jo24_banner
jo24_banner

سراويل بلا مغيط

شبلي حسن العجارمة
جو 24 :
 
انتصبت مرجيحة زکريا الأحول المصنوعة من خشب الطوبار في إحدی أحياء عمان القديمة, قبالة سوق عمان المرکزي للخضار القديم ,وفي عام ١٩٧٧م في صباحات إحدی الأعياد أخذني إبن خالتي ثامر المجالي وأنا نصف بدويٍ علی ربع قرويّ, کنت أحمل قرشين ونصف لشوط المرجيحة التي لا تشبه مراجيح قريتي التي کانت تعد من حبال الليف علی أغصان التين العالية ,رکبت إحدی الصبايا من حي الغجر علی بسطة المرجيحة العريضة ,کانت تمسك بيدها أحد إخوتها وتحمل الآخر علی حجرها وأختها الصغری کانت تتعلق بتنورتها الفضفاضة, وعندما وقفت علی لوح المرجيحة وهي تمسك بالحبال سقطت التنورة بيد أختها التي بدأت تصرخ , وقد انکشفت سوأتها ,بدأت الفتاة بالبکاء ,لکنني أذکر زکريا الأحول عندما صرخ بنا , غمضوا عيونکوا عيب , هربت البنت بکل هذا البٶس وزکريا يقول لها "ولك خلي أمك تحطلك مغيطة لسروالك حتی ما يسحل مرة ثانية ".
في إحدی دواٸر الترخيص کنت برفقة صديقٍ لي بدويّ ,کان يرتدي ثوباً أبيضاً نوع الزبدة ,کنا نعبیء استمارة طلب الترخيص ,بدأت ضحکات الحضور من حولنا تتعالی ,زاد صوت الضحك وازداد عدد الضاحکين ,عندما نظرت لصالة الانتظار کانت نطراتهم مسلطة علی نعال صديقي البدوي ,وعندما دققت النظر وإذا بلباس صديقي البدوي قد توسط نعاله ,فهمست له أن وضعك محرج , فرفس لباسه الداخلي بقدمه بعيداً وقد تبجح بعبارة إلمن هذا السروال ?,وعندما رکبنا سيارتنا قال لي رح أطلّق المرة اليوم قلتلها من زمان يا تحطي مغيطة للسروال يا تکسي فيه المخدة .
في إحدی الأعراس کان أحدهم يمازح شاباً يقوم بتوزيع الشاي علی المعازيم فمسك سرواله وقام بشده فسقط سرواله الرياضي علی الأرض فتکشف لباسه الداخلي الذي کان عبارة عن غربال من القماش البالي تمسکه قطعة مطاط رخوة ,سکب الرجل صينية الشاي علی الأرض وأخذ يرفع کل هذا الدمار وهو يزمجر ويشتم ويقول "قلت لمرتي لا تسترخصيلي وتشتري من البياع أبو صرة بنطلون رياضة صيني, وإذا ولا بد حطيلي مغيط أصلي بالدchة .
في إحدی الأمسيات العاصفة بالفکر السياسي والثقافي لنخبة من أستاذة الجامعات وأربعة وزراء ومستشارين ,احتد النقاش بين صفوة من رجال الإعلام , کان الحوار يدور بين الکاتب زيد النوايسة وباسل العکور رٸيس تحرير الأردن ٢٤ الإخباري عندما قال النوايسة "يا ابو سلامة حدا بسترجي ما بشلح سرواله إذا الغرب وإسراٸيل حکوا الکل بده يشلح سرواله?" , أذکر ليلتها في بيت البروفسور حسن البراري صرخ باسل العکور وضرب بيده علی الطاولة بعدما احمر وجهه وقال "يا أخي أقل ما فيها نمسك باطراف مغيط سراويلنا الداخلية ونقول لا ما بدنا نشلح أقل درجات الإيمان ".
کنت أمر علی ربطات المغيط في دکان العم أبو عطالله وأقول لماذا هذا الکم الکبير من علب المغيط ?,في ذاك الوقت کان الرجال يشمرون عن دchات سراويلهم المحکمة المطاط ويعملون طيلة اليوم في الحقل والمرعی ,حتی إذا دخلوا في عراك قرويٕ طويل تسيل الدماء وربما تموت رجال لکن لا يسقط سروال واحد من علی عورة أحدهم .
کبرت أکثر وتلاشی المغيط کعامل رٸيس في شد السراويل وتمکينها لدرجة أنهم استحدثوا سراويل ساحلة بالعمد المتعمد .
أيقنت أنا ما يحدث لفلسطين وشعبها هو غياب المغيط من معارك الاسننزاف وخطط الحروب الدامية التي خسرناها , حتی معاهداتنا کانت من طراز الخصر الساحل الذي لا يحتاج لمغيط بالأصل, حتی تصريحاتنا علی جميع الصعد ذات مغيط صيني رخو ومنها ما هو بلا مغيط ,وربما بلا سراويل داخلية تجعلنا نترحم علی سروال رجل الشاي بالعرس الذي کان غربال لکنه محکم بمغيط علی أقل رخاوة من بنت الغجر التي رکبت المرجيحة وکذلك سروال صديقي البدوي الذي تبرأ منه علی الفور , حبذا لو کان هذا المغيط من النوع الأبيض أبو الشلن أ والبريزة ,لاستمرت البنت بمرجيحتها دون أن تخسر المال والعورة والعيد ,ولاستمر الرجل يوزع الشاي ولبقيت زوجته زبونة للدواج أبو صرة ولما تبرأ صديقي البدوي من سرواله الذي کان بالإمکان إعادة تدويره لکسوة المخدة للاستمتاع بحلم أقل ما يکون له دchة تمنعه من الهروب لوساٸد أکثر آماناً وأمناً!

تابعو الأردن 24 على google news