسلخون عن جلد شعبهم ,مع أن هذا الشعب يهتف بالاستقلال وبحياة الملك وولي العهد, ثم يقترض خبزه من الفرن ويحمل زجاجة ماء فارغة ليحضر البنزين لسيارته التي توقفت من نفاد الوقود,أو يدفع مخالفة موجعة بسبب توقفه في زحمة شارع الاستقلال في عيد الاستقلال.
الجميع يعلم بلا مواربة أن جلالة الملك يعلم ما يحدث ,وهذه الحقيقة من سليقيات مبادیء السياسة أن يعرف الحاکم ما يدور في ديموغرافية مملکته وزوايا حکمه,لکن علی من يصفون أنفسهم بأنهم رجالات دولة إذا کانوا علی ما يدعون من ولاٸهم المطلق للقصر وحبهم الأبدي أن يوصلوا ما يخفی من حقاٸق موجعة, عليکم أن تمعنوا النظر في عدد المشاهدات الشحيحة لما ينشر عن جلالة الملك مقارنةً ببعض أعلام السوشال ميديا, هو ذاته الشعب الذي أغلق عمان وخنق الحسين رحمه الله حباً وولاءً عندما عاد من رحلة علاجه معافی ذات يوم ولا زال وفياً مخلصاً علی حساب خبزه وجوع بطنه للعرش وسادته,من باب أن لا يخلع يداً من الطاعة أو يکن ثغرة الوطن التي يأتي منها المتربصون بالشعب وقيادته ووطنه شراً.
نحن وليس أنتم من يجلس في الغرف المغلقة ,ونسمع الأحاديث العفوية وما يدور من تململ الناس ووصولهم لمرحلة الترف من القرف ,عندما يجلس الأب بين خمسة شبان وسبع فتيات في عمر الورد وهو يتفقد شهاداتهم الجامعية علی جدران بيته المتهالك, توجعه ملابسهم الرثة وتشاٶمهم حتی من شمس الصباح لأنهم يعرفون أنهم لن ينهضوا نحو وظاٸفهم في تخصصاتهم التي قرأوها لتوظيف قدراتهم, أو من وجبة الخبز وقلاية البندورة التي بات يأکلها المواطن مثل الهواء الذي تقتات عليه رٸتيه بينما يأکلها جلالة الملك هروباً من البروتوکول وتعبيراً عن تواضعه الذي نتفق عليه جميعاً.
إن کنتم رجالات دولة علی ما تقولون لا تجملوا وجه الوجع بوجعٍ أشد وجعاً ,ولا ترشون علی الموت سکراً أکثر ,فقد باتت ألسنة الشعب لا تفرق بين الحنظل والعسل ,واستوی عندهم الليل والنهار.
عندما يصطف الفقير والغني علی طابور ترخيص السيارات وکذلك طابور دفع المخالفات ,دون تقديم خدمة واحدة لهم لقاء المبالغ الباهظة التي يدفعونها تحت بنود کاذبة ,فقط هي شرعنة لمص دم المواطن ولا غير ,ناهيك عن رسوم الکهرباء والتراخيص و,و,و……
المعادلة السياسية التي تفضي للمراهنة علی قوة التحمل والصبر لدی الشعوب معادلة فاشلة حتی من قالوها ذات يوم کفروا بها عندما صفعتهم النتاٸج الموجعة , هدا الشعب کريم والمثل يقول إحذر صولة الکريم إذا جاع ,هذا الشعب فرش تاريخ الوطن بمٸة عام من الولاء والانتماء دون أي مقابل ,وکانت النتيجة مٶسسة تشريعية مغتصبة ,وتنفيذية مزاجية وقضاٸية أنتم بها وبمخرجاتها أعلم وأدری , قبل أيام رشق الشعب الألماني وزيرته علی منصة الخطابة بالطماطم الفاسدة احتجاجاً علی الأوضاع الاقتصادية ,وأنتم تخندقتم خلق قانون الجراٸم الإلکترونية للمزيد من الضغط والاحتقان الذي تمارسونه علی هذا الشعب الطيب دون أن تترکوا له منفساً لإحدی رٸتيه الذي امتطيتم ظهره وأکلتم مقدراته مٸة عام ونيف ولم يقل أااااخ .
البارحة کنت علی منصة الخطابة وأرتدي الکوفية الحمراء حين طوقت بها عنقي , وتغنيت بکل أمجاد وطني علی مرأی من شعبنا المذبوح من وريد الخبز لشريان المحروقات ,ومن باب تسکين الوجع لا من باب الرضا المطلق, کنت ما بين شعورالنشورة بالإشادة بإجادتي وبين دمعي في غرفة الکواليس وأٛنا أقرأ عن هدية الحکومة للشعب برفع المحروقات بعيد الاستقلال ,بکيت وأنا أقرأ نستالوجيا شعر الخطيب بقصيدة لمن المضارب عندما کان يقرأها حيدر محمود فيسمعها الجميع أمام التلفاز الأسود والأبيض دون أن يرمش أحد ,بکيت وأنا أری طفلات في عمر الورد يرقصن علی أنغام "وطني الشمس " ,ولا يعلمن أن الشمس إذا غابت ستشرق ولکن هذا الوطن إن غاب لن يشرق مرةً أٛخری .
أعرف أن الکتابة علی الماء في زمن الرياح العاتية ليست کقلم کستنديور بشر الخصاونة علی طاولة الأبانوس خلف جدران الرابع وزجاجه المعزول حتی عن راٸحة ورد عمان أو صوت عصافير الشجر العشواٸية التي تحفظ أعشاشها منذ مٸة عام,عبثاً أٛحاول حتی أجتاز سٶال السراط المستقيم لخانة أضعف الإيمان ,أو حتی کي أبرأ من خطية وطني الذي لم أبدله في عام ٢٠٠٣ بکل مغريات واشنطن وفردوسها ودولارتها , لأنني عشت خمسين عاماً لم أجد معنیً في المعاجم لکلمة وطن ,فقط لأن الوطن بالنسبة لي هو وطنُُ وحسب !.

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير